فجع أهلي وعشيرتي في مسقط رأسي قرية مجمع قوزالناقة برحيل واحد من رموزها عمنا سليمان محمد الحسن الشهير ب (كبجن) والذي يعتبر شيخ المجاهدين في السودان بعد أن استجاب لنداء الوطن وقدم نفسه للدفاع الشعبي وهو في النصف الثاني من عقده السادس مصطحباً معه خيرة شباب قريتنا متقدماً الصفوف في أحراش الجنوب في لواء القعقاع بداية التسعينيات حاملا سلاحه الناري يقاتل الأعداء ومشاركاً في الدعم المعنوي للمقاتلين وهو ينظم الشعر الذي يدعو للجهاد والتضحية من أجل الوطن. تحدى عمنا سليمان تقدم العمر وتحول إلى شاب كله حيوية ونشاط فأصبح قدوة لشبابنا الذين انضموا لكتائب الجهاد فقدمت قريتنا سبعة شهداء على رأسهم ابن أخي عباس يحيي عبد الرازق، الذي استشهد وهو في العقد الثاني من عمره حتى لقبت قريتنا بأنها قرية الشهداء بولاية الجزيرة ومازال هناك أعداد يقفون على الثغور يد تحمل السلاح وأعين لاتنام لتحمي السودان . كان عمنا سليمان رجلاً طاهراً وعفيفاً نظيف القلب واليد عاش فقيراً ومات فقيراً لسانه يردد دائماً (هي لله هي لله لا للسلطة ولا للجاه ) فطبقها حقيقة فلم ينل منصباً ولا جاه رغم أن الولاة المتعاقبين علي ولاية الجزيرة يعرفون مجاهداته وآخرهم الوالي الحالي الدكتور الزبير بشير طه الذي يعرف جيداً عمنا سليمان وأولادنا الذين كانوا برفقته عندما كان في الجهاد. وكنا نتوقع أن يتم تكريمه حياً وهو الذي ظل يوجد في كل الأحداث بلبسه الجهادي رغم تقدم عمره يصارع السنين والمرض حتى أجبره على الجلوس في آخر أيامه . وظل عمنا سليمان يقوم بدور المؤذن في مسجدنا العتيق بصوته الجهور وكان يتمنى أن يمنحه الله شرف الاستشهاد لكن كان حاله حال سيدنا خالد بن الوليد الذي شارك في كل معارك المسلمين وكان يتمنى الشهادة لكنه مات في فراشه وأطلق مقولته الشهيرة قبل خروج الروح (شاركت في أكثر من مائة معركة حتى لم يبق في جسدي شبر إلا وفيه طعنة رمح وضربة سيف وهأنذا أموت على فراشي كما تموت العير فلا نامت أعين الجبناء). ولكن نعلم أن الله سيتقبله شهيداً فلكل أمر مانوي وإن لم يجد التكريم في حياته نأمل أن يجده من ولاية الجزيرة ومحلية الحصاحيصا وقيادة الدفاع الشعبي المركزية خاصة وأن نائب المنسق العام للدفاع الشعبي السيد عبدالرحمن محمد موسى يعرفه جيداً ويعرف تضحياته بإنشاء مرفق خيري يكون صدقة جارية له لأنه رجل يمثل رمزاً للوطن. رحم الله عمنا سليمان ونسأله أن يسكنه فسيح جناته مع الشهداء والصديقين وأن يصبر أبناءه محمد وعليش والنور والرشيد وشقيقيه أحمد وفضل وكل أهلنا وعشيرتنا التي فقدت رجلاً عظيماً والعظمة لله. حروف خاصة من أشهر قصائده (أوعاك ياجون تدخل الغابة جاينك رجال زي الأسود تتشابا. فيهم علي الكرار والفاروق ومعاهو صحابة والموت حقنا والله مابنتغابا. وفي أزمة حلايب قال( حلايب نحنا مابنديها وراجين الكريم ربنا يوقيها.) رئيسها عمر والزبير واليها ماتهدك مصر الأمريكاني مابجيها.