إن الواجب الوطني يقتضي مؤازرة ومساندة الجميع للقوات المسلحة الباسلة وكل القوات النظامية والدفاع الشعبي والوقوف خلفها بصلابة صفاً واحداً لدحر فلول المتمردين المجرمين وتنظيف كل الأراضي السودانية من دنسهم لا سيما في أم كرشولا وغيرها من المناطق التي دخلوها غيلة وغدراً. وفي حلقة برنامج ما وراء الخبر التي بثتها قناة الجزيرة القطرية في الساعة التاسعة والنصف من مساء يوم الخميس الماضي استضاف مقدم البرنامج ممثلاً للحكومة هو الناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر الوطني واستضاف ممثلاً آخر للجبهة الثورية وتحدث الأخير بكل صلف وصفاقة وعدم لياقة ووصف على رؤوس الأشهاد حديث الآخر بالوقاحة وفي هذا قمة الازدراء وأعلن أن الغرض من هجومهم على أم كرشولا وأم روابة وغيرهما هو تقوية موقف ممثليهم التفاوضي في أديس أبابا حول كل قضايا السودان وليس حول المنطقتين فقط وليس بخاف على أحد أن القوى الاستعمارية الأجنبية التي تتخذ من قطاع الشمال مخلب قط تريد أن تفرض ما اسمته مؤخراً برنامج الفجر الجديد وأنف النظام الحاكم راغم في التراب وهدف «الخواجات» واضح في سعيهم لخلق سودان جديد وفق رؤيتهم هم والسير في تنفيذ مخططهم في تفتييت عرى وحدة السودان وتقسيمه لعدة دول. وفي يوم السبت الماضي قدمت الفضائية السودانية لقاءً مع اثنين من أعيان وعمد مدينة أم كرشولا وتحدثا باستفاضة وتفصيل دقيق عن المأساة والجرائم البشعة والاعتداءات الإجرامية الآثمة اللاانسانية التي ارتكبها المتمردون المعتدون المجرمون وذكر أحدهما أنه علم بعد مغادرته أم كرشولا أن منزله قد رُفع عليه علم الحركة الشعبية وأصبح يقيم فيه من أصبح مسؤولاً عن المنطقة وفق ادعاء المتمردين الذين يحسبون واهمين أنهم احتلوا المنطقة. وتحدث ضيفا الحلقة عن جغرافية وطبيعة المنطقة والجميع على يقين تام بأن القوات المسلحة الباسلة ستجليهم وتطهر المنطقة من دنسهم ولكن هناك مسائل تقديرية متروكة للقيادة العسكرية الميدانية التي تريد تحقيق النصر المؤزر بأقل خسائر ممكنة لا سيما وأن المتمردين أرادوا الاحتماء بالمواطنين الآمنين واتخاذهم دروعاً بشرية والقوات المسلحة الباسلة تسعى للحفاظ عليى أرواح هؤلاء المواطنين الآبرياء ولولا ذلك لدحرت وسحقت المتمردين في زمن وجيز وهي قطعاً ستدحرهم والمسألة مسألة وقت ليس إلا ونأمل أن يتم ذلك قريباً لأن الخريف على الأبواب. ولن نكف القول ولن نمل وسنظل نردد أن ما يجري هو مخطط استعماري جهنمي خبيث وحرب ضد هوية السودان وموارده مع السعي لتفكيكه وتقسيمه لعدة دول. وان البعض يحسبون أن الإكثار من الحديث عن المخططات الأجنبية فيه إغفال للأسباب المحلية التي أدت للاحتقانات الداخلية ولا أحد ينكر أن الاوضاع الداخلية تحتاج لمعالجات بنيوية تصحيحية تحتاج لقدر من الجرأة والشجاعة من كل الأطراف لتكون المعالجات داخلية «بيدي لا بيد عمرو» ونرفض أن تمليها وتفرضها القوى الأجنبية ذات الأجندة الاستعمارية والتي يسوؤها أن يتحد كل السودانيين ويسوؤها أن يحدث استقرار في السودان ليغدو مارداً اقتصادياً ورقماً هاماً وهم يريدون أن يروه في حالة توترات دائمة وصراعات متصلة وهم يدعمون مالياً ولوجستياً حروب العصابات ويدعمون المتمردين دعماً سخياً. وإن النخوة السودانية والعزة الوطنية تقتضي في هذه الظروف بالغة التعقيد تجميد كل الصراعات والمناكفات التي تدور بين الحكومة ومعارضيها من جهة وبين المعارضين أنفسهم وحتى داخل اجزابهم من جهة أخرى وداخل النظام الحاكم نفسه وما يدور بين بعض أطرافه من حرب باردة من جهة أخرى. وليس هذا أوان الشد والجذب والصراعات والمنافسات المعلنة أو الخفية .. وإن العقد الاجتماعي لجان جاك روسو يقوم على توازنات وتنازلات يتراضى عليها الجميع ونحن الآن بحاجة ماسة لعقد اجتماعي وسياسي يقوم على تقدير المنعطف الحرج الذي يمر به وطننا الغالي لاجتيازه وصد سهام القوى الأجنبية الاستعمارية المسمومة بوحدتنا الوطنية الصلدة. والقضية الآن هي قضية وطن يكون أو لا يكون وليست قضية نظام حاكم يبقى أو يذهب. ولا يمكن أن يدور جدل سقيم عقيم هنا كما كان يفعل أهل بيزنطة والعدو الأجنبي على الأبواب. وعلى الجميع أن يقبلوا ثرى هذا الوطن العظيم ويتجاوزوا خلافاتهم ويصفحوا عن كل ظلم حاق بهم ويتساموا على مراراتهم وجراحاتهم وليتذكروا أن الخليفة شريف عندما خرج من سجن وضع يده في يد خصمه الخليفة عبد الله وشارك بكل رجولة في معركة كرري حاملاً لراية الأشراف مدافعاً عن الأرض والعرض وها هو كتشنر الجديد أو بالأحرى الاستعمار المستبد الجديد يدق أبوابنا ومقاومته واجب تملية الحمية السودانية دفاعاً عن الأرض والعرض والعقيدة والوطن. محطة أخيرة: في الوقت الذي يشهد فيه الوطن هذه الأحداث المؤسفة فإن بعض المسؤولين هنا ينفذون بعض قراراتهم في الوقت الخطأ وقد أصرت ولاية الخرطوم أن تُحدث تغييراً في مواقف المواصلات بالخرطوم دون إعداد كاف وعانى المواطنون كثيراً وأخذ الكثيرون منهم يمشون مسافات طويلة راجلين أو يقفون منتظرين وقتاً طويلاً في هذا الجو اللافح الحرارة والسموم وهناك قرارات أخرى مرتجلة في بعض المرافق فيها استفزاز للمواطنين ولا أظن أنه يوجد طابور خامس خفي يعمل لإثارة غضب الجماهير لتنفجر تلقائياً ولكن يوجد عدم مبالاة واستخفاف بالمواطنين.