في تميُّزه الباذخ في خدمة القرآن الكريم يقف الخليفة محمد الشيخ مصطفى الفادني على رأس حداة التجديد في مؤسَّسة المسيد السُّوداني في كل جوانبه حين جمع في ذلك بسلاسة بين الأصل والعصر، فكان نموذجاً للعالم العامل بعلمه وقد أهلته لهذه الدرجة العالية من الكسوب الملهمة، ترقية في مدارج الأخذ بمنهج العزائم الذي كان سمة مميِّزة لوالده الشيخ الجليل مصطفى الفادني الذي كان على قسط وافر من العلم النافع فضلاً عن حفظه المتقن للقرآن الكريم ومحافظته المعلومة على التحلّي بتعاليمه وقد تجلى ذلك في خلفاء الشيخ مصطفى وأبنائه وعلى رأسهم خليفته الأول الخليفة محمد والخليفة العالم ثاني خلفاء الشيخ مصطفى الفادني الخليفة حامد ذلك الذي أضاف ما أضاف للمسيد من صور وشواهد التجديد على إثر ما تركه الخليفة محمد وجاء من بعدهما وكلٌّ له بصمته الخلفاء الطيب وأحمد وعبد الله ومختار وما يزال الخليفة الحالي يمثل رمزية تحمل الوفاء لذلك الإرث الذي جدَّد فيه الأحفاد ما جدّدوا حيث ما يزالون بكل الأجيال والحقب يمثلون عنصر جذب لربط الناس بهذه الرحبة التي هي واسطة عقد مناطق الحزام القرآني وارتباطها بالعلم مما جعل سيرة هذه الرحبة على حال من الذيوع المبارك ويذكر الله بالخير راوية المديح وترجمان مآثر القوم المادح الشيخ الراوي الشاب محمود عبد الرحمن ود الجريف. الشهير بمحمود الضعيف الذي سجل بإحساس العارف لأيادي هؤلاء الشيوخ حين قال عن الشيخ مصطفى الفادني: الدار شرَّفا والقوم صَوَّفا وبالسر سَرَّفا وبالله عَرَّفا طال باعو الفادني الشيخ مصطفى ويشكر الله لحفيد الشيخ العالم الجليل والمربي الفاضل إبراهيم الخليفة محمد صاحب مدرسة أبو حذيفة القرآنية، جهد المقدر في التعريف بأدوار جده وأعمامه ودور شيوخ الفادنية بكل مناطق السُّودان. ولعلَّه في ذلك الجهد التوثيقي وهو يحدِّث عن تلك الكسوب الفادنية في خدمة العلم والقرآن والأدب الدعوي لعلَّه قد أخذ بما قال به الإمام جلال الدين السيوطي الذي قام بتأليف كتاب أسماه (التَحدُّث بنعمة الله) كان قد ذكر في صدره إن التَحدُّث بنعمة الله مطلوب شرعاً لكونه يُورث المزيد منها لأنه شكر والشكر يقتضي الزيادة لقوله تعالى (ولئن شكرتم لأزيدنكم) ذلك لأنَّ العلماء كانوا وما يزالون قديماً وحديثاً يكتبون التراجم ولهم في ذلك مقاصد كثيرة وفي ذلك ومن أهم مقاصدهم في ذلك. التحدث بنعمة الله عليهم إلى جانب التعريف بأحوالهم وأقوالهم وأفعالهم ومن مقاصدهم الحميدة في ذلك السعي المثابر بأن يكون ذلك مصدراً يرفد بمدد الإلهام من أراد ذكرهم في أيِّ من أشكال كتابة التاريخ أو تدوين الطبقات. فعلى تلكم الحيثيات ومن باب الاقتداء بالسلف الصالح أعدّت تلكم الترجمة التي قام بها الأستاذ الجليل إبراهيم الفادني لأعلام الفادنية بعامّة وللشيخ مصطفى الفادني وخلفائه وأبنائه وأحفاده من الناشطين في إبقاء نار القرآن ونار القرى ونور المآثر متصلة الاتقاد بوهج ما يزال يلقى مشاعل الحق بالطريق. كما قال بذلك ترجمان مؤسسة المسيد شيخ شعراء السودان حيَّا الله هذا الجهد المعبِّر عن اقتفاء أثر ومآثر أولئك الأعلام الذين قدموا من أنفسهم القدوة الصالحة لنشر العلم بالقرآن والإحسان ورعاية الأدب الدعوي الذي كان فيه هذا المسيد صاحب السبق في تدوينه على يد الخليفة محمد وللحديث عن هؤلاء القوم بقيَّة في سياقات أخرى.