الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية الحاكمة في جوبا أو التابعة له هي لم يتخلَّ عن أساليبه في احتلال ومحاصرة مناطق سودانية.. رغم اتجاه حكومة جوبا بعد نشوب أزمة صادر نفطها نحو تحسين العلاقات مع الخرطوم وتظاهرها بأنها تريد معالجة القضايا العالقة بطرق سلمية.. فبعد أن حرر الجيش السوداني قرية «أشمبو» بمحلية قيسان بولاية النيل الأزرق على الحدود مع إثيوبيا، قام جيش جوبا بمحاصرة منطقة جودة الفخار في ولاية النيل الأبيض. جاء تحرير «أشمبو» في ولاية النيل الأزرق بعد أن قامت قوات الحركة الشعبية بحرق السوق ونهب أموال المواطنين وممتلكاتهم. فهناك قد تركوا وراءهم وهم فارين حرائق السوق وجثث قتلاهم. فما الهدف من احتلال «أشمبو» إذن؟! هل فقط من أجل النهب؟!.. وقد جاء في الخبر إنها مجموعة متمردة تتبع للحركة الشعبية، وهذا معناه أنها تابعة لقوات قطاع الشمال في الحركة الشعبية بقيادة مالك عقار وعبد العزيز الحلو، فهي التي توصف بأنها متمردة، لكن القوات التي تحاصر منطقة جودة الفخار بالنيل الأبيض تابعة مباشرة لحكومة جوبا التي تفاءل البعض بالتعديلات الكبيرة فيها، وبعد هذه التعديلات التي بعثت على التفاؤل كان دعم المتمردين للهجوم على «أشمبو» في النيل الأزرق ومحاصرة جودة الفخار في النيل الأبيض. وإذا كان احتلال أشمبو من قبل متمردي قطاع الشمال بالجيش الشعبي لغرض نهب الأموال والممتلكات، فإن محاصرة جودة الفخار تبقى لنفس الغرض لكن هنا تختلف الطريقة طبعاً باعتبار أن «أشمبو» دخلها متمردون، وأن النهب يمكن أن يليق بهم وهم بهذه الصفة، أما جودة الفخار فإن قوات جوبا التي تحاصرها تبرر ذلك بإدعائها أن المنطقة جنوبية، وكانت محاولات نهب أموال المواطنين فيها تحت غطاء رسوم الإقامة وترخيص السيارات وعوائد المساكن والحواشات.. وبمبالغ باهظة وأقسى مما كانت تنهبه حكومة محمد علي باشا قبل الثورة المهدية المجيدة. لكن بأي حق تدعي جوبا أن جودة الفخار تتبع لدولة جنوب السودان وسكانها شماليون؟! ثم إن اللجنة الأمنية المشتركة اتفقت في اجتماعاتها الأخيرة على أن ينسحب الجيش الشعبي ثلاثة كيلومترات من الخط الصفري الذي حددته لجنة الترسيم التي أفادت بأن منطقة جودة الفخار تتبع للسودان. سلفا كير يرأس دولة جنوب السودان، فهل هو صاحب قرار محاصرة جودة الفخار لضمها إلى دولته؟! أم أن هناك داخل الجيش الشعبي من القادة من هو مفوَّض للقيام بأي عمل لصالح الدولة حتى ولو كان فيه اختراق لاتفاق معين؟! إن سلفا كير إذا لم يكن مسؤولاً بطريقة مباشرة عن الهجوم على قرية «أشمبو» باعتبار أن من هاجموها وأحرقوها ونهبوا أهلها متمردون تابعون لقطاع الشمال بحركته وبجيشه، فهو مسؤول من محاصرة جودة الفخار.. وهو الذي يُعتبر معتدياً عليها بصفته القائد الأعلى للجيش الشعبي الذي ادعى أنها جنوبية وفرض فيها لوائح لصالح دولة الجنوب. وعلى الخرطوم قبل البحث مع سلفا كير أثناء زيارته المرتقبة في أي قضية أن تسأله عن محاصرة جودة الفخار.