كتبت: نجلاء عباس دخلت الأسرة المكوَّنة من «9» أشقاء «أربع بنات وخمسة أولاد» إضافة إلى والدهم إلى المحكمة لحصر تركة والدتهم التي توفيت قبل شهرين من مجيئهم إلى المحكمة، كانت تملك الكثير من العقارات والمجوهرات التي ورثتها من والديها فكانت هي الابنة الوحيدة لهم وبمكاتبة من والدها أصبحت تملك ذاك الكم الهائل من العقارات التي حصرتها المحكمة في «4 بنايات تحوي كل بناية منهم من «4» إلى «6» شقق» بجانب محلات تجارية استأجرتها لتساعد في الصرف على أبنائها وحتى يعيشوا في ترف ورفاهية ويكملوا تعليمهم على أفضل المستويات . قدم قاضي المحكمة كشفًا به كل صغيرة وكبيرة كانت تملكها والدتهم وطلبوا منه أن يقسم بينهم التركة بما يرضي الله وحسب الشرع والقانون ووافق الجميع على ذلك وعندما تم عرض المستندات تفاجأوا بأن والدتهم سجلت بناية كاملة من ثلاثة «طوابق» باسم خالها ووضعت وصية أن خالها هو الذي وقف بجانبها بعد وفاة والديها، وبالرغم من الموقف المفاجئ إلا أن الأولاد لم يعترضوا ووافقوا بكل رضاء فالأملاك كثيرة وكل واحد سيأخذ حقه بالرضا وكانت المفاجأة الاكبر حين قدم مستند آخر يوصي بأن نصف الأملاك كتب باسم الابن الأصغر وتركت معه ورقة تقول فيه كل أبنائي أعزاء عندي ولكن «ر» تحمَّلني ووقف عليَّ وأنا طريحة الفراش وأردت ان أجازيه على ما عمله معي وما ضحى به من أجلي وكان طيلة مدة علاجي بالمستشفى معي وتخلى عن دراسته من أجلي. وكانت تلك هي الصاعقة الحقيقية للأبناء جميعهم وحتى الوالد ووقف الابن الأكبر «م» وقال: هذه حالة تزوير واضحة والدتنا لا يمكن أن تفعل ذلك وليس من طبعها أن تميز في علاقتنا لها واتهم «م» أن «ر» استغل فترة مرضها واستكتبها على أن تتنازل عن نصف ثروتها وهذا لا يدع مجالاً للشك ما أثار غضب الابن الاصغر ورفضه لتلك الاتهامات، وقال: «اقسم بالله إنني لم أجبرها على ما فعلت ولا أنكر أن لديَّ علمًا بذلك ولكن ما حدث كان بمحض إرادتها»، ولم يكن حديث الابن «ر» إيجابيًا لحل المشكلة بل زادها تعقيدًا ووقف جميع الأبناء وصرخوا في وجه الابن الصغير الذي انهار من الحزن وأنه لم يفلح في إقناع إخوانه بأن ليس له يد بما حدث ولكن القاضي أمرهم بان يكفُّوا عن الحديث الجانبي وعن الإساءات التي يتفوهون بها لشقيقهم وإلا فسوف يعرضون أنفسهم للمحاسبة القانونية، وقال القاضي إن الأوراق والمستندات التي أمامه موثقة وخالية من أي حالة تزوير أو تلاعب فيها، وإنه سوف يتم تقسيم التركة حسب ما هو أمامه من مستندات وبعد أن فرغ من تقسيم الميراث كانت علامات الرفض واضحة في ملامح الإخوة بجانب أن علامات التوتر والقلق تملأ ملامح الأخ الصغير، وقال ليت أن ذلك لم يكن ولم تفعل أمي ذلك حتى لا اخسر إخوتي، ولكن والده تدخل في الأمر وقال له لا شيء يدع إخوتك أن يتخلوا عنك فهذه هي رغبة والدتك ولا أحد يمكن أن يقف ضدها فهي صاحبة حق وإن ما حدث صار شرعًا يجب أن يُنفَّذ فهذه وصية. بعد مضي من الوقت وتداول الحديث وأدلى القاضي بآيات قرآنية حتى يهدأ الوضع بعدها خرجت الأسرة إلى «حوش» المحكمة ولكن لم يصمت «م» عن الحديث ورد له «ر» إذا لديك أي فعل تريده فافعل ماشئت أو إذا لديك طريقة أن تسلك الطريق القانونية فأنا جاهز لأقف معك أمام اي قاضٍ لأثبت أن كل شيء كان موثقًا ليس به أي نوع من التلاعب والتزوير وانزعج الأخ الأكبر من حديث شقيقه، وقال له أنت تريد أن تقف أمامي وتتحداني، وصار نقاشًا حادًا بينهما وكل منهما يقول أسوأ الألفاظ لأخيه حتى رفع «م» «حديدة» ملقاة على الأرض وضرب أخاه الصغير بها فسقط أرضًا مغمى عليه والتف حوله كل الموجودين بالمحكمة وأسرعوا بإسعافة إلى أقرب مستتشفى وكان ينزف بشدة وصرخ بقية الإخوان في أخيهم الأكبر بأن المشكلة مهما بلغت فيجب ألّا تصل إلى حد الضرب والتعدي، وقالت أختهم الوسطى إن «القروش والأموال أعمتكم من المحنة والخوة والتسامح خسارة السنين التي عشناها سويًا في بيت واحد وأسرة ومترابطة» ولحقت بوالدها وبقية إخوتها وتركت أخاها الأكبر «م» الذي تحفظت عليه الشرطة وتم أخذه للقسم وفُتح في مواجهته أورنيك «8» لتعديه على أخيه وكان لا بد أن يتم هذا الإجراء لأن بموجبه يتم علاج الابن الصغير «ر» بالمستشفى.