في الوقت الذي استحوذت فيه قضية دارفور على اهتمام الكل في الداخل والخارج على المستوى الاقليمي ودول الجوار وعلى المستوى العالمي من دول الغرب وإفريقيا، لم يخف دور دول عديدة في الوقوف جنباً إلى جنب مع السودان لحل أزمته تلك، كما أنه لا يخفى أيضاً دور دول عظمى كالولاياتالمتحدة فى تدويل قضية دارفور، فقد كان أكثر وضوحاً وجلياً لا تخطئه العين. وقضية دارفور التى مازالت تعتلى المنابر والجولات لحسمها، فقد اتهم والي شمال دارفور كبر فى تصريحات سابقة إسرائيل بالتعاون مع بعض الدول الإفريقية والوقوف وراء الحملات العسكرية والإعلامية والسياسية الموجهة ضد السودان بهدف تمزيق وحدته، وايضا هناك الموقف السلبى لبعض الدول الشقيقة التى تعاملت مع قضية دارفور بالتهميش، فقد تعاملت بعض دول الجوار مع أزمة دارفور في بدايتها على أنها صراع داخلي يجب أن تحله الحكومة السودانية بمفردها، وعندما تولت قطر مهام الوقوف بجانب السودان كانت مصر حسنى مبارك ترفض وبشدة تولي قطر هذه المهمة، مقللة من توسط الاخيرة وواصفة لها بأنها دولة صغيرة لا يمكن أن تحل مشكلة دارفور التى استعصت على الوسطاء الافارقة فى ابوجا، كما لعبت دول أخرى لها اهداف بعيدة المدى دوراً فى توسيع حدة الخلاف، وبنقل الملف الى الدوحة يرى مراقبون أن الدوحة أحدثت اختراقاً بائناً في قضية دارفور لجملة أسباب، منها انها نجحت في ما فشل فيه الآخرون عبر طي صراعات أخرى في المنطقة، وقدرتها على دعم أي اتفاق يتم التوصل إليه معنوياً ومادياً، ثانيا انها لا تملك أجندة خفية، فضلاً عن علاقاتها المعلومة بالدول الكبرى وفي مقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية التي باستطاعتها المساهمة في إيجاد حل مقبول، وثالثا قدرة المفاوض القطري المالية، فهي تحت كل الظروف بمقدورها تمويل العملية التفاوضية وتوفير الأموال حتى للتعويضات الفردية والجماعية، وإعادة إعمار المناطق المتأثرة بالحرب، وتحقيق سلام عادل وشامل في دارفور بالوقف الفوري لإطلاق النار ونزع سلاح المليشيات، والاهتمام بالأوضاع الانسانية. والواقع ان الحكومة قد وفقت في إنجاح المبادرة القطرية لحل ازمة دارفور، خاصة أن القيادة القطرية مدركة لتعقيدات ملف دارفور، كما أنها تتمتع بإرادة سياسية قوية ووضوح رؤية ثاقبة مما فسره المتابعون بأنه أحد العوامل التي أدت الى نجاح قطر في إدارة ملف الأزمة في دارفور، وأحدثت خروقات كبيرة أدت في الآخر الى ما أحرز من سلام. ويرى أحد المهتمين بقضية دارفور وقريب جداً من الملف، فضل عدم ذكر اسمه ل «الانتباهة»، أن وسائل الإعلام الأجنبية ألقت الضوء على أزمة دارفور بشكل كبير وأعطتها حيزاً لم يكن متوقعاً، وأن هذا الفعل لم يتم بصورة عفوية أو بدوافع مهنية بحتة من قبل تلك الأجهزة، إنما كان عملاً مخططاً بدقة من قبل جهات أجنبية لها أجندة خاصة تريد تحقيقها من خلال ثغرة دارفور، مشيراً إلى أن الدور الذى لعبته الوساطة القطرية فى تقريب وجهات النظر لكل الاطراف أتى أكله من خلال مؤتمر المانحين الذى انعقد الأيام الفائتة بدولة قطر بدعم تجاوز ستة مليارات دولار، وكان له تأثير كبير في طي الملفات العالقة. وهنا نذكر حديث صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر الذي قال إن دولة قطر بقيادة سمو الأمير أخذت على عاتقها تحقيق تلك المسؤولية، وهي مسؤولية كبيرة وجبارة ومعقدة ومتشعبة الجوانب، وأن قطر تصدت للمشكلة باقتدار وسخرت خبراتها وإمكاناتها من أجل أن ينعم أهلنا في دارفور والسودان بالسلام. ومن جانب آخر نجد أن الرئيس البشير أشاد بالدور الذى لعبته قطر في الوقوف جنباً لجنب مع السودان فى كل القضايا وخصوصاً قضية دارفور، فقد أشار إلى محاولة إلحاق الآخرين باتفاقية الدوحة وتطبيقها. ومما تقدم يتضح أن الحكومة السودانية بذلت جهوداً جبارة لا تخطئها العين للوصول الى سلام مستدام فى ولايات دارفور بدءاً من مؤتمر الفاشر للحوار فى 2003م ومرورا بأبشي وإنجمينا بدولة تشاد، ثم بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وكان ختامها توقيع اتفاق سلام دارفور بأبوجا النيجيرية فى الخامس من مايو 2006م، وبعدها الذهاب إلى الدوحة، وأنه بالرغم من العراقيل التي وضعتها القوى الدولية المتربصة بالسودان فإن جهود الوساطة مازالت مستمرة لإنزال اتفاقية سلام دارفور ومخرجات مؤتمر المانحين الى ارض الواقع. ويقول الأستاذ علي محمد آدم أحد أقطاب ولاية جنوب دارفور في تصريح ل «الإنتباهة» إن دارفور مازالت في حاجة للسلام والاستقرار، وتحتاج لبيئة مواتية للتنمية المستدامة، وهي اليوم تعاني شحاً في المياه والخدمات وتقتضي تنظيم الرعي والمرعى والزراعة، وقال إنه إذا أوفى المانحون بدعمهم الذي وعدوا به فإن التنمية سيعم خيرها بقية مدن السودان ويعود على الوطن بأسره، بالإضافة ألى أن الاستقرار له انعكاساته الإيجابية على الوطن كله.