{ تبادل رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير الاتهام مع الحكومة السودانية في سياق تعليقاته على توجيه الأخيرة بقفل أنبوب النفط في مؤتمر صحفي عقده أمس الأول حيث قال بأن جوبا لديها أدلة دامغة على دعم السودان للمتمردين والمليشيات المسلحة في جنوب السودان، ولعله يقصد مليشيات ديفيد ياو ياو واللواء جوناثان أولوني وقوامها ثلاثة آلاف مقاتل من جبهة تحرير جنوب السودان. لكن الحكومة السودانية حينما ثبت لها بما لا يدع مجالاً للشك أن جوبا وراء دعم كبير لقوات قطاع الشمال في الحركة الشعبية الحاكمة جنوب السودان، وثبت لها استمراره وعدم النية في إيقافه قامت كرد فعل بإغلاق الأنبوب الناقل لنفط دولة الجنوب.. باعتبار أن عائده يذهب منه الدعم للمتمردين الذين ينسفون الأمن والاستقرار ويدمرون المنشآت التنموية في السودان. فهذا هو رد فعل الحكومة لدعم جوبا للمتمردين السودانيين. والسؤال هنا ما هو رد فعل جوبا إذاكان قد ثبت لها بالفعل دعم الحكومة السودانية لمقاتلين جنوبيين كان معظمهم في صفوف الجيش الشعبي؟!... وهل كانت جوبا تقبل أن تدعم حكومة الخرطوم الثوار الجنوبيين من عائد رسوم نفطها؟! سبق لجوبا من قبل أن أوقفت النفط لتأديب الخرطوم، ولكن حينما وجدت أن حساباتها كانت متأثرة بالتضليل من جهة ما تحمَّست للوصول إلى اتفاق مع الخرطوم بشكل سريع. أسباب إغلاق النفط من جانب جوبا أهون من أسباب إغلاقه من جانب الخرطوم. والآن إذا كانت الحكومة السودانية قد قفلت أنبوب نفط «الجنوب» حتى يتوقف دعم التمرد السوداني من جوبا، فلتقل جوبا أيضاً ليقف إنتاج النفط حتى ترفع الخرطوم يد الدعم من التمرد الجنوبي. نعم هل يُرضي جوبا أن يتمتع السودان بعائد رسوم مرور نفطها وهي تدعم تمرد الجنوب بحسب زعمائها؟! أم تريد جوبا أن يستمر مرور النفط ويستمر معه دعم المتمردين هنا وهناك؟!. لو ثبت بالفعل لحكومة الحركة الشعبية أن حكومة المؤتمر الوطني تدعم ثوار «الجنوب» لاستبقت هي القرار السوداني ليكون قرارها هو إيقاف إنتاج النفط ريثما تفرغ من تشييد خط ناقل إلى ميناء لامو الكينية بواسطة شركة تويوتا التي التقى رئيسها مؤخراً رئيس دولة الجنوب سلفا كير لهذا الأمر. جوبا تشرع في تشييد خط أنبوب ناقل لنفطها إلى كينيا... وجوبا تتهم السودان بدعم المتمردين. وبعض الأقلام الموتورة تتحدّث عن أن قرار إغلاق أنبوب نفط الجنوب سيلقي بظلال سالبة على الاقتصاد والعملة المحلية، وهذا طبعاً مفهوم للحكومة التي ترى أن الأمن والاستقرار للمواطن أهم من الاقتصاد المنتعش جداً في ظل انعدام الأمن في دارفور وجنوب وشمال كردفان والنيل الأزرق بسبب دعم جوبا من عائد نفطها. إذن إذا كانت حكومة جوبا صادقة في ما ذهبت إليه. إذا كانت صادقة في أن الخرطوم تدعم التمرد ضدها وهو يقبض عائد رسوم مرور نفطها. وصادقة في أنها ستستغنى عن أنبوب النفط المتجه إلى ميناء بورتسودان بآخر متجه إلى كينيا من حقول النفط فلماذا تستاء الآن من قرار الخرطوم بإغلاق الأنبوب لدرجة أن تفكر في توسيط دولة قطر ليتراجع السودان عن قراره؟! إن تراجع السودان عن قرار يبقى في يد جوبا، فمتى ما رفعت يد الدعم والإشراف عن قطاع الشمال وكل الجبهة الثورية تلقائياً يكون القرار لاغياً. لكن يبدو أن خطة الحركة الشعبية هي أن تبحث عن وساطة تدمِّر بها قرار الخرطوم ويستمر بعد ذلك دعم جوبا للمتمردين فها هي حتى الآن تنقل الإمداد العسكري للجبهة الثورية مستبقة فصل الخريف.