ويُضاف إلى ما ذكرته في الحلقة الماضية مما تشتمل عليه هذه النكت التي أصبح لها فِرق تقوم بتقديمها وتُسجَّل في أشرطة وأقراص يتم ترويجها من خلالها: ** أن بهذه النكت التشبه بالنساء في تقليد أصواتهنَّ وتمثيل أدوارهن، بل لا ينقضي العجب عندما تخبر أن رجلاً لأجل النكت والضحك يمثّل دور امرأة تريد الزواج وتسأل عن الأزواج وعن الزواج الجماعي وتتحدث عن حاجتها للزواج ورغبتها في الرجال!!! فبئست البضاعة وبئست الأذن التي تصغي استماعاً!!! باتت «الخيابة» مائدة يضحك فيها كثيرون للأسف الشديد، ومن عجبي أن في الحضور الذين يحضرون تقديم تلك النكت: العجوز