من هو المسؤول إذن عن انقسام صف الإسلاميين في السودان بعد أن أكد حسن الترابي «الأمين العام للمؤتمر الشعبي المنقسم من المؤتمر الوطني أن السيد الرئيس عمر البشير ليس مسؤولاً عن الانقسام وأنه رجل متدين ويحب السلام والحركة الإسلامية؟! كان في مساء يوم الثاني عشر من ديسمبر 1999م، الموافق «الرابع من رمضان» عام 1420ه قد صدرت من الرئيس البشير قرارات حل بموجبها المجلس الوطني «البرلمان المعيَّن وغير المنتخب» الذي كان يرأسه حينها حسن الترابي.. وبالطبع هذا ليس له علاقة بوحدة صف الإسلاميين، فهذا شأن دولة. وكان في نفس الوقت الترابي هو الأمين العام للحزب الحاكم «المؤتمرالوطني»، لكنه لم يتمالك نفسه حينما غضب من قرارات الرابع من رمضان، وكان أن امتد أثر هذا الغضب إلى وحدة صف الإسلاميين، فسارع دون تريث وتروٍ إلى تسجيل حزبه «المؤتمر الشعبي». كان انشقاقه حسب رؤية البعض انقساماً لصف الإسلاميين، ويرى البعض الآن أن «دم الحجامة» قد خرج من جسد الحركة الإسلامية بذاك الانشقاق. لم يتفق كل الناس على أنه انقسام وانشطار، فكثير من الناس يقول هو خروج مجموعة مع رئيسها الغاضب، وكان الترابي بعد المفاصلة حينما يحاول التقرب من جون قرنق من خلال مذكرة التفاهم تلك المعروفة يقول قرنق: «أنا لست مستعداً لإخراج الترابي من غضبه على الحكومة». لكن الآن أيزال الغضب وعاد البشير «هبة السماء» كما قال الترابي قبل المفاصلة؟! إن الرئيس البشير ليس مسؤولاً عن انقسام صف حركته، فهو لم يحل الأمانة العامَّة للحركة الإسلاميَّة ولم يحل الأمانة العامَّة للمؤتمر الوطني وإن كان الإسلاميون في عضويته أقليَّة والأغلبيَّة من بقيَّة أبناء الشعب. إنما حل المجلس الوطني «غير المنتخب». وحتى لو كان المجلس الوطني وقتها منتخباً انتخاباً نزيهاً لما كان رئيسه الترابي. فقد سقط في انتخابات 1986م وفاز حسن شبو، وكانت انتخابات 1986م في دائرة تضم قريته ود الترابي. إذًا ليس هناك ما يجعل «بطن الترابي فايرة» بعد قرارات الرابع من رمضان. كانت الحكمة السياسية والشرعية تقتضي أن يتقبل بصدر رحب قرارات الرابع من رمضان. فالرئيس لم يأخذ ماله ويضرب ظهره. والرسول صلى الله عليه وسلم ينهى عن الخروج على الحاكم وعدم طاعته ويقول: «ولو أخذ مالك وضرب ظهرك». لكن كل ما فعله البشير هو حل مجلس وطني «برلمان» غير ديمقراطي.. برلمان «خجلة سياسية».. لم تنافس في دخوله انتخابياً الأحزاب. ولذلك ما كان هناك داعٍ لغضب الترابي الشديد على الحزب الحاكم لدرجة أن يقع بغضبه انقسام الإسلاميين وتخرج من المجموعة المنقسمة قيادات حركة العدل والمساواة. نعم البشير ليس مسؤولاً عن انقسام الإسلاميين ولا علي عثمان محمد طه ولا نافع ولا مصطفى عثمان. المسؤول هو الترابي نفسه ولو كان صبر قليلاً لعاد إلى المجلس الوطني «معيَّناً» من جديد أما «منتخباً» هذي فهي الآن.. بعد قدر من التحول الديمقراطي.