كشفت دراسة بريطانية أن المرأة تقضي خمس سنوات من عمرها وهي أمام المرآة لمجرد أن ترى نفسها أو لأغراض استخدام المكياج وعلاقة المرأة بالمرآة ترجع لأزمان بعيدة فأقدم مرآة استخدمها الإنسان كانت على الأرجح برك الماء الساكن الداكنة اللون أو الماء المجموع في أوانٍ بدائية، أما أقدم مرآة مصنعة فكانت قطعاً من الحجارة المصقولة مثل السبج وهو نوع من الزجاج البركاني الطبيعي، ووجدت بعض المرايا السبجية في الأناضول ويعود تاريخها إلى «6000» سنة قبل الميلاد. بعض الفتيات تربطهن علاقة وثيقة بالمرآة فهي لا تفارق حقائبهن اليدوية ساعات العمل والدراسة ونجدها تحت وسائدهن بالمنزل بصورة مستديمة ينظرن لوجوههن بين فينة وأخرى وبعضهن يفضلن المرآة «الإستاند» التى تظهر جميع الملامح وخاصة عند خروج إحداهن فهي تتأكد من زيها وثوبها وهي على أهبة الاستعداد للخروج.. «الملف الاجتماعي» أجرى استطلاعًا وسط عدد من الفئات لمعرفة رأيهم في علاقة المرأة بالمرآة.. كتبت: سحر بشير سالم افتتحت لنا شرفة الحديث في هذا الموضوع الأستاذة نجوى الطيب حيث أكدت في حديثها حميمية العلاقة بين الأنثى والمرآة وأضافت: عن نفسي تربطني علاقة وطيدة بيني وبين مرآتي حيث لا تفارق حقيبة يدي وتبدأ رحلتي معها منذ الاستيقاظ من النوم وفي غرفتي يوجد عدد منها في الجدران والدولاب وعند مدخل «الهول» لإلقاء النظرة الأخيرة قبل الخروج من المنزل وفي مكان العمل لا بد لي من النظر في مرآتي بين لحظة وأخرى خاصة بعد الوضوء للصلاة ولا أتخيل نفسي بدونها. الأستاذ عبد القادر الزين طه معلم بالمرحلة الثانوية كانت له طرائف تخص علاقة الأنثى بالمرآة حيث قال: بعض طالبات «الزمن ده» يعتبرن حمل المرآة في حقائبهنَّ أهم بكثير من حملهن لكتبهن الدراسية وفي مرات عديدة وأنا داخل الصف أُفاجأ بسقوط المرآة أرضًا خاصة إذا كانت حصتي الأخيرة. وفي ذات مرة طلبت من إحدى التلميذات كتاب المادة التي أقوم بتدريسها فناولتني له وفي أثناء تصفحي له سقطت منه مرآة أرضًا فعج الصف بالضحك ولم أتمالك نفسي من الضحك معهن. الحاجة فاطمة البدري التقيناها بالمحطة الوسطى بحري في محل «بوتيك» فسألتها عن علاقة الأنثى بالمرآة فقالت: قديمًا كانت الأنثى لا تنظر «للمنضرة» إلا للضرورة وعند وضعها «للمرواد» في عينها وبعد أن تصل مرحلة عمرية معينة ولكن فتيات هذا الزمن «قاهرات» فالواحدة منهن تحمل المرآة «عينك عينك» وعلى مرأى من ذويها تقوم بوضع المساحيق والكريمات دون خجل أو حياء. الدكتورة رباب أفادتنا قائلة: لا تربطني علاقة كبيرة بالمرآة حيث إنها تبدأ وتنتهي عند وضع الماكياج ولا أذكر أنني أطلت الوقوف أمامها وأستغرب كثيرًا عند رؤيتي لرصيفاتي وهن يقفن أمام المرآة قبل الخروج من المنزل مدة طويلة سواء للدراسة أو الزيارات الأسرية وأكثر ما يحيرني أختي التي تكبرني فهي