الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير الأنبياء والمرسلين، نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد؛ فقد نما إلى الأسماع أن ما يسمى بمعرض الكتاب المقدّس قد أقيم هذه الأيام في قلب الخرطوم، ويقوم على أمره بعض النصارى من الجنوبيين، ويدعون الناس إليه عبر مكبرات صوت، وقد كان الظن أن هذه المظاهر التي أقضت مضاجع المسلمين طوال سنين خلت ستزول عقب الانفصال ولكن هيهات هيهات بعدما مرد بعض الناس على إعطاء الدنية في دينهم، والمداهنة على حساب معتقدهم، وها هنا لا بد من بيان جملة من الحقائق خلاصتها: أنَّ الله تعالى بعث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدين الإسلام، وبيَّن تعالى أنه لن يقبل من عباده غيره من الأديان. قال تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ) «آل عمران 19». وقال:(وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)«آل عمران 85». ومما يجب على المسلم أن يعتقده ويعقدَ عليه قلبه: أنَّ من لم يؤمن بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم فإنه مشرك به وبجميع الأنبياء السابقين. قال تعالى: (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) «الشعراء 105». ووجه الدلالة من الآية: أنّ نوحاً عليه السلام أول رسول إلى أهل الأرض، قال تعالى: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ) «النساء 163»، وفي حديث الشفاعة يقول الناس له يوم القيامة: «أنت أولُ الرسل إلى أهل الأرض» صحيح البخاري ومسلم. ولما كذبه قومه جعل الله تكذيبهم له تكذيباً لجميع المرسلين. فإذا بانت هاتان الحقيقتان أن كل دين سوى الإسلام باطل، وأن الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم كفر به وبغيره من الأنبياء- فإن من البلاء الكبير، والشر المستطير، أن يسمح بإقامة معرض لما يُسمى بالكتاب المقدس كذباً وزوراً-. أو أن يسمح لبعض أهل الكفر أن ينشر دينه بين المسلمين؛ ليفتن عوامهم ويصدهم عن سبيل الله، فإن الشُّبَهَ خطَّافة والقلوب ضعيفة، والناس ليسوا سواءً في تمييز الحق من الباطل، وقد أنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو من هو حين رأى في يده صحيفة من التوراة وقال له: (أمتهوكون يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، ولو كان ابن مريم حيّاً ما وسعه إلا اتباعي) إنّ هذا العمل لا ينبغي لعاقل أن يشك في أنه من الجرائر المهلكات، والكبائر الموبقات؛ فإنه قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أعان صاحب باطل ليدحض بباطله حقاً فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله» رواه الطبراني والحاكم. والواجب على من بسط الله يده من رئيس ووال ومسؤول أن يمنع هذا المنكر ويحول دون هذا الباطل، وإلا كان خائناً لله ورسوله ولجماعة المسلمين، وقد قال الله عز وجل (يا أيُّها الذين آمنوا لا تخونوا اللهَ والرسولَ وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون) خاصة وقد زال العذر وانفصل غير المسلمين بدولتهم وذهبوا بخيرهم وشرهم، والحمد لله رب العالمين. د. عبد الحي يوسف نائب رئيس هيئة علماء السودان تعقيب أرسل إليّ أحد القراء رسالة عبر الهاتف يسألني فيها عمّا سُمِّي بمعرض الكتاب المقدَّس الذي يُقام هذه الأيام في قلب الخرطوم ويُشرف عليه جنوبيون ويتم الترويج له عبر مكبِّرات الصوت، وأحلتُ السؤال إلى الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف نائب رئيس هيئة علماء السودان، وإلى عدد من العلماء الآخرين، وقد كتب لي بعضهم مستنكراً واخترتُ رد الشيخ عبد الحي الذي أثق في دينه وعلمه لعله يحرِّك ولاة الأمر لإنهاء أحد مظاهر عهد الدغمسة خاصةً وأن الجنوبيين ما عادوا مواطنين وإنما هم أجانب لا فرق بينهم وبين الأمريكان والإسرائيليين وتجدون أعلى هذه الأسطر رد الشيخ الدكتور عبد الحي. مساخر!! حدّثني أحد وكلاء النيابة أن بعض الشماليين والجنوبيين لا يزالون يستخدمون بطاقات الحركة الشعبية والجيش الشعبي وبرتب عسكرية يحمون بها أنفسهم ويعرضونها متى ما تطلّب الأمر ذلك أمام الشرطة وغيرها وعندما سألته إن كان ذلك يحدث الآن أم قبل انفصال الجنوب قال إن الأمر يحدث حتى اليوم بل ذكر واقعة حدثت معه شخصياً في الأسبوع الماضي حين صدمه أحدهم ثم أبرز بطاقة شخصية توضِّح أنه ضابط في الحركة الشعبية لكن حظه العاثر أوقعه في يد وكيل نيابة لا تنطلي عليه تلك المساخر فأودعه المعتقل ولم تنفعه بطاقته فكم من أمثال هذا الدّعِيّ يجوبون شوارع العاصمة يحملون مثل هذه البطاقات الزائفة؟! ومتى تقوم الشرطة بواجبها وتُطبق على هؤلاء المتمردين قبل فوات الأوان؟! أعرض عليكم صورة من تصريح مرور أصدرته الحركة الشعبية لأحد أتباعها من مكتب الأمن العام بالكرمك بولاية النيل الأزرق وهو مثال لحالة الفوضى التي كانت سائدة قبل تحرير تلك الولاية العزيزة من أرض الشمال، فالحركة كانت تتصرف كحكومة تأمر وتنهى بالرغم من أن حاكم تلك الولاية «مالك عقار» هو رئيس الحركة، وبدلاً من الاكتفاء بإصدار التصاريح من قِبل حكومة الولاية تقوم الحركة بذات الدور في جمهورية مشروع السودان الجديد الذي يبشِّر مالك عقار بنقله إلى الخرطوم بل إلى القصر الجمهوري بعد أن تلاحقت الكتوف!!