يعتبر مركز عبد الفضيل الماظ لطب وجراحة العيون المستشفى الحكومي الوحيد المتخصص في المجال، ورغم ضعف إمكاناته إلا أنه يتمتع بموقع إستراتيجي وسياحي يطل على شارع النيل متوسطًا الوزارات، هذا الموقع جعل «العيون الطامعة» تتحلق حوله لتسلبه من «العيون المريضة» فتعرض لمحاولات بيع عديدة آخرها القرار رقم «323» لسنة 2011م الخاص ببيع العقار وقد شرعت وزارة التخطيط والتنمية العمرانية ولاية الخرطوم في تقييمه تمهيداً لبيعه، القرار قوبل برفض كبير من العاملين بالمستشفى باعتباره إرثًا قوميًا ولأنه المستشفى الحكومي الوحيد المختص إلا أنه وجد تأييداً من مدير عام وزارة الصحة ومن المدير الطبي للمستشفى اللذين يريان أن الانتقال لمستشفى جديد به معدات حديثة أفضل من هذا الموقع القديم المهترئ رغم أن المكان الجديد لم توضع خارطته بعد! من داخل المستسفى «زووم» تقصت عن الحقائق وخرجت بالآتي الحصيلة. عن المستشفى عندما سمع رائد طب العيون الدكتور حسين أحمد حسين أن الإنجليز رحلوا وأن بعض مديري المؤسسات الحكومية حجزوا مواقع لعملهم قام بنقل مرضاه الموجودين بقسم العيون في مستشفى الخرطوم ليلاً بعربة «لوري» إلى مستشفى الجيش الإنجليزي.. وفي رواية أخرى قيل إن الموقع كان ثكنات لجيش المستعمر، وفي جولة الأزهري على مرافق الدولة بعد خروج المستعمر في عام 1956 وجد عم حسين يتوسط مرضاه فقال له «مبروك عليك المستشفى يا حسين» ومن يومها كتب تاريخ مستشفى العيون الأول في السودان وسُمي باسم المناضل عبدالفضيل الماظ وكان يتبع لوزارة الصحة الاتحادية إلا أنه آل إلى الوزارة الولائية قبل عام ونصف من الآن، وقد تحسر الدكتور عبد الله الصديق وهو من أقدم الأطباء العاملين به وقد كان مديرًا طبيًا به ويأتي للمستشفى في مواعيده القديمة مع أنه أُحيل للمعاش على القرار وكأن يأمل بأن يطور المستشفى ويكون مركزًا لمكافحة العمى يضم بنكاً للعيون ولكن... اعتصام بالمستشفى بعض العاملين بالمستشفى هددوا بالدخول في اعتصام مفتوح داخل المستشفى احتجاجاً على قرار بيعه وأكدوا أنهم سيقفون دروعًا بشرية ضد الآليات التي ستقوم بهدمه وضد المستثمر الأجنبي الذي ترامى إلى مسامعهم أنه يكمل إجراءات البيع الآن وفي ذات الأثناء طالبت مجموعة أخرى من الأطباء بتكوين لجنة لمقابلة مجلس الوزراء ومحاولة إثنائهم عن القرار، وأكدوا أن الوزارة تسعى لتوزيع العاملين بالمستشفيات الأخرى وتجفيف المستشفى وهذا ما فهموا من سياق حديث المدير العام على حد قولهم. إضافة لكونه الوحيد المتخصص في طب العيون بالعاصمة يعتبر المستشفى أكبر مركز لتدريب طلاب الطب بصورة عامة وللمتخصصين في المجال خاصة، وأفاد بعضهم أن هنالك اقتراحًا تمت دراسته بأن يتم تحويله إلى المركز القومي للطب وجراحة العيون حتى تنبثق منه مستشفيات ومراكز أخرى لطب العيون بالولاية. الوزارة هي السبب إحدى الطبيبات «نحتفظ باسمها» استنكرت بشدة القرار وأكدت أن وزارة الصحة الولائية هي السبب فهي لم تستطع حتى تغيير اللافتة بعد أن آل إليها المستشفى فما زالت مصبوغة بوزارة الصحة الاتحادية، واتهمت أفراداً لم تسمهم بالوزارة بأنهم وراء قرار البيع لأغراض شخصية وأضافت: «لم نسمع أن رئاسة الجمهورية تدخلت في شأن عقارات لوزارات ولائية فهي تتدخل في الشأن الاتحادي فقط . ونفت أن يكون لقاؤه مع مدير عام وزارة الصحة من أجل المشورة لأن القرار صدر بالفعل وقالت إنه قال لهم بلهجة حازمة إنه لا رجعة عن القرار إلا أنه استدرك وأمر بتكوين لجان وما إلى ذلك بعد أن اكتشف أن هنالك صحفيين بالقاعة. لسنا معارضة الطبيبة هالة الكارس التي واجهت حديث مدير عام الوزارة في اجتماعهم بانفعال ممزوج بالعاطفة لرفضها التام لهذه المجزرة كما سمّتها قالت إنها خلال سني عملها صادفت محاولة بيع لمستشفى سوبا ومستشفى الخرطوم إلا أن قوة عزيمة العاملين بهما صدّت كل القرارات وطالبت بأن يكون لأطباء مستشفى العيون ذات الموقف وتساءلت : «لماذا استهداف المرافق الصحية» واستنكرت وصف مدير عام الوزارة للرافضين لقرار البيع بالمعارضين السياسيين، وأكدت أن قصدهم الحفاظ على الإرث وأملاك هذا الشعب لأنهم غير متضررين وظيفيًا وأبدت استياءها من حديث المدير عن إنجازات وزارة الصحة في التأمين الصحي وما والموضوع الأساسي هو بيع المستشفى. لا بديل الآن وزارة الصحة لم تحدد موقعًا بديلاً للمستشفى باعتراف مدير عام الوزارة الذي اكتفى بأنه وجّه بتكوين لجنة من كبار اخصاصيي العيون والبصريات لوضع المواصفات العلمية الدقيقة والاحتياجات الطبية والتعليمية للمستشفى الجديد، وزاد في القول بأنه حتى إذا تم بيعه فلن يتم نقل أحد إلا بعد بناء المستشفى البديل والذي سيكون مرجعًا للعيون في الولاية وستنبثق منه مستشفيات بولايات السودان الأخرى. ضمن المخطَّط الهيكلي أيد مدير عام وزارة الصحة ولاية الخرطوم د. عمار حامد القرار الصادر عن مجلس الوزارء الخاص ببيع المستشفى رغم اعترافه بأنه المستشفى الحكومي الوحيد المتخصص في العيون والذي يتلقى الحوادث ويقوم بتدريب طلاب الطب وتخصيصهم في المجال، وأوضح في حديث ل «زووم » أن العملية تتم وفق المخطط الهيكلي لولاية الخرطوم المتمثل في تغيير الخارطة العمرانية للولاية خصوصاً الواجهات النيلية وأن القرار سيشمل وزارات ومرافق حكومية أخرى، وأوضح أن اللجنة التي تم تشكيلها من قبل وزارة التخطيط العمراني هي لجنة تقييم أولية فقط مؤكداً أن المستشفى لم يُبع حتى الآن كما أشيع، وأكد أنه إذا تم النقل فسيكون في مبنى مؤهل به جميع الآلات الحديثة والقاعات الدراسية. للمدير الطبي كلمة المدير الطبي للمستشفى د. الوليد مصطفى حسن أيد الفكرة بدوره وبين أنه لا ضرر في نقلهم لمستشفى بمواصفات حديثة سعياً لتقديم خدمة أفضل للشرائح الضعيفة التي تتلقى العلاج به ومراعاة للمصلحة العامة وأكد أن إدارة المستشفى قد تلقت خطاباً من وزارة التخطيط العمراني مفاده تسهيل مهمة لجنة التقييم. وبخصوص الاتهامات التي كالها له بعض أطباء المستشفى فقد رفض التعليق عليها وألقى بالكرة في ملعب الدكتور حذيفة أحمد الذي دافع عن المدير الطبي موضحًا أن ذهابه للوزارة كان سببه بعض المشكلات الشخصية وأن العاملين بالمستشفى ابتداءً من كبار الاختصاصيين والأطباء والعاملين طالبوا برجوعه بخطاب ممهور بتوقيعاتهم بعد ان تدهور المستشفى وقال إنه هو من نظم العمل ووضع الهيكل.