الأخبار التي ترشح عن مجموعات مسلحة في بعض ولايات دارفور تدخل طرفاً ثالثاً في الصراعات القبلية هناك، ولعلها تبين لنا أن دور أولئك المسلحين في تأجيج النزاعات القبلية وتعطيل جلسات الصلح ومؤتمراته يبقى أسوأ من أنشطة الحركات المتمردة التي انحسرت إلى حد كبير بعد تغيير الوضع السياسي في ليبيا، هذا إذا لم يكن المسلحون يتبعون للحركات المتمردة. اتفاق وقف العدائيات بين الرزيقات والمعاليا كان من المفترض أن يتم التوقيع عليه يوم الأحد الماضي بمنطقة الطويشة بشمال دارفور، وقد كان ممثلو الطرفين مستعدين للتوقيع، لكن عملية اختطاف قام بها مسلحون لإثنين وأربعين فرداً من قبيلة المعاليا معظمهم من النساء كانوا في طريقهم لمنطقة »أبو كارنكا« بعد مغادرتهم الضعين، هذه العملية تسببت عدم في التوقيع على اتفاق الصلح. وكان الخاطفون مدفوعين من جهة ما متمردة لاستهداف أي صلح قبلي من شأنه أن يقود إلى تحقيق الأمن والاستقرار في دارفور باعتبار أن هذا محسوب أيضاً لصالح الحكومة. وتقول الأخبار إن المختطفين الذين أكثرهم من النساء كانوا محتجزين في الضعين منذ اشتعال نار الفتنة بين قبيلتي المعاليا والرزيقات. لكن رغم أن حكومة ولاية شرق دارفور بلجنتها الأمنية تحركت فوراً للبحث عن المختطفين ويقودها طبعاً الوالي كاشا، إلا أن الإدارة الأهلية لقبيلة المعاليا حمَّلت حكومة الضعين الولائية مسؤولية سلامة رعاياها المختطفين، وطالبت كما جاء في الأخبار بتكثيف الجهود لإطلاق سراحهم. ثم قالت الإدارة الأهلية للمعاليا إنها ستتخذ تدابير خلال يوم واحد حال عدم إطلاق سراح المختطفين. أولاً الحق يقال، فإن حكومة الولاية لن يسعها أن تقف حيال أية عملية إجرامية تتم ضد مواطني الولاية جميعهم وليس رعايا قبيلة فحسب مكتوفة الأيدي. فهذا أوجب واجباتها، ولا يمكن أن يخلو تكليف حكومة ولائية من حماية أمن المواطن والاهتمام به بشدة، بل إن هذا أوجب واجباتها. وقد تحدّث معتمد أبو كارنكا السيد عثمان قسم عن ضرورة إطلاق سراح المختطفين الذين معظمهم من النساء لتهيئة الأجواء العامة لتوقيع اتفاق وقف العدائيات بين المعاليا والرزيقات. والإدارة الأهلية للمعاليا نفسها قالت إن عملية الاختطاف قادت إلى تأجيل التوقيع على اتفاق وقف العدائيات بين المعاليا والرزيقات. وهو ما أشرت إليه هنا آنفاً. ونرجو أن تكون التدابير التي ستتخذها الإدارة الأهلية للمعاليا إذا فشلت حكومة الولاية في تحرير المختطفين، هي أن تقف ساعداً أيمن للحكومة لرسم مشهد تضامني لتحرير المختطفين. فإمكانات الطرفين الحكومة والإدارة الأهلية يمكن أن تحقق الهدف المنشود، إما إطلاق السراح وإما التحرير. ولا بد من الانتباه إلى أن أية توترات بين الإدارة الأهلية لأية قبيلة والحكومة الولائية أو المحلية في أية ولاية هو كسب كبير للذين يستهدفون الأمن والاستقرار. ولتتذكر قبيلة المعاليا أنها قبل سنوات كانت تواجه اعتداءات متكررة من بعض الحركات المتمردة الآن، والتي كانت حينها إحدى حركات سلام دارفور الموقعة على اتفاقية أبوجا، ولعلها الآن تريد جر القبيلة للمشكلات، لأن الاختطاف في السابق كان بالاعتداء عليها.