تهتم شعوب العالم بمتابعة أحوال الطقس التي تنشرها الأجهزة الإعلامية سواء كانت أجهزة بلدها أو قنوات فضائية دولية عبر أجهزة التلفزيون والشبكة العنكبوتية. ومتابعة أحوال الطقس في تلك الدول خاصة الشعوب المتحضرة يستفادة منه في الإجراءات التي تُتخذ في حالة السفر أو الحركة على الطرق السريعة أو في حالة التخطيط لقضاء عطلة نهاية الأسبوع إذ أن تلك النشرات عن حالة الطقس تكون بالدقة التي تجعلك واثقًا من صحتها ومن المعلومات التي ترد فيها وهذا ما يحدث. قبل سنين قليلة مضت كان تلفزيون السودان يقدِّم نشرة جوية ذات مهنية عالية يستعرض فيها أحوال الطقس وتجد الاهتمام الكبير في المتابعة من قبل قطاع كبير من المواطنين ربما يفوق متابعة نشرة الأخبار نفسها وبقية البرامج التي تقدَّم خاصَّة خلال فصل الخريف وبتركيز شديد على متابعة الفاصل المداري ومستويات الأمطار على امتداد الوطن ومناسيب النيل ومتابعة احتمالات الفيضانات على ضوء تلك المناسيب. لقد كانت نشرة أحوال الطقس خلال فصل الخريف مجال معرفة وثقافة لدى عامة الناس وكانت المعلومات التي تقدِّمها تلك النشرات دقيقة إلى حد كبير الشيء الذي أصبح الناس يرتبون أوضاعهم عليها. مثلاً عندما يذكر أن الفاصل المداري يتحرك شمالاً ويمتد جنوبحلفا القديمة أو تعدى أبو حمد هذا ينبه كل أهل الشمال أن هناك أمطارًا محتملة جنوب الفاصل المداري الشيء الذي يستوجب عليهم حفظ التمور «المشرورة» في الحيشان أو جمع تمر الهبوب حتى لا تُفسده الأمطار وغير ذلك كثير من الترتيبات. كانت متابعة نشرة الأحوال الجوية برنامجًا ثابتًا يتابعه كل الناس، ومن خلال كثرة الحديث عن الفاصل المداري أصبحت الخالة النعمة بت عبد القيوم رحمة الله عليها تشيل هم على محصولها من التمور عندما يتعدى الفاصل المداري مدينة أبو حمد شمالاً وهي تعلم ماذا يعني ذلك وكذلك الآخرون. لأن الأمطار تُحدث أضرارًا كبيرة بمحصول التمور وهو مصدر الدخل الرئيس لديهم. { إذاً ما هو السبب وراء إيقاف تقديم نشرة الأحوال الجوية؟؟ { في الأسبوع الماضي جاء في الصحف على الأرصاد أن الأسبوع على امتداده سيشهد أمطارًا كثيرة في الخرطوم وأواسط السودان. قلنا طيب جميل ربنا يجعلها أمطار خير وبركة ولكن كيف نتابع أخبار تلك الأمطار وتفاصيلها اليومية حتى نرتب أوضاعنا وحركتنا؟؟ وبسبب غياب نشرة الأحوال الجوية كانت الأمطار تفاجئ الناس في كل مرة ومعروف أن أمطار عينة «النترة» وعينة «الطرفة البكاية» لا تنذر الناس بقدومها بخلاف عينة «الضراع» والضراع هذا العام كان بخيلاً على الولايات الوسطية ولم يتكرم بنقطة واحدة على الخرطوم وعموماً كان غير ناجح. وبسبب غياب معلومات الطقس تفاجأ الناس بأمطار غزيرة ليلة الأربعاء مصبح على الخميس أدت إلى جهجهة الناس ليلة التهجد الثانية. أما نهار الخميس وهو نهاية الأسبوع فتفاجأ كل العاملين في الخرطوم بأمطار شديدة بدأت عند الساعة الرابعة وكثير من الناس لم يتمكنوا من الوصول إلى بيوتهم إلا بعد معاناة وكُربة. {اذاً ألم يكن مفيدًا للناس معرفة أحوال الطقس من خلال النشرات الجوية حتى لا يُفاجأوا؟؟ { أليس لدينا جهاز أرصاد جوي مؤهل وأجهزة ذات قدرات عالية، ومعلومات متوفرة من أجهزة الأرصاد الجوية على امتداد العالم؟ { يوم الخميس قبل بداية الأمطار عصراً يجلس معي دكتور هاشم حسين الخبير في حصاد المياه عرض علينا من خلال الموبايل حالة الطقس في الخرطوم من الأرصاد العالمي تشير إلى أن الخرطوم تحت المطر خلال الأربعة أيام القادمة!! وتلفزيوننا يبخل علينا بنشرة أحوال الطقس؟! { لقد كانت نشرة الأحوال الجوية ومناسيب النيل خلال فترة الخريف تجد الاهتمام من المزارعين الذين يزرعون الجروف على امتداد النيل وكذلك أصحاب الأراضي التي تزرع عن طريق ري الحياض والمعلومات التي توفرها النشرة الجوية تجعل المزارع يحدد متى يرمي البذرة ومتى يقفل الحوض حتى لا يفقد الموسم. { عندما يذكر في النشرة الجوية حدوث ارتفاع كبير لمنسوب النيل في محطة الديم هذا يجعل الناس في حالة تأهب على امتداد النيل خلال الأيام التي تلي ذلك. { أخي القارئ الكريم مجرد تقديم النشرة الجوية وحالة الطقس والأمطار ومناسيب النيل يكفي ما يعقب ذلك من دعاء من قارئ النشرة ومن المتابع لها والجميع يقولون اللهم اجعلها أمطار خير وفيضانًا نافعًا، ويؤمِّنون. أخشى أن الذين أمروا بإيقاف نشرة حالة الطقس خاصة في فصل الخريف لم يفكروا في فوائدها ولا يلمون بمدى اهتمام الناس بها.. سألت أحدهم لماذا أوقف التلفزيون القومي تقديم نشرة الأحوال الجوية؟؟ فرد ساخراً، يمكن خبراء الإرصاد الجوي الذين يقدمون النشرة طالبوا ببديل لبس للظهور في الشاشة!! هذا التعليق الساخر يذكرني بما حدث في تلفزيون الكويت عام 1975 عندما طالب مقدمو نشرة الأحوال الجوية ببدل لبس مثلهم مثل مقدمي النشرة الإخبارية فحسم مدير التلفزيون وقتها كما جاء في الأخبار ألّا يظهر مقدم النشرة الجوية على الشاشة فقط «عصاته والخرطة» وقد أطلق السودانيون في الكويت على مقدم النشرة الجوية اسم «حامد أبو عصاية» { طيب يا سعادة مدير التلفزيون لو كان ده هو السبب خلي نشرة الأحوال الجوية فقط خرطة وعصاية، المشكلة شنو؟ { عجيب أمر أهل الإنقاذ الناس تقول ما تجروا الساعة، يصروا على جر الساعة، الناس تقول ما عايزين الصف التاسع يصروا على الصف التاسع، الناس تقول عايزين النشرة الجوية، يتم إلغاء النشرة الجوية... «يا خلف الله الحكاية شنو؟». { للمهتمين بمتابعة حالة الطقس في موسم الخريف عِينات الخريف: تبدأ عِينات الخريف الرئيسية بالضراع وقد اختلف الناس في تحديد تاريخ بدايته. وعموماً عِينة الضراع تأتي خلال شهر يوليو كما موضح أدناه وقد تسبق الضراع أمطار خلال شهر يونيو. عِينات الخريف الرئيسية تنحصر في : الضراع: من 7/7 إلى21/7 النترة: من 22/7 إلى 3/8 الطرفة: من 4/8 إلى 16/8 الجبهة: من 17/7 إلى 30/8 الخرسان: من 31/8 إلى 13/9 الصرفه: من 14/9 إلى 25/9 العوا: من 26/9 إلى 8/10 السِماك: من 9/10 إلى 21/10 وتُختم عِينات الخريف بالسِّماك والأمطار فيه يُطلق عليها مطر البخّات. وعن عِينة السماك يقول أهل الصعيد: «يا سما كفاك.. ويا بحر بي قفاك» كل عام وأنتم بخير ونسأل الله أن يجعلها أمطار خير وبركة