صدقت وأوفت القوات المسلحة بما وعدت.. وأنجزت ما عاهدت... كانت صدوقة وصادقة مع شعبها ومع أبناء أب كرشولا.. ومع تراب هذا الوطن الطاهر الغالي الحبيب.. كانت واثقة من نصرها وأن جحفلها المغوار سيحقق النصر وستفر أمامه أذناب العملاء هاربة مولية الأدبار.. وكانت القوات المسلحة تعلم علم اليقين..أن رايات الانتصار سترفرف عالية خفاقة في سماء المدينة المحتسبة التي لم تلن لها قناة ولم تستسلم... وعدت القوات المسلحة بأنها ستنتصر لشهداء وشهيدات المدينة وكل المنطقة وستقتص القصاص العادل من العداة البغاة.. وقد فعلت وطاردت فلول العملاء عبر الفلوات.. وعادت اب كرشولا تمسح من وجهها الدم والدموع... لتضمد الجرح وتستقبل بيارق النصر المؤزَّر.. أخذت القوات المسلحة الثأر لشهداء أب كرشولا، وحررت هذا التراب الطاهر ومن أنجاس ورجس ودنس المعتدين البغاة، وولَّت فلول ما يسمى بالجبهة الثورية هاربة.... وغسلت قواتنا الباسلة هذه البقعة الطاهرة من أدران العمالة والمرتزقة.. وأعادت هذه المدينة المكلومة الصابرة بنصر عزيز عظيم.. كان الشعب خلف قواته المسلحة، والثقة تملأ جنبات كل سوداني غيور على وطنه حريص على سلامته، بأن النصر آتٍ آتٍ... كان الشعب وراء قواته المسلحة يشد من أزرها تقابله وفاء بوفاء.. كانت صادقة معه.. حتى أهدت له هذا النصر وأشرقت الأسارير.. بعد أن تخضَّبت الأرض بدماء الشهداء والجرحى.. وقدَّمت القوات المسلحة خيرة أبنائها فداء للوطن ولترابه ولعزَّته وشموخه والكبرياء.. وكانت القوات المسلحة وهي تخوض هذه المعركة مطمئنة وواثقة من انتصارها وأنها ستكبد هؤلاء الخونة والمارقين خسائر فادحة وتطاردهم وتتعقب فلولهم الهاربة بعد أن خلفوا وراءهم قتلاهم وجرحاهم وسلاحهم وعتادهم وجزءًا كبيرًا من عرباتهم ومؤنهم، تلاحقهم هزيمتهم التي تسربلوا بها وغطَّتهم ثيابها الثقيلة... هذا اليوم الذي تعود فيه أب كرشولة من قبضة التمرد التي دخلها غدراً وعاث فيها فسادًا يقتل ويغتصب ويدمِّر، هو يوم فرح بهيج غامر، لكل السودانيين في كل مكان، يوم وحدث له دلالاته ومغزاه الوطني العميق.. ففي ساعات المحنة والاختبار تسمو الأمة فوق جراحاتها وخلافاتها، وتتوحد الإرادة الوطنية، ويتحدَّد المقصد، وتجتمع الكلمة ويتم الاصطفاف.. وهذا ما حدث، فقد حركت أب كرشولا حين دخلتها قوات التمرد، مشاعر الغيرة على الوطن والروح الوثابة لحمايته وتدافع الناس من كل فج عميق لنجدة المدينة وإغاثة أهلها الذين نزحوا منها وإعلان وقفتهم الصلبة خلف القوات المسلحة.. وكانت الأمة كلها وراء الإرادة السياسية الفعَّالة والقوية التي لم تحِد عن هدف هو تحرير الأرض ووقف التفاوض، وتضميد الجراح ومطاردة التمرد وإنهاء وجوده وتطهير كل المنطقة منه وتلقينه الدرس الذي يستحقه.. وقوف الشعب السوداني وراء قواته وتدافُع المجاهدين لساحات الوغى ومعركة الكرامة، كان شيئاً فاق التصور، فمن كان يظن أن العزائم خارت فهو واهم، ومن كان يعتقد أن القلوب استكانت فقد خاب سعيُه وطاش سهمُه.. تلاحم الشعب وقواته المسلحة، واشتد العزم الكبير، وتوحَّدت الإرادة صوب الهدف لكسر شوكة التمرد وإنهاء وجوده، والخلاص من شروره.. المعركة كانت كبيرة، حشد فيها التمرد كل قواه وأزلامه في كل مكان من قوات العدل والمساواة لحركة مني أركو مناوي وحركة عبد الواحد وكل الفصائل الدارفورية المتمردة، إضافة لقوات الجيش الشعبي التابعة لما يسمى بقطاع الشمال في الحركة الشعبيَّة.. خاضت قواتنا المسلحة معركتها ببسالة... قدَّمت كل غال ونفيس فيها، تدافع أبناؤها لنيل إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة.. وتم ذلك.. هذه المعركة وهذا النصر.. سيتواصل حتى يتحرر كل شبر من جنوب كردفان من دنس المتمردين ويعم السلام ربوع السودان العزيز.. فما أغلى هذا الوطن... فهو فوق كل هامة.. وما أسمى هذا الوطن.. لا تدانيه قامة.. فوامرحى به... وبجنوده البواسل.. اليوم اب كرشولا وغدًا منطقة أخرى حتى لا يبقى بيننا خائن ولا عميل ولا مخذِّل...