صور جديدة من الإفرازات المجتمعية بدأت تطفو على الساحة بصورة مقلقة أدت إلى إبداء المزيد من القرارات إن كانت من قبل الجهات المختصة أو المتخصصين في علم السلوك والمجتمعات. وقد دقت ناقوس الخطر لدرجة أن بعض الجهات ذات الاختصاص أعلنت عدم مقدورها لوحدها محاربة الظاهرة. وفي تصريح مخيف لرئيس شعبة أصحاب الصيدليات د. نصري مرقس أكد فيه تنامي ظاهرة الروشتات المزورة التي تستهدف أنواعاً محددة من العقاقير الطبية، وقد أماطت الشعبة اللثام عن روشتات وسط المواطنين استهدفت نوعاً معيناً من الأدوية يعرف بالاثينزول، وهو مخدر، مما أدى إلى انعدام هذا النوع من الأدوية في الصيدليات المختلفة، نسبة للطلبات الكبيرة المستهدفة لهذا النوع من العقاقير. وقد أكد مدير الشعبة ضبط كميات كبيرة من هذه الروشتات التي أتى بها أشخاص لشراء الأدوية خاصة المخدرة، وأنه قد تم إيقافهم عن الشراء أي رفض الصيدليات أن تبيعهم العقار المطلوب، فيما جدد توقعاته عن حصول ندرة في هذه الأدوية المستهدفة من قبل أصحاب الروشتات والتي سماها بالمزورة، فيما أشار إلى انخشاع أزمة النقد الأجنبي التي كانت تواجه مستوردي الأدوية من الخارج. وحول ما إن كان هذا الاستهداف لنوع معين من الأدوية تكمن وراءه عمليات إجرامية أو غير أخلاقية بحسب بعض الآراء التي أشارت إلى ذلك، أكدت الدكتورة الصيدلانية شادية بشرى وجود الظاهرة منذ زمن ليس بالقريب. وقالت إنه من المؤسف ألا يكون هناك جهاز رقابة على الأدوية عبر الصيدليات، كما أشارت إلى وجوب تعامل الصيدلاني بحكمة مع الحالات المذكورة إضافة إلى ضرورة إلمامه بأنواع الأدوية التي تصرف بدون روشتة، وما تعرف بأدوية ال(otc) محذرة من التساهل في التعامل مع الأدوية المهدئة بطيبة خاطر. وللحيلولة دون الوقوع في الفخ أشارت إلى أن التعامل مع الروشتات التي تحمل هذه النوعية من الأدوية أن يتم بحذر شديد بالتدقيق في تاريخ الروشتة، ومعرفة ما أنه تاريخ قديم أو جديد، لأن تلك الأدوية مهدئة ومن أضرارها أنها تؤدي إلى الإدمان. ورمت دكتورة شادية بجزء من اللأئمة على الصيدلي في أن واجبه ليس البيع فقط، وإنما عليه يقع عبء الإحاطة وتفنيد نوعية الروشتات التي ترد إليه. وطالب طبيب صيدلاني فضل حجب أسمه الدولة بالمساهمة في عملية استيراد الأدوية، وأشار إلى أن ظاهرة غلاء الأدوية هي من الآثار المترتبة على الكنترول الاقتصادي الجاف الذي تفرضه الحكومة على مستوردي الأدوية، مما أدى بدوره إلى انعدام بعض الأدوية المنقذة للحياة والرئيسة في علاج بعض الأمراض، كالأمراض النفسية وغيرها من التي أصبح ذوو المرضى يبعثون الروشتات إلى الخارج بهدف توفيرها من صيدليات من خارج السودان. وأشار إلى أن ظاهرة الروشتات المغشوشة قديمة، ولكن عملية استهداف الأدوية المهدئة والمخدرة نتجت حديثاً من خلال بعض الأطراف التي تتعامل مع هذا النوع من الأدوية. فيما أشارت دكتورة شادية إلى أن درجة التثقيف الدوائي التي يمتاز بها الشعب السوداني واحدة من الأشياء التي تصعِّب من عملية السيطرة على الأدوية. وقالت إنه من المؤسف أن أصحاب الأمراض النفسية هم الأكثر استعمالاً لهذا النوع، وصاروا يستخدمونه عقب الشفاء بغرض الإدمان، كما أنها أشارت إلى استعماله بكثرة من قبل ستات الشاي لجلب المزيد من الزبائن عن طريق الإدمان. ولوضع ضوابط مشددة لتناول هذه النوعية من الأدوية أشارت إلى أنه من الضروري أن يتم التعامل مع الروشتات الموثقة من قبل اختصاصي الأمراض النفسية والعصبية للحيلولة دون نجاح الأطراف التي تستغل العقار وتحوله من دوائي إلى إدماني. وفي نفس الوقت استبعد الطيب حسين صيدلاني أن يكون هناك غرض من الصيدلي بالمساعدة في عمليات إجرامية بصرفه لهذا النوع من الأدوية، وقال إن الأطباء رسل إنسانية ولا يمكن أن يتسببوا في إيذاء المجتمع، كما أنه أكد وجوب جهاز رقابي للحيلولة دون تداول هذه الأنواع من الأدوية بصورة عشوائية، في الوقت الذي أشارت فيه دكتورة بشرى إلى قيام الرقابة الصيدلانية بدورها بكفاءة عالية في إبعاد وإغلاق الصيدليات التي لا تلتزم بضوابط وأخلاقيات المهنة بتشغيل الأطباء الصيدلانيين دون غيرهم. رغم هذه الجهود التي ذكرها الاختصاصيون الذين تحدثوا عن الظاهرة إلا أنها تقف علامة فارقة ونقطة تحدٍ تواجه المجتمع بأكمله، مما يستدعي بدوره استصحاب جميع الجهود لوضع حد لهذا الخرق المجتمعي وإرجاع الأمر إلى ما كانت عليه بتبني وزارة الصحة الإشراف بنفسها وتباشر مهام المسؤولية الدوائية حتى لا يفقد المجتمع قوته المساهمة في بقاء الدولة.