الرحيل المفاجئ لوالي الشمالية السابق الشهيد فتحي خليل إثر حادث حركة في أغسطس من العام الماضي ترك فراغًا كبيرًا على مستوى الحكم بالولاية التي لم تفق من صدمتها رغم مرور أكثر من عام على رحيله فتهيأ المؤتمر الوطني مبكرًا لتحديد خلافة فتحي فتقدم بخمسة مرشحين لرئاسة الجمهورية لمنصب الوالي عبر المكتب القيادي وكان أبرز الأسماء التي رفعت هم (الدكتور إبراهيم الخضر والمهندس الحاج عطا المنان وبلال عثمان بلال وعادل عوض سلمان)، واختار المركز الوالي المكلف الحالي الدكتور إبراهيم الخضر ليكون مرشحًا للحزب في انتخابات هذه الدورة التي لم يتبقَ لها سوى عام ونصف فقط، وفي الوقت الذي تم فيه فتح باب الترشيح للأحزاب والمستقلين لخوض غمار هذه الانتخابات، خلت الساحة الانتخابية من المنافسة الحقيقية لمرشح حزب المؤتمر الوطني، حيث لم تقدم الأحزاب مرشحيها بينما سحب اثنان من المستقلين ترشيحاتهم وهما عبد الوهاب أبو من محلية القولد. وشاهين من محلية حلفا، لتبقى الفرصة شاغرة لمرشح الوطني لهذا المنصب. ويرى مراقبون أن الفترة المتبقية للدورة الحالية (عام ونصف فقط) غير مشجعة لأي مرشح لكي يغامر بنفسه في ظل المعطيات الموجودة حتى لا يخسر رهان المنافسة الحقيقية في الدورة الثانية لذلك كان من الطبيعي أن تتهيأ الفرصة لمرشح الحزب الحاكم أن يحوز على المنصب دون منافسة حقيقية، وفي الوقت الذي تشير فيه بعض المعلومات عن فشل المرشحين المستقلين لمنصب الوالي في جمع التوقيعات المطلوبة (خمسة آلاف عضو) للإيفاء بشروط الترشح نفى المرشح عبد الوهاب أبو المرشح المستقل (مؤتمر وطني) ما تردد من معلومات عن هذا الأمر وأوضح أبو في حديثه ل (الإنتباهة) أن سحب الترشح لم يكن لفشلهم في جمع التوقيعات المطلوبة وإنما جاء بعد الاتفاق الذي تم بينهم وبين إدارة الحزب بعد أن تم تكوين لجنة لهذا الغرض، وأضاف (أن ما دعانا للترشح هو عدم وجود العدالة والتنمية المتوازنة وكذلك القضايا العامة التي تهم المواطنين التي نرى أن الحزب لم يوفق في حلها وإدارتها بالصورة المطلوبة) لذلك وعندما التزمت قيادة (الوطني) بحل هذه القضايا قمنا بسحب ترشيحنا، وأشار عبد الوهاب إلى أنهم آثروا المصلحة العامة خاصة أن إجراء الانتخابات كان سيكلف خزينة الولاية المليارات فمن الأفضل أن تذهب هذه الأموال لبرامج التنمية. وأردف أبو: ولكن إذا شعرنا في هذه الفترة المتبقية بعدم تنفيذ ما اتفقنا عليه سنقوم بالترشح مرة أخرى في الانتخابات القادمة كما أن الحزب سيجد أكثر من مرشح لتحقيق طموحات المواطنين. إلى ذلك فضل نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني بالولاية الشمالية جعفر عبد المجيد انتهاء الفترة المقررة لعملية الطعون والاعتراضات وإعلان الوالي فائزًا رسميًا حتى يدلوا بدلوه في هذا الأمر وهي الفترة التي حدد لها العاشر من سبتمبر المقبل، بينما تشير كل الدلائل والمؤشرات إلى فوز مرشح حزب المؤتمر الوطني بالمنصب نسبة لعدم وجود المنافس الحقيقي وصحة كل الإجراءات التي اتبعها الوالي في عملية الترشح، كما امتنع ممثل الحزب الاتحادي في الحكومة عثمان الشايقي بالإدلاء بأي تصريح للصحيفة مشيرًا إلى أن كل أمور الحزب والتصريحات الإعلامية من اختصاص دائرة الحزب بالمركز، ويشير معتمد دنقلا اللواء الشاذلي محمد سعيد في حديثه ل (الإنتباهة) إلى أن فوز الوالي الحالي من غير انتخابات إذا قدر له ذلك سيكون له الانعكاس الأكبر على مستوى برامج التنمية بالولاية، مضيفًا أن الطريقة التي أدار بها الوالي المكلف الخضر دفة الولاية في الفترة الماضية أدت إلى توافق سياسي كبير بين الأحزاب وأظهرت مدى الحكمة التي أدار بها الوالي دفة الحكم في تلك الظروف العصيبة التي فقدت الولاية فيها واليها عبر ذلك الحادث وتوقع سعيد أن تنعكس الأموال التي كانت ستخصص للانتخابات على برامج التنمية وفي مقدمتها كهربة المشروعات الزراعية وإكمال البنية التحتية للبرامج التنموية، ويشير وزير الصحة بالولاية الشمالية الدكتور حسن عبد الرحمن عطا السيد المحسوب على جماعة أنصار السنة المحمدية في حديثه ل(الإنتباهة) أن النموذج الذي حدث بالولاية من توافق الأحزاب ومكونات الحكم بالولاية على مرشح واحد يعتبر نموذجًا متقدمًا ويجب أن يكون قدوة للآخرين على المستوى القومي، مشيرًا إلى أن الانتخابات دائمًا ما تكون لها آثارها السالبة على مستوى الأحزاب بينما هذا التوافق يمثل مدى الوعي الذي تتعامل به قيادات الولاية الشمالية مع أحداث كهذه، مطالبًا المركز بمكافئة الولاية على ما أقدمت عليه وذلك بتحويل جزء كبير من الأموال التي تم رصدها للانتخابات إلى برامج تنموية بالولاية. وتأسيسًا على كل ذلك فإن الدكتور الخضر الذي أصبحت مسألة إعلان فوزه مسألة فقط أمام تحدٍ كبير في الفترة القادمة لتلبية أشواق الأحزاب التي تنازلت له والعمل على تنفيذ تعهدات الحزب للناخبين.