يبدو أن الاتفاقية أي المصفوفة التي وقعتها الحكومة أخيراً مع حكومة جنوب السودان وحوت الترتيبات الأمنية وضخ البترول وترسيم الحدود وغيرها، أثرت على حسابات قطاع الشمال، إضافة لتأثيرها على تفاوض الحكومة مع ذات القطاع، بجانب أن القرار «2046» الصادر من مجلس الأمن ألزم الحكومة بالتفاوض مع قطاع الشمال، إضافة لذلك فإن المصفوفة وما حوته من اتفاقيات جعلت موقف قطاع الشمال ضعيفاً، وذلك بفقدانه الدعم الذى كان يتلقاه من جنوب السودان والدول الأخرى المعادية للسودان، وفي ذات المنحى وجهت الآلية السياسية رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الإفريقي برئاسة ثامبو أمبيكي، الدعوة لقطاع الشمال لبدء المباحثات التي ستعقد اليوم، حيث غادر أمس وفد الحكومة إلى المفاوضات مع قطاع الشمال بشأن المنطقتين بقياده إبراهيم غندور إلى أديس أبابا حسب الموعد المحدد من قبل الوساطة الإفريقية رفيعة المستوى، فيما اعتمدت الرئاسة وفد التفاوض الذي لم يشهد تغييراً كبيراً في عضويته، حيث حوى العناصر الأساسية التي قادت المفاوضات السابقة مع بعض الإضافات التي تمثلت في إشراك كل القوى السياسية في جنوب كردفان والنيل الأزرق، عبر ممثل لها. وفي ذات السياق قال غندور إن المفاوضات سوف تلتئم برعاية الوساطة الإفريقية وسوف يكون التفاوض حول المنطقتين وفقاً للقرار الأممي، في وقت صرح فيه حسين حمدي عضو الوفد المفاوض للصحافيين بأن الأمر لم يحسم بعد فيما يتعلق بكيفية التفاوض، وهل سيكون مباشراً أم عبر الوساطة، موضحاً أن المفاوضات ستجري على مراحل، المحور الأول الجلوس إلى القيادات السياسية، مبيناً أن المبدأ الأساسي هو توسيع قاعدة المشاركة، فيما أكدت الحركة استعدادها للتفاوض بوفد يضم «15» عضواً برئاسة ياسر عرمان. وفي غضون ذلك تمسكت الحكومة باتفاقية «نيفاشا» وبروتكول منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان كمرجعية للتفاوض مع قطاع الشمال، وأكد القطاع السياسي للحزب في اجتماع سابق برئاسة نائب الرئيس الدكتور الحاج آدم يوسف أن الحوار سيكون قصراً على الولايتين وأبناء المنطقتين من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والإدارات الأهلية، حالياً التفاوض سوف يتم حسب مفاوضات نيفاشا، وقال المتحدث باسم حزب المؤتمر الوطني الحاكم، ياسر يوسف إن حزبه لا يعبأ برئاسة ياسرعرمان لوفد مفاوضات الحركة الشعبية بشأن المنطقتين، في إشارة إلى عدول الحزب عن موقفه السابق الذى كان أعلن فيه رفضه وجود عرمان على رأس المفاوضين، باعتباره لا يمثل المناطق المتفاوض عليها، وقال الفريق ركن د. عبد الباقى محمد كرار إن المصفوفة الأمنية التي تم التوقيع عليها بعد موافقة الطرفين عليها بجانب زيارة الرئيس عمر البشير لجوبا ومقابلته للمسؤولين، إضافة لتفويض نائب رئيس من الدولتين لمتابعة إجراءات المصفوفة، هذه جميعها جعلت قطاع الشمال يلجأ للتفاوض مضطراً نسبة لفقدانهم الدعم الذي كان يسندهم ويقوي ظهورهم عبر جنوب السودان ودول أخرى، لذلك كان أمامهم خياران: العسكري أو التفاوض. وأضاف: وفي اعتقادي ليس في مصلحتهم رفض خيار التفاوض مع الحكومة. وأضاف: من المتوقع أن تصدر حكومة الجنوب قراراً يقضي بنقل قطاع الشمال للشمال، أما تمسك الحكومة باتفاقية «نيفاشا» وبروتكول منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان كمرجعية للتفاوض مع قطاع الشمال، فهذا يوضح بأن نية الحكومة أن يميز قطاع الشمال نفسه، هل هو حزب أم حركة، فإذا كان حزباً، فسوف يخضع لقانون الأحزاب الأخرى، ولديه جناح سياسي، وليس عسكرياً، مع العلم أن انتقال قطاع الشمال للشمال سوف يفقدهم الجناح العسكري، وأضاف الفريق ركن أن قطاع الشمال عبارة عن حركة متمردة، ونأمل أن يعمل هذا التفاوض على وقف العدائيات بجنوب كردفان والنيل الأزرق، وبالتأكيد وقف العدائيات مرهون بإرادة الأطراف المتفاوضة. وأضاف: حالياً يعتقد الكثيرون أن المفاوضات تنهي كل الإشكاليات مع الجنوب، لكن الثابت أن دولة الجنوب قبلت التفاوض بغرض تخفيف الضغط المادي والاقتصادي، ولتنفيذ أغراض أخرى، وكل هذا بالطبع متروك لإرادة الطرفين شمال وجنوب السودان عليها، لذلك ينبغي أن تكون القوات المسلحة مستعدة لكل الاحتمالات. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ستنجح تلك المفاوضات أم سوف ترجع العلاقات لنفس النقطة التي بدأت منها، وهل سيعمل التفاوض مع قطاع الشمال على إيقاف قتل الأبرياء بجنوب كردفان والنيل الأزرق الذي اعتاد عليه قطاع الشمال؟