وما زلنا عن أندونيسيا نحدث.. والحديث عنها ذو شجون .. ونحمد لزيارتنا أننا جعلتنا ننظر للعالم من نافذة أخرى.. ذات واقع مختلف قليلاً.. فأندونيسيا ذات المناخ الإستوائي جعل من الأمطار صديقاً حميماً لها.. فالأمطار هنا من سبتمبر إلى مارس. تهطل بشكل يومي. تعايشت أندونيسيا معها بإنشاء المصارف والاستفادة من الأمطار في تخزين المياه الجوفية.. لذا تهطل الأمطار بكثافة.. ولكن لا تلمس لها أثرا بعد وقوفها بفعل التصريف الجيد لها.. من يكون في «حالتنا» يتوقع مباشرة «الإجازة» بفعل غزارة الأمطار.. وهو محق في توقعه.. فما نشاهده حقيقة في واقعنا.. يجعل مثل التوقع «مباحاً»... هنا العمل مستمر وكذلك الإنتاج. فمنظر الناس بمظلاتهم وهم يخرجون.. يطرد أي احتمال بتوقف العمل بفعل الأمطار.. الطبيعة في أندونيسيا جميلة حقاً.. منظر الجبال الخضراء يبعث في النفوس تأملا لا يكاد ينقطع.. السحب تعانق الجبال.. في صورة تمجد الخالق.. وتجعل اللسان يتحرك عفوياً بالتسبيح والتمجيد.. مزارع الأرز بمدرجاتها صورة جمالية أخرى.. تجعلك.. تنظر بإعجاب... الخضرة في كل مكان... منظر السياح.. وهم يحملون كاميراتهم لتوثيق تلك المناظر يشعرانك.. بروعة المكان وشعور الإعجاب المشترك، الكل يحب التوثيق، وفاه الدهشة يفغر فاه دائماً هاتفاً بالجمال ومسبحاً لصانعه، فالجمال المتنوع والخضرة التي يلبسها المكان كل ذلك يجعل البشر على النفوس.. طاغياً.. اكتفينا من أندونيسيا بمدن عدة.. على أن كلاً منا يحدث عن الجمال والطبيعة في مدن أخرى.. يحكون لنا عن الجمال المدهش.. عن عظمة الخالق، عن أشياء يحسبها البعيد خيالاً ولكنها حقيقة وواقعاً. فقد استفادت أندونيسيا أيما استفادة من تلك الطبيعة فطورت سياحتها وأبرزت وجهها الجميل للعالم الخارجي، لا غرو أن يتوافد الجميع إليها زرافات ووحدانا من مختلف الدول... فالكل عندهم يعرف أندونيسيا بروعة المكان... وجاذبية المواقع. زرنا متحف آسيا وإفريقيا في باندونق «الفتية».. الموقع يشعرك برهبة التاريخ.. وعبقرية المكان.. فللأندونيسيون شغف واضح بالتاريخ وصانعيه.. لذلك حافظوا على ذلك الإرث والتراث داخل مبنى ضخم.. يحتفظ بكل شيءعن مؤتمر باندونق.. وحتى منديل الزعيم أزهري لا يزال يأخذ مكانه «التاريخي» رغم تغير الرموز واختلاف الألوان جلهم يعرفون أزهري.. ويحبون الزعيم سوكارنو حباً عميقاً.. والدرس يظهر على حقيقته.. وأحدهم يسألني عن صاحب المنديل فأجبته.. هو كسوكارنو عندكم.. فكما كان استقلالكم عن طريق الزعيم سوكارنو.. فإن استقلالنا كان عبر ذلك الزعيم أزهري.. ومن الطبيعي أن تنهض أندونيسيا للمستقبل باحترامها للماضي وتمجيد الرموز.. ولا يزال مؤتمر باندونق يتجدد في أبريل من كل عام بتمثيل صوري للشخصيات وكل الحضور.. فهم يدعون كل جاليات الدول المشاركة في المؤتمر حينها.. ويكون المؤتمر فرصة لاستلهام التاريخ وتجديد الذكري والانطلاق مرة أخرى نحو المستقبل.. مع التجديد والاحترام والالتزام للمبادئ العشرة لمؤتمر باندونق الشهير التي كان من بعض فقراتها احترام سيادة الدول والشعوب... والأندونيسيون بطبعهم يكنون حباً واحتراماً كبيرين للأجنبي.. ولهم ود خاص للعرب بشكل خاص تلمس ذلك واضحاً من التعامل اللطيف معك.. لذا فإن الزائر لأندونيسيا يأخذ معه دائماً ذلك التعامل الجميل ويتذكر أندونيسيا بشعبها الطيب فقد يجبرك التعامل على إزالة كل حاجز من شأنه أن يجعلك غريباً بينهم.. ولا غرو إذ أن كل زائر لأندونيسيا حتماً سيرجع إليها.. هكذا يقولون.. كاتب صحفي جاكرتا.. مهدي إبراهيم أحمد عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.