في أقاصي شمال السودان وعلى الضفة الشرقية من نهر النيل كانت الحضارة فكان وادي حلفا الذي ارتضى سكانه مبارحة أرضهم حتى ينعم «شمال الوادي»، صبرت على ضعف التنمية وانتظرت كثيرًا تقديم الخدمات، خرجت لاستقبال النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه لتدشين الخط الناقل للكهرباء «دنقلا وادي حلفا» الثلاثاء الماضي.. ملامح وأشواق المواطنين وأمانيهم كانت حاضرة فالجميع يحلم بدخول الكهرباء حتى ينعكس ذلك على «المدينة التاريخ والحضارة» وعلى الميناء ومشروعات العودة الطوعية في غفلة من الزمان في الاحتفال بتدشين الخط الناقل لكهرباء وادي حلفا وافتتاح مكتب توزيع المدينة أكد ممثل وادي حلفا الأستاذ أزهري في كلمته أن أبناء المنطقة آلوا على أنفسهم حراسة البوابة الشمالية للبلاد رافضين كل المغريات والتحديات موضحًا أن دخول الكهرباء للمحلية يعتبر نقلة نوعية في مسيرة التنمية، وقال: إذا كانت حلفا قد غرقت في غفلة من الزمان فإن دخول الكهرباء قد أعاد لحلفا ألقها وبريقها القديم، ورغم أن وادي حلفا تقع على شاطئ أكبر بحيرة صناعية في العالم إلا أنها تعاني كثيرًا في مياه الشرب والتي باتت همًا يؤرق مضاجع مواطنها مطالبًا في ذات الوقت بتوصيل الكهرباء إلى المشروعات الزراعية مناشدًا وزير الكهرباء إيصال الكهرباء إلى ذوي الدخل المحدود والفقراء «حتى لا تقف الرسوم المليونية أمامهم» مضيفًا أن سكان وادي حلفا في انتظار افتتاح المعابر البرية التي تحقق للمنطقة نهضتها وريادتها وتعميقًا لأواصر التواصل مع أهليهم في شمال الوادي. الصبر الجميل النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه قال إن إيصال الكهرباء ما هو إلا محطة في قصة طويلة لسكان الولاية الشمالية معتبرًا أن أهالي وادي حلفا تعلموا الصبر الجميل والطويل وعلموه للناس وصنعوا الحضارة وأشار طه إلى قصة قطار الخرطومحلفا والتي تمثل إحدى اطول قصص الصبر في السودان حيث حضت على الترابط والتعارف والتواصل بين مكونات المجتمع السوداني كافة كما قال، وذكَّر النائب الأول بالتضحية التي قدمها مواطنو وادي حلفا عند غرق المدينة موضحًا أنها قدمت إباء وشممًا لمصر من أجل بناء أمة عربية إسلامية في شمال وادي النيل في تجلٍ وعظمة لا يدركها أصحاب النظر المحدود، على حد تعبيره، وقال إن حكام الإنقاذ أكلوا ومازالوا يأكلون من «صحن الفول» الذي لم يتغير ولن يتغير أو يتبدل، كاشفًا عن وصية الشهيد الزبير بالاهتمام بحلفا، وقال إن الشهيد الزبير قال «حلفا أمانة في أعناقكم» وأكد طه أنه كلما تحدث مع رئيس الجمهورية عن تقديم خدمة لوادي حلفا فإن الرئيس يقول «اعملوا ليهم الخدمة وزيدوهم» مصيفًا أن الدولة تسعى لجعل حلفا قاطرة للصادرات السودانية معتبرًا أن «150» مليون دولار «تكلفة الخط الناقل» ليست بكثيرة على أهالي حلفا لما ظلوا يقدمونه من تضحيات كبيرة ومباشرة، وبكلمات واضحة قال طه إن وزير الكهرباء وعد بحل مشكلة مياه وادي حلفا، وقال: «اعتبروها محلولة»، وقال لجماهير حلفا إن وزير المالية أكد التزامه بتوصيل الكهرباء، ونادى النائب الأول على كل الوزراء في الوفد بالصعود للمنصة لتحية الحشود، وأضاف قائلاً «إنهم أمامكم شهود على الوعود التي قيلت»، وفي حديثه في الاحتفال قال معتمد وادي حلفا العميد جمال محمد عبد الرحمن إن حلفا تعتبر المدينة الآمنة على الإطلاق، إضافة إلى دورها في رتق النسيج الاجتماعي للسودانيين مشيرًا إلى اهتمام النائب الأول بحلفا متطرقًا إلى أن توصيل الكهرباء أدخل الطمأنينة في نفوس أهالي حلفا، وأكد معتمد حلفا أن مشروع العودة الطوعية وجد استجابة كبيرة مضيفًا أنه لا بد من مشروعات وخدمات بمناطق العودة الطوعية «شمال حلفا» مستعرضًا فوائد العودة الطوعية وأثرها في أمن البلاد خاصة في ظل تطلعات المواطنين لفتح المعابر الحدودية، وقال: لو سمح لي بالرطانة لشكرت النائب الأول، وزاد: «اللغة العربية بتخلينا نختصر شوية»، وفي كلمته في الاحتفال والتي قرأها من ورقة قال وزير الكهرباء والموارد المائية أسامة عبد الله إن إيصال الكهرباء الى حلفا يساهم كثيرًا في إتمام عملية الربط الكهربائي مع مصر معلنًا عن إجراء دراسة كاملة لمحطة مياه حلفا وستتم المعالجة حتى لو استدعى الأمر انشاء محطة جديدة. الحضور رغم الغياب في كل مكان في موقع الاحتفال كانت صورة والي الشمالية الشهيد فتحي خليل، فإن غاب فتحي خليل جسدًا إلا أن ذكرياته وأعماله كانت في نفوس مواطني وادي حلفا، كما تعهد النائب الأول بإكمال مسجد الشهيد فتحي خليل وتحويله إلى مجمع إسلامي.