تدخلت قوات الشرطة المصرية فجر أمس الأربعاء لفض المعتصمين السلميين بميداني النهضة ورابعة العدوية من أنصار الرئيس المنتخب محمد مرسي، وقد انطلق الهجوم بعد قطع الكهرباء وإطلاق القنابل المسيلة للدموع ثم بعد ذلك عمدت قوات الشرطة والأمن وبصورة وحشية إلى حرق الخيام بدون أدنى اعتبار لمن هم بداخلها من أطفال ونساء الأمر الذي خلَّف قتلى وإصابات بالغة في النساء والأطفال الرضع. وما يزال المعتصمون صامدين بميدان رابعة العدوية رغم حصيلة القتلى والجرحى التي فاقت حدود كل ما كان متوقعًا من سقوط للشهداء والمصابين حيث صرح المستشفى الميداني ببلوغ عدد الشهداء إلى أكثر من 2000 شهيد وأكثر من «7000» جريح وكانت كل الإصابات بالرصاص الحي من بنادق القناصة الذين يعلون بناية الجيش الموجودة برابعة العدوية والتي أمضى المعتصمون 46 يومًا بجوارها بدون أن تتعرض لأي اعتداء أو تخريب. في حين خرجت مظاهرات حاشدة في العديد من المحافظات المصرية بعضها توجه إلى ميدان رابعة العدوية كما أعلنت بداية العصيان المدني الشامل، حيث تم قطع الطرق الرئيسية والسكك الحديدية .. وبهذه الخطوة تكون سلطة الانقلاب في مصر قد ارتكبت مجزرة بشعة وإبادة جماعية في حق مواطنين عزل من بينهم أطفال ونساء وشيوخ، أي جريمة إنسانية يعاقب عليها القانون الدولي، في رأي خبراء القانون الدولي، وبهذه الخطوة أيضًا تكون سلطة الانقلاب في مصر قد فتحت باب الفتنة واسعًا أمام كل الاحتمالات الأسوأ لاستحالة ضبط الغاضبين الذين فقدوا أطفالهم ونساءهم وأولادهم بنيران الغدر والرغبة العارمة في الانتقام من الإخوان ... والسؤال الذي يطرح نفسه هنا بقوة ما الهدف من عملية الإبادة الجماعية البشعة التي ارتكبتها سلطة السيسي الانقلابية؟؟!! وبإلقاء نظرة فاحصة تأخذ في الاعتبار سيناريو الانقلاب ومراحل التدرج التي اعتمدها في تاكتيكه «الفطير» من تلفيق التهم للرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي بالتخابر مع حركة المقاومة الإسلامية «حماس» وقتل الشرطة، يدرك بوضوح أن الهدف هو تصفية الإخوان المسلمين الذين فاجأوا خصومهم السياسيين بتمدد دائرة قاعدتهم الشعبية في الانتخابات الرئاسية التي اكتسحها حزب العدالة بزعامة مرسي، هذا إلى جانب أن «الإخوان المسلمين» في مصر ينظر لهم الجيش المصري، وبقايا مؤسسات «مبارك» وامبراطورية «أهل الفن» هناك على أنهم بعبع مخيف ولا بد من التخلص منهم بأي شكل، لذلك وجدت فكرة الانقلاب على حكومة مرسي في «30» يونيو ودعوة السيسي لتفويضه على تصفية وجود «الإخوان» المعتصمين، وكذلك الدعوة لفض الاعتصام بالقوة، وجدت هذه الفكرة تأييد إمبراطورية الفن وبقايا مؤسسات مصر مبارك والمؤسسة العسكرية العلمانية، والناظر إلى ما يجري الآن في مصر تؤكد له كل المعطيات أن ما يحدث هو صراع أيدولوجي بين الإسلاميين والعلمانيين المدعومين غربيًا وإسرائيليًا وليس هناك من دليل أكثر من حادثة مقتل الجهاديين الأربعة بسيناء بطائرة إسرائيلية بدون طيار ثم تبني سلطة السيسي العملية بعد الادعاء أن «الإرهابيين» يريدون توجيه ضربات صاروخية للعمق المصري، ولعل التعاون المصري الإسرائيلي على قتل المصريين في تلك الحادثة بدا أكثر قوة وجلاء ... وبهذه القرارات يكون السيسي قد أدخل بالفعل مصر في دوامة الحرب الأهلية التي انطلقت بالفعل وبصورة أكثر عنفًا وإيلامًا وليس هناك من أمل في إيقافها على المدى القريب، وبهذا تكون مصر قد فقدت ثورة عظيمة وهي ثورة الخامس والعشرين من يناير التي جاءت لتحرير المصريين من الظلم والفساد... الآن الناظر إلى كل المؤشرات يتبين له بشكل جلي أن شرارة الحرب الأهلية قد انطلقت تمامًا ولعل هذا ما جرّت إليه سلطة الانقلاب إخوان مصر وذلك لإيجاد مبررات قوية لتصفيتهم بشكل لا رحمة فيه وإبادتهم على هذا النحو الذي يؤكد أن العلمانيين في مصر قد أعلنوا حرب الإبادة الجماعية وتصفية وجود الإسلاميين ومؤسسات حكمهم على نحو يتماشى مع إستراتيجية حماية أمن إسرائيل، وإذا كان الإخوان يعتصمون سلميًا ويرفعون شعارات التظاهر السلمي لاقوا مثل هذا التقتيل الوحشي فما بالك بهم إذا رفعوا السلاح وقاوموا الظلم الذي وقع عليهم ترى ما ذا سيفعل بهم الجيش المصري؟ .. وجاءت هذه التطورات بعد تصريحات لوزير داخلية الانقلاب محمد إبراهيم أكد فيها أن اعتصامَي رابعة العدوية وميدان النهضة المؤيدَين للرئيس المعزول سيتم فضهما قريبًا «في إطار قانوني»، وقال إن الاعتصامَين «لا جدوى منهما لأن مصر لن تعود إلى الخلف». ومما سيزيد الأمور سوءًا أن اعتصام مؤيدي مرسي في ميدان النهضة بالقاهرة لا يزال مستمرًا وسط حالة غضب عارمة بعد الأنباء عن سقوط تلك الأعداد الهائلة من شهداء ميدان رابعة العدوية. في وقت فضّ فيه مؤيدو دعوة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي اعتصامهم بميدان التحرير في ساعات الصباح الأولى. هذه الحادثة البشعة أثارت ردود فعل واسعة النطاق لحظة وقوعها وأدان شيخ الأزهر الحادثة ووصفها بالمجزرة وبالمقابل أعلن التحالف الوطني لدعم الشرعية الاستمرار «لإسقاط الانقلاب»، وجاء في بيان للتحالف «نحن نثق أن اليومين القادمين من مليونية إسقاط الانقلاب ستكون حاسمة في تاريخ مصر».