منذ من مدة لم أشاهد في الحارة النوراني، ذلك الرجل خفيف الظل الذي كان في الماضي صديقاً للمخدِّرات، ومن النادر أن يكون في كامل وعيه، لكنه عندما يُسرف في الحديث غير المرتب كان يقول عنه أبناء الحارة «البرمة تقيلة»، ولكن لأنه خفيف الظل سريع النكتة كان معظم الشباب يتحلقون حوله ويستمتعون بطرائفه ونكاته حين يكون في حالة الوعي النادرة، ولم يكن النوراني يتمتع بأي قدر من الوسامة بل كان دميماً جداً، وعندما قالوا له كيف وافقت زوجتك الجميلة المتعلمة على الارتباط بك قبل أن تطلِّقه بعد أن يئست من إصلاحه قال ضاحكاً: لمن جيت أخطبها وشافتني قالت: «سجم خشمي عان شناتو»، قلت لها: أسمعي شناتي دي فيها فوائد كثيرة لك أولاً تكف منك العين، ثانياً الشيطان حيخاف، وما يقرب من ناحيتك لأنو حيفتكر إنو أنا زميل سابق لهم، ثالثاً ما في زول حيجرّأ يعاكسك لأنو حيقول الزول ده لو ما شفت ما كان أدوه واحدة سمحة زيك، ولمن انتهيت ضحكت بشدة، وقالت خلاص حفكر في الموضوع أصلو أنا بحب المغامرة ودي حتكون أخطر من تسلق الهملايا، المهم الزواج تم ولمن رحلوها لي كان الوقت متأخرًا جداً والكهرباء كانت قاطعة وقمت أنا ولَّعت كبريتة، وفي اللحظة دي جفلت وبقت ترجف وبدأت تقرأ في آية الكرسي قلت لها يا بت الناس أنا النوراني ما شيطان قولي باسم الله، وبعد مدة هدأت وقالت لي: «كنت قايلاك شكلوتة، قلت لها فعلاً أنا شكلوتة لكن من لحم ودم، لكن كل ما تشوفيني بس أمسكي قوي في آية الكرسي لحدي ما تعودي عليّ فضحكت وقالت: قول لي أحسن أعلقها في رقبتي، قلت لها بعد ده إن شاء الله تحلك من الرجفة، هنا انفجر الحاضرون بالضحك، وقال له أحد الشباب يا معلم ما كان تلبس ليك وش سياحي بدل ما تخلع بت الناس، وكان يمكن تروح فيها، فقال له النوراني: أنا فكرت فيه لكن قلت أحسن حاجة العلاج بالصدمة، وهنا قال شاب آخر: لكن دي صدمة نصاح أظنو إبليس ذاتو لو ظهر لها ما كان خلعها جنس الخلعة دي، ويضحك النوراني، ويقول: كان المفروض أهلها يدوها حبوب مهدِّئة قبل الزواج فانفجر الحاضرون مرة أخرى بالضحك الشديد، وهنا قال المعلم منفلة: يا أخي حبوب مهدئة شنو البتنفع مع خلقتك دي إلا كان يكجرها لهم شيخ أبكر ويديها حجاب كارب، لكن من أطرف طرائف النوراني أنه كان في منزل عزابة يلعبون الميسر ويتعاطى بعضهم مخدرات وعندما أحس النوارني بسيارة الشرطة تقف أمام الباب الذي لم يكن مغلقاً تماماً فلم يُخطر أصدقاءه بوصول الشرطة بل سارع بالوقوف في قطعة كرتوتة ورفع يده، وقال الله أكبر وادَّعى أنه يصلي فأخذت الشرطة الجميع عدا النوراني فأقسم أحدُهم أن ينتقم من النوراني، فبعد أن حُكم عليهم بالجلد دسوا منشورات سياسية ضد النظام في حقيبة النوراني وقاموا بإبلاغ الشرطة وحين أخذوه كان يقول «يا ناس أنا بتاع سيجارة وبس».