تكثر الوقوف أمام المرآة بعد عودتها من زيارات الأقارب لترى نفسها كيف كانت تبدو في تلك الزيارة وتعيد بعض العبارات التى ذكرتها في تلك الزيارة، أما أنا حتى لو قمت بوضع الكريمات على وجهي فلا أنظر لنفسي في المرآة وأحمد الله أنني صاحبة وجه مقبول إن لم يكن جميلاً. ابنتي تبلغ من العمر تسعة عشر عامًا وكثيراً ما أتضجر من كثرة وقوفها أمام المرآة، هكذا ابتدرت سمية البشرى حديثها ثم استرسلت قائلة: في مرات عديدة أستيقظ من نومي ليلاً فأجد غرفة ابنتي مضاءة وعندما «أتسلل» إليها أجدها تقف أمام المرآة وهي تستعرض نفسها وملامح وجهها ولم تفلح معها كل محالاوتي بالزجر واللين للتخلي عن تلك العادة وحتى عند استعدادها للذهاب للجامعة تمكث قرابة الساعة وهي تنظر لنفسها في المرآة. رأي علم النفس.. أفادنا الاختصاصي النفسي زكريا آدم محمد صالح في هذا الموضوع قائلاً: تبدأ العلاقة بين المرأة والمرآة منذ الطفولة، وهي عبارة عن عادة سلوكية متعلمة ومكتسبة من البيئة المحيطة عن طريق المحاكاة والتقليد والتكرار والممارسة اليومية للمشاهدة عبر المرآة تتحول هذه العادة إلى جزء أصيل من الأنشطة الحياتية اليومية وبالتالى يصبح سلوكًا شخصيًا يصعب التخلص منه، ونجد أن درجة تقبل الذات لدى الأنثى تختلف من امرأة لأخرى ويتأثر بالمستوى النفسي السلوكي وطبيعة الإحساس بالذات وما يدخل داخل النفس من صراعات بمفهوم الذات وأبنية الشخصية. فمثلاً هناك الذات الواقعية أو الحقيقية «أنا كما أنا» والذات الاجتماعية «أنا كما يراني الآخرون» والذات المثالية «أنا كما أريد أن أكون». لذلك أن المرآة دائمًا تعكس الذات الحقيقية ولكن الأنثى دائمًا تسعى لتحقيق وإشباع الذات الأجتماعية والمثالية بعيدًا عن الواقعية. ومن الفترات التي تزداد فيها حميمية علاقة الأنثى بالمرآة هي فترات الزواج الأولى والمناسبات وفترة المراهقة تعد من أكثر الفترات تتعلق فيها الأنثى بالمرآة وذلك بسبب الإحساس العالي بالأنوثة والنمو النفسجسمي والتغيرات الهرمونية والنفسية لجذب انتباه الطرف الآخر. وعلى العكس تمامًا مرحلة الشيخوخة لدى الأنثى تكاد تنعدم فيها الميول تجاه المرآة في حياة الأنثى. إن فكرة الأنثى عن ذاتها كل ما تقوله لنفسها هو ما ينعكس على صورتها في المرآة وترى نفسها وفقًا لذلك حيث نجد بعض الإناث يقضين الساعات الطوال أمام المرآة وعندما يخرجن نجد بعض الناس لا تعجبهم صورتهنَّ ويتساءلون لماذا فعلت بنفسها كل ذلك «ماعندها مراية في البيت؟» في الوقت الذي تكون فيه في تمام الرضى بما فعلت. خلاصة القول ثقة الأنثى في نفسها ورضاها عنها وقبولها لذاتها بدون أي شرط وعدم تأثرها بآراء الآخرين وأتجاهاتهم، تعكس صورتها الطبيعية أمام مرآة النفس وهي المرآة الحقيقية التي يجب التوقف عندها لتحسين وتجميل صورتها لترى عيوبها وتعمل على علاجها.