بقلم : كمال عبد العزيز الصافي أحمد في سماء قرية الشيخ مصطفى الفادني بزغ فجر المروءة والشجاعة والتضحية والفداء والتي تجسدت معانيها في ذلك الشاب، نموذج متفرد لابن البلد الأصيل الذي لا يتوانى عن تقديم يد العون لكل من يحتاج إليه، يباشرك بابتسامة القادر على دخول قلبك من أول لقاء، ميال إلى التضحية منذ أن كان صبياً يلعب مع أقرانه، يشهد له كل من في الفادني بذلك، يذكرونه والعبرة تخنقهم قالوا عنه: كريم، متواضع، أكثرهم مروءة، أقربهم إلى الله بتقواه وصلته بربه، أشدهم حباً لفعل الخير، لا يتوانى عن مساعدة المحتاجين رغم ظروفه المادية المتواضعة. متشبه بأخلاق الصحابة الكرام «يؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة»، هكذا كان الشهيد خالد حسب الرسول في قريته المشعة بنور القرآن، إلى إن نادى المنادي: « أن حي علىي الجهاد» فكان ممن اختارهم الله ضمن المجاهدين في سبيله، سجل نفسه في كتائب الدفاع الشعبي «لواء القعقاع» المتحرك إلى مناطق العمليات آثر أن تكون النية خالصة لله لا يعكر صفوها حب في الدنيا أو رياء، لم يخبر أحدًا بمراده في الجهاد، شارك صديقه في يوم عرسه وبعدها غادر إلى ارض اللحاق حاملاً معه حب الوطن والذود عن حياضه، ورفع راية الإسلام وحماية مقدسات المسلمين من أيدي من دنسوها في الجنوب وأرادوا أن يدنسوها في الشمال. وصل إلى مناطق العمليات ولم يتزحزح قلبه ولم يتراجع أو يتذكر ملذات الدنيا.. فالهم اكبر والقضية أولى من كل مغريات الحياة، تقدم إلى الصفوف الأمامية بشجاعته المعهودة، كانت كلمة ذلك الشيخ الجليل وهو يداعبه ترن في أذنه حينما مسح على رأسه قائلاً «اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة» عرف منذ ذلك الوقت وبإحساس المؤمن حين يصفو قلبه أن وقت الرحيل قد دنا، واسر بها لبعض أصحابه. يوم استشهاده: حكى بعضٌ ممن كان حاضراً ذلك اليوم حينما كان الشهيد ورفاقه الكرام في طريقهم إلى شرق الاستوائية في يوم الخميس 16/ نوفمبر/1995م وفي منطقة الميل «72» حدث كمين غادر على ركب الشهيد وإخوانه وارتكز المجاهدون في شجاعة وإقدام، حتى آن وقت الرحيل، فكان الشهيد ضمن من اختارهم رب العزة إلى جواره بطلقة في صميم القلب، جعلت جسده الطاهر يرتاح من عناء السفر الطويل، وتجلت صورة الشهيد في مشهد رسمه الشيخ النابلسي بقوله : سكن الفؤاد فعش هنيئًا يا جسد هذا النعيم هو المقيم إلى الأبد أصبحت في كنف الحبيب ومن يكن جار الحبيب فعيشه العيش الرغد عش في أمان الله تحت لوائه لا خوف في هذا الجناب ولا نكد ولبست ارض الفادني حلة الشرف، فمثل خالد لا يعرف الرياء ولا يرضى بأقل من مكانة الشهداء، كيف لا وهو الذي أوصى إخوانه بتقوى الله ودوام أداء الصلاة في المسجد وهو الذي أوصاهم بالعلم وعدم ترك الدراسة مهما تكن الظروف. طوبى لخالد بلقاء ربه، وطوبى لأهله الذين تقبلوا استشهاده بروح المؤمن الصابر، ولم يجزعوا ولم يرتابوا لأن مثله يستحق أن ينال الشهادة فهو العزيز في حياته وباب للرحمة بعد استشهاده، وهو المشفّع في سبعين من أهله إن شاء الله.