عندما سمع رائد طب العيون الدكتور حسين أحمد حسين أن الإنجليز قد رحلوا وأخلوا مواقعهم في بداية عام «1956» بعد عام الاستقلال وأن بعض مديري المؤسسات الحكومية حجزوا مواقع لعملهم قام بنقل مرضاه الموجودين بقسم العيون بمستشفى الخرطوم ليلاً بعربة «لوري» إلى مستشفى الجيش الإنجليزي أو سكناتهم في بعض الروايات، وفي جولة للزعيم الأزهري على مرافق الدولة بعد خروج المستعمر وجد عم حسين «وهوالاسم المحبب لكل أطباء العيون» يتوسط مرضاه فقال له «مبروك عليك المستشفى يا حسين» ومن يومها ت تأرخة إنشاء مستشفى العيون الأول في السودان وسُمي باسم المناضل عبدالفضيل الماظ وهوالوحيد الحكومي المتخصص في طب وجراحة العيون يتمتع بموقع إستراتيجي وسياحي مطل على شارع النيل يتوسط الوزارات الاتحادية التي كان يتبع لإحداها ولكنه آل لوزارة الصحة الولائية مؤخراً القرار «323» لسنة 2011م الصادر عن مجلس الوزراء قضى ببيع العقار احتج العاملون ووقفوا وقفات احتجاج عدة مرات، كتبوا بالصحف، نشروا اعتراضهم، هددوا بالدخول في اعتصام مفتوح داخل المستشفى حتى يحموه، ولكني أظن أن الاحتجاج كان ضعيفًا أولا حياة لمن تنادي، فرغم أنف الجميع «المستشفى للبيع لمن يرغب» هكذا قد حملت الصحف بالأسبوع الماضي إعلانات مكثفة للراغبين، فقط كنت قد أجريت تحقيقًا موسعًا من أجل هذا «المشفى العيوني» وكنت مناهضة لموضوع البيع من كل دواخلي باعتباره إرثًا قوميًا وحضارة نُسبت لشيخ العيون بمباركة من زعيمنا الأزهري إلا أنني وجدت أن وزارة الصحة تؤيد الأمر وتباركه بل وتسعى لإنهاء الصفقة، فقد قال لي مدير عام وزارة الصحة بالولاية حينها د. عمار حامد «أنا مؤيد القرار» رغم أنه اعتراف بأنه المستشفى الحكومي الوحيد المتخصص في العيون والذي يتلقى الحوادث ويقوم بتدريب طلاب الطب وتخصيصهم وأردف: «البيع ما حيقيف في مستشفى العيون بس لأن المخطط الهيكلي لولاية الخرطوم يستدعي تغيير الخارطة العمرانية للولاية خصوصاً الواجهات النيلية» معنى هذا أنه سنسمع يومًا أن القصر الجمهوري في مزاد علني يوم غد الأحد سيقف العاملون وقفة احتيجاجية وأنا أقول لهم لا ترهقوا أنفسكم مستشفى الخرطوم يعاني مثل ما يعاني مشفاكم فقط ارفعوا أيديكم إلى الله أن يرفع عنا البلاء أعلم تمامًا أنه حتى الآن لم يشيد لكم مستشفى بديل كذلك مستشفى الخرطوم لم تسع بقية المستشفيات لاستقبال أقسامه المختلفة ولا أدري ما مصير مرضاكم فأنتم أطباء وستعملون بأي مستشفى قطعًا لن تتضرروا ولكنكم تحملون قلوب تذوب ألمًا وأنتم ترون مكتسبات الأمة تباع كما قلبي الآن.. ونصمت.