لم يعد التعليم فى السودان كما كان عليه الحال من قبل، وكأن وزارة التربية والتعليم فقدت مهمتها بوصفها مراقباً ووصياً على حال التعليم الذي اصبح على شفا حفرة من الانهيار، سيما أن التعليم الحكومي تدنى وظل يعاني الامرين، مما ترك فرصة سانحة للتعليم الخاص لفرض هيبته وتسلطه على النظام التعليمي، وبدون أي سابق انذار كشفت بعض المدارس الخاصة عن نوايا خفية ظلت تتستر عليها تحت مظلة تقديم خدمة تعليمية أفضل خاصة مستندة إلى غياب الثقة بين اولياء الامور والتعليم الحكومي. وكشرت عن انيابها برفضها تدريس عدد من المواد الاساسية واهمها التربية الاسلامية واللغة العربية، وكأنها نصبت نفسها وصية على النظام التعليمي بدلا من وزارة التربية والتعليم. وهناك غيوم كثيفة حلقت فوق سماء المنتدى الدوري لحماية المستهلك الذي تناولت فيه وضع التعليم الخاص مقارنة بالحكومي، وتبادل فيه الطرفان التهم، وحمل كلاهما الآخر مسؤولية تدهور الاوضاع، وسبق أن كشفت تقارير رسمية خلال الاعوام القليلة الماضية عن ارتفاع أعداد المدارس الخاصة بالعاصمة مقارنة بالمدارس الحكومية، الأمر الذي اعتبره خبراء تربويون مؤشراً سالباً من شأنه أن يؤدى الى قصور يشوب التعليم الحكومي الذي بات طاردا لعدم توفر البيئة المدرسية الملائمة وافتقاره لأساسيات العملية التربوية على عكس ما كان في الماضي. وتدني التعليم الحكومي فتح الباب على مصراعيه لزيادة المدارس الخاصة حتى أصبح جاذباً للمستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال الذين اتجهوا إلى تشييد مؤسسات تعليمية خاصة تتوفر بها كل المقومات المطلوبة للطلاب والمعلمين، إلا أن ارتفاع عدد المدارس الخاصة جعل الكثير من المختصين يطرحون العديد من الاسئلة حول كيفية امتلاك المدارس الخاصة لكل المطلوبات التعليمية من عدمه، وابدت ملاحظات عن مدى متابعة الجهات المختصة حول استيفاء عدد كبير من المدارس الخاصة للمعايير التربوية ومدى التزامها بالخريطة التعليمية، وكانت التقارير التي اصدرتها وزارة التربية بولاية الخرطوم العام الماضي قد كشفت عن بلوغ المدارس الخاصة في المرحلة الثانوية «552» مدرسة مقابل «398» مدرسة حكومية، علما بأن التقارير لم تشمل كل المدارس الخاصة نسبة لعدم ادراجها ضمن قائمة المدارس التى دونتها اللجنة المكلفة بإعداد التقارير، على خلفية أن هذه المدارس لا تنطبق عليها المعايير المطلوبة، وصنفت باعتبارها مؤسسات عشوائية لا تطبق لوائح وضوابط وزارة التربية والتعليم، ويؤكد رئيس هيئة علماء السودان بروفيسور محمد عثمان صالح أن على جميع المدارس الخاصة ضرورة الالتزام بالمنهج القومي لأنه منهج معروف ومتوازن ووضع عبر لجنة متخصصة، وهو المنهج المعتمد، ولا يصح للتعليم الخاص أن ينأى بنفسه عن الخريطة التعليمية ويضع مقررات أو يحذف مواد بمعزل عن وزارة التربية والتعليم. وفى حديث لرئيس المجلس التشريعي بولاية الخرطوم الأستاذ محمد الشيخ مدني وصف الامر بالتجاوز، وقال إن التعليم الخاص محكوم بلوائح منظمة للعمل، وفى حال خروجه عنها لا بد من الوقوف وإعادة النظر فيه، إلا أنه أكد أن إدارة المناهج بوزارة التربية والتعليم مسؤولة عن إجازة المقررات المراد إدخالها فى المناهج التعليمية الخاصة والاجنبية، ولا يسمح بتاتا لأية مؤسسة خاصة إعداد مناهج دون الرجوع إلى الإدارة المعنية بالوزارة، إلا أن رئيس لجنة خدمات التعليم والصحة بالمجلس التشريعي مثابة حاج حسن قالت إن التعليم الخاص ساهم فى معالجة معظم الخلل الذي أصاب التعليم الحكومي، إلا أنه يحتاج إلى مراقبة وضبط في بعض الأحيان، ولفتت إلى أن الجهات المختصة بصدد إعداد مشروع قانون للتعليم الخاص بدلاً من اللائحة الموجودة.