باتت أزمة الغاز تشكل مشكلة حقيقية هذه الأيام فى العاصمة والولايات، مما اضطر المواطن الرجوع الى الماضى «الكانون» والفحم، خاصة فى ظل ارتفاع وغلاء جوال الفحم. ومما لا يدع مجالاً للشك أن استعمال الفحم أمر مكلف جداً وأصبحت الأزمة تشغل المواطن الذي أصبح هو الآخر ضحية في ظل زيادة أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية. وهذا الأمر جعله يصرخ بصوت عالٍ ويطالب بتوفير الغاز من الجهات المسؤولة خاصة وزارة النفط. وبحسب تصريحات الوزارة فقد كشف وزير الدولة بوزارة النفط المهندس فيصل حماد عبد الله أن اكتشافات جديدة فى مجال النفط سترفع انتاج السودان إلى «160» الف برميل فى اليوم بنهاية العام الجاري، فى الوقت الذي وصلت فيه الى البلاد باخرتان محملتان ب «9» آلاف طن من الغاز فى طريقهما للتوزيع، وتوقع الوزير عدم انخفاض أسعار الوقود ومشتقاته الاخرى بعد التوصل الى مصفوفة تطبيق الاتفاقيات التي تم توقيعها مع دولة جنوب السودان أخيراً. أما عن عدم انسياب سلعة الغاز وتذبذب أسعارها فقد اتهم الوزير بعض التجار ووكلاء التوزيع بالتسبب فى ذلك بتخزين الغاز، مؤكداً أن شركات التوزيع تتسلم حصصها كاملة، وأن الغاز متوفر بما يفيض عن الحاجة، ووصف ما يحدث بأنه ظاهرة عرضية. أما اللواء معاش عباس إبراهيم شاشوق صاحب محل لتوزيع الغاز، فقد قال إن أزمة الغاز سببها شح الإنتاج المحلي من البترول السوداني بعد انفصال جنوب السودان، وبعد الانفصال اتجهت الدولة إلى استيراد الغاز من مصر، وقال إن الكميات التى ترد عبر السفن غير كافية مما يسبب أزمة في الغاز، وأكد أن الكميات المطلوبة تقدر ب «1600» طن فى الاسبوع، ولكن الذي يأتي فقط فى الاسبوع هو «800» طن، مما أدى الى حدوث ازمة فى هذه الكميات التى تأخذ الحكومة نصفها وشركات الغاز النصف الآخر، ويصل إلى الوكلاء ربع الكمية الأخيرة، مما أدى الى حدوث أزمة فى الغاز، كاشفاً عن أن الدولة تروج إلى أن الأزمة سببها وكلاء توزيع الغاز وعدم وجود الرقابة، إلا أن واقع الحال يوضح أن السبب هو نقص الكميات الواردة من الغاز فهي غير كافية، وقال شاقوق إن حل هذه الأزمة يكمن في توفير كميات كبيرة منه، كما نفى وجود أي نوع من الجشع من قبل وكلاء توزيع الغاز، وقال إن ارتفاع سعر التوزيع ناتج عن الندرة، مشيراً إلى أن هناك محلات توزيع دخلت في خسارات كبيرة بسبب عدم توفر الانابيب، علماً بأن المحلات تدفع رسوماً وعوائد فى حدود «700» ألف جنيه، بالإضافة إلى أن المحليات تأخذ «400» ألف جنيه سنوياً رسوماً للنفايات، بجانب أجر العامل الذي يزيد عن «500» جنيه. وقد قامت «الإنتباهة» بجولة ميدانية على وسط ولاية الخرطوم وأطرافها، وكان أول حديث لها مع اصحاب مراكز توزيع الغاز بالسوق العربى، حيث أشار محمد عبد الله صاحب محل توزيع إلى أن المشكلة الاساسية فى مسألة الغاز تكمن في عدم وجود مواعين كافية لتخزين الغاز، والأزمة الحالية نتاج لهذا، والغاز أصبح اليوم عنصراً مهماً جداً فى حياة المواطنين، وقال إن لديه الآن اكثر من «200» أنبوبة غاز لم تتم تعبئتها بسبب الندرة والشح فى الغاز. وقال إن هذه الازمة بدأت قبل اكثر من «20» يوماً، كاشفا ان هنالك محلات تم إغلاقها بسبب عدم وجود الغاز. أما حسن علي صاحب مركز توزيع فقد قال إن عملية ترحيل الغاز من ميناء بورتسودان الى المستودع ضعيفة جداً، مما خلف فجوة فى امداد الغاز فى العاصمة والولايات. اما صاحب أكبر محل للتوزيع حاج حسوبة بالسوق العربى، فقد قال إن لديه الآن «545» أسطوانة بمختلف الانواع صغيرة وكبيرة من كل الشركات، ولكن بسبب هذه الازمة والندرة فى الغاز توقف نشاطه فى العمل، وقال إن الازمة بدأت قبل أكثر من أسبوعين ومازالت مستمرة، مطالباً الجهات ذات الصلة بتوفير الغاز. أما عبد اللطيف محمد صاحب محل لتوزيع الغاز بوسط الخرطوم، فقد كشف أن سبب انقطاع الغاز حسب قول وزارة النفط أعمال الصيانة في المصفاة، وتوقع استمرار هذه الازمة حتى نهاية ابريل الحالى. وقال إن ازمة الغاز بدأت قبل أكثر من «20» يوما. اما المواطن حسين عيسى قنطور بسوبا الاراضى، فقد شكا من الحالة السيئة التى تواجه المنطقة هذه الايام بسبب انقطاع الغاز قبل اسبوعين، مما ادى الى عودة المواطنين لاستعمال الفحم. أما المواطن جعفر موسى من سكان بحرى، فقد طالب الدولة بتوفير الغاز للمواطن بأسرع وقت ممكن وتوضيح أسباب انقطاع الغاز. وتحدث صاحب مطعم بالسوق العربى اسمه خالد محمد، وأكد أن سعر تبديل أنبوبة الغاز في أم درمان الشهداء «50» جنيهاً. وقال إنه الآن يعانى معاناة كبيرة فى طلبه، وأشار إلى أن ازمة الغاز تشمل كل مناطق العاصمة.