منذ أكثر من عامين شهد العالم أزمة غذائية كبيرة أثرت على الدول وارتفعت جرائها أسعار السلع الغذائية الأساسية إلى مستويات غير مسبوقة وعانت كثيرٌ من الدول والشعوب من المجاعات وسوء التغذية، أحد أسباب هذه الأزمة إضافة إلى التقلبات الطبيعية في المناخ توجهت بعض الدول الصناعية حينها إلى التوسع في استخدام وقود الإيثانول المستخرج من المحاصيل الزراعية لا سيما الذرة، خلال هذه الأزمة تعالت الأصوات لتوجيه مزيد من الاستثمارات إلى القطاع الزراعي وتحمس كثير من رجال الأعمال والمستثمرين للولوج والدخول في مجال الاستثمار الزراعي.. وفي إطار التعاون والتكامل الاقتصادي العربي عُقدت عدد من الملتقيات والمؤتمرات طرح من خلالها مبادرة للأمن الغذائي من قِبل خادم الحرمين الشريفين التي تستند بالأساس إلى تشجيع مشروعات الأمن الغذائي، في المجال الزراعي والحيواني والصناعات الغذائية التي توقع لها العديد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين النجاح الكبير إمكانات السودان الزراعية الضخمة، وما يمتلكه من موارد طبيعية هائلة من المياه والأراضي والثروة الحيوانية التي تؤهله للإسهام لسد الفجوة الغذائية في العالم العربي، بجانب تلبيته لحاجة الدول العربية في مجالات إنتاج وتصنيع وتصدير الحبوب (كالقمح والأرز)، واللحوم، وزيوت الطعام، والسكر والأعلاف الخضراء. كما عقد مؤخراً في مدينة الرياض الملتقى الاقتصادي السوداني السعودي لإتاحة المزيد من الفرص الاستثمارية في عدد من المجالات وإعطاء ميزات تفضيلية للمستثمرين ورجال الأعمال السعوديين وكان ثمار هذا الملتقى زيارة رجل الأعمال والمستثمر السعودي الشيخ سليمان الراجحي للولاية الشمالية في بداية الأسبوع الحالي ورغبته في استثمار (150) ألف أفدان غرب مدينة الدبة في مجال زراعة التمور والقمح والإنتاج الحيواني. ووقف المستثمر السعودي الراجحي على فرص الاستثمار بمحلية الدبة بالولاية الشمالية بمرافقة د. مصطفى عثمان إسماعيل وزير الاستثمار كأول مستثمر يأتي للسودان عقب مؤتمر الاستثمار السعودي السوداني الذي عقد بالرياض، وقال عصام علي عبد الرحمن معتمد محلية الدبة إن المحلية قامت بكافة الترتيبات الخاصة بالخريطة الاستثمارية، موضحاً أن المستثمر الراجحي يرغب في استثمار (150) ألف فدان غرب مدينة الدبة، مؤكداً استعداد الولاية والمحلية لتسهيل الإجراءات وإزالة المعوقات لجذب الاستثمار بالولاية، وأوضح أن تجربة الولاية مع شركة أمطار الإماراتية ستحقق نجاحات كبيرة في مجال الاستثمار الزراعي وخاصة في مجال العلف، مشيراً إلى أن الشركة تتأهب الآن للإنتاج بعد اكتمال ترتيبات الزراعة في مساحة (135) ألف فدان غرب مدينة الدبة، وقال إن مجيء الشيخ سليمان الراجحي للولاية الشمالية يعتبر مبشرًا ومحفزًا للمستثمرين الأجانب، موضحاً أن الراجحي من المستثمرين العرب القلائل الذين يقدمون الدعم الاجتماعي وعمل الأوقاف من خلال استثماراتهم، مؤكداً أن الولاية ستسلم الراجحي ملفاً متكاملاً عن الخارطة الاستثمارية بالولاية للاستفادة من خبرات شركته في مجال الاستثمار. وفي ذات السياق قال الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم د. محمد أحمد إن الاستثمار في السودان هو خطوة نحو التكامل الاقتصادي العربي وهذا هو الهدف الأساسي من قيام الملتقى الاستثماري السوداني السعودي الذي عقد مؤخراً، فهو يفرض مقوماته في انسجام النظم السياسية في البلدان العربية المختلفة من حيث نظام الحكم، فلذلك أعتقد أن الاستثمار السعودي في السودان هو خطوة نحو تكامل عربي ما لم يكن هنالك تناسق أو انسجام فيما يخص النظم السياسية في البلدان، عموماً هنالك مقومات للاستثمار في السودان خصة الاستثمار السعودي وغيرها وأعتقد أن ما أشرت إليه من معوقات لا يجعل الاستثمار استثمارًا واعدًا ويمكن أن تستفيد منه البلاد. وقال أحمد إن قانون الاستثمار الجديد عالج المشكلات التي كانت تواجه وتعترض عمل المستثمرين في السابق بل اشتمل على قانون يحوي العديد من السمات الجديدة التي من شأنها أن تحقق طفرة نوعية في إدارة العملية الاستثمارية بالسودان ومن أبرز تلك السمات عدم التمييز بين المستثمر الأجنبي والسوداني أو لكونه قطاعًا عامًا أو خاصًا، بجانب إنشاء نظام النافذة الواحدة لخدمة المستثمر، وجواز الإعفاء من ضريبة أرباح الأعمال للمشروعات الاستثمارية الإستراتيجية، وإعفاءات محدّدة من بعض الرسوم، وعدم التأميم أو الحجز أو المصادرة أو الاستيلاء على أصول وعقارات المشروع، إضافة لتسهيلات في تحويل الأرباح واستيراد المواد الخام.