استطاع برنامج ريحة البن الذي ظهر اول امره في قناة قون ان يجتذب اليه عدداً كبيراً من جمهور المشاهدين لوجود ثلة جميلة من الشعراء الشباب من الجنسين... كانت الفكرة جديدة.. وكانت المجموعة متجانسة.. ثلة اصدقاء شباب سمحين تتعاطى الشعر وجدت لها متنفساً رائقاً عبر قناة تلفزيوينة.. لكن هذا البرنامج ضاع في هذه السنة في اتون التنافس المحموم بين القنوات والشاشات على تقديم الجديد في الشهر الكريم.. وبمثلما اسفرت مدينة بورتسودان عن وجهها التنافسي مع الخرطوم في التطور والارتقاء وتأسيس بنية تحتية وفوقية مميزة.. فقد مدت قناة بورتسودان لسانها للقنوات العاصمية.. القومي منها والخاص.. وهي تقتلع اجمل النجوم... وتبتكر اخطر الافكار البرامجية في زمن التقليد.. والعادية.. والزوغة بي فنان... والحوارات الماسخة... غفل محمود الجيلي عن فريقه الشاب فإذا بقناة الثغر تختطفهم... ولم يتركوا له غير الاجتهاد لاستقطاب شباب جدد يفتقرون لخفة الدم والانسيابية والظرافة والجاذبية التي اشتهر بها باقي الفريق.. هتان.. إيمان.. مظلي وغيرهم... ولا ادري كيف فات على صديقي الشفيع عبد العزيز التحوط لمثل هذا الاختطاف.. يبدو انه قد اعتمد على محمود الجيلي.. ويبدو ان الاخير لم يلق بالاً لزملائه.. فاختطفتهم قناة البحر الأحمر... ولونت بهم شاشتها المتطورة. استقطاب البرامج الشعرية الصرفة يثير العديد من التساؤلات... لماذا غابت برامج الشعر المتخصصة زماناً طويلاً.. لماذا عودونا طوال السنوات الفائتات على ان استضافة شاعر يجب ان تحلى باستضافة مغنٍ... هل لشباب ريحة البن.. وطريقتهم الجديدة... والالفة التي بينهم... والشاعرات الحسناوت دور في جذب المشاهدين الى برامج الشعر... ثم لماذا لا تتم استضافة الجيل الذي تعلم منه هذا الجيل افتتاح مشهد لغوي جديد باللغة الهجين التي ابتدعها جيل حميد وقدال وعاطف خيري ويحيى فضل الله والصادق الرضي ومحمد مدني وقاسم ابوزيد وعثمان البشرى وغيرهم من شعراء الفتح اللغوي الذي اخرجنا من العادية ونظم القافية الى رحاب التخيل وتحسس البصيرة والبحث في الدواخل ومخاطبة الروح والوجود.... ضاعت ريحة البن... وكسبت قناة البحر الأحمر السجال.. بمثلما تفعل بورتسودان نفسها وهي تتقدم في مجالات التطور والإبداع... لا يغالبها غير العطش اللئيم.. الذي يجهد ايلا في معالجة مشكلته.. يمضي اهل البحر الأحمر... تاركين الخرطوم غارقة... في اوساخها.. وزحمة طرقها... وغباش منظرها... ولجاجة ساستها... وجدال مثقفيها...