الكل كان ينتظر العيد كما تعوَّد بالحلويات والخبائز والملابس الجديدة وكل التجهيزات للبيوت ولكن تزامنه مع موسم الخريف خالف كل التوقعات ليتحول العيد من موسم لنشر الأفراح وحفلات الزفاف والمناسبات السعيدة لموسم يوزع المآسي والأحزان ونشر الكآبة وتتحول مظاهر الفرح من الزينة ومناظر جميلة إلى برك وأوحال تحيط بالناس من كل مكان مكبلة لتحركاتهم ومفسده لخطتهم وتحولت الساحات الشعبية من أماكن لصلاة العيد وتجمع الأطفال وإطلاق المفرقعات إلى مستنقعات تتجمع فيها الضفادع والبعوض.. «إسماعيل»، مواطن، قال: هذه السنة أجبرتهم الأمطار على ترك الكثير من الخطط والبرامج التي كانوا يقومون بها كل سنة فلم يصنعوا الخبائز ولم يقوموا بالمعايدات لأهل الحي فقد كانوا بعد أن تنقضي صلاة العيد يجوبون كل المنازل لتقديم التهاني ولكن معظم الناس لم يكونوا مستعدين لاستقبال الضيوف لأن معظم أثاثاتهم كانت في الشوارع إما لأنها مبتلة أو خوفًا من سقوط الغرف عليها. تحدث لنا أحمد خلف الله عن العيد هذه السنة فقال: لأول مرة نمر بمثل هذه التجربة المريرة، لم نشعر بالعيد ولا بقدومه وضاعت كل تجهيزاتنا سدى حتى إن أطفالي لم يتذكروا قدومه ونسوا العيد وانشغلوا بالأشياء التي ضاعت مثل التلفاز وألعابهم، كل يوم يذهبون للبحث عنها وبعد عدة أيام قال لي أصغرهم بأنه سمع بأن العيد قد أتى! أما «العوني» فقال: بالرغم من أن منزلنا والحمد لله لم يتضرر كثيرًا مثله مثل بقية المنازل إلا إن فرحة العيد غابت هذه السنة، فأصدقاؤنا وجيراننا الذين يشاركوننا الفرحة بقدوم العيد يعيشون في كآبة شديدة مما جعل الفرحة ممزوجة بالحزن، لم نقدر على نسيان ما حدث لهم ولم نستطع تجاهل الكارثة التي حلت عليهم بفقدانهم للكثير من ممتلكاتهم. «سيف» قال: وقوع العيد مع موسم الأمطار هذه السنة أفقده الكثير من البهجة والفرح فالشوارع مغمورة بالمياه حتى إن الساحات التي تقام فيها الصلاة كانت مغمورة مما خلق ربكة فظللنا نبحث عن مكانها لنعثر عليه بصعوبة والأطفال لم يجدوا المساحة الكافية للعب ونحن لم تقدم التهاني للأصدقاء ولم نأكل الحلويات لأن معظم التهاني كانت عبر الهاتف. و«هاني» الذي كان ينوي الزواج في هذا العيد قام بتأجيله لأجل غير مسمى وقال: أتلفت الأمطار والسيول الكثير من تجهيزاتي للعيد والزواج التي أُعد لها منذ شهور فقد قمت بصيانة البيت وشراء «الشيلة» وكل شيء أصبح جاهزًا ولكن لا اعتراض على حكم الله. العيد هذا العام يتحدث عن نعم الخالق ونقمة ولسان الحال يقول العيد بنكهة الطين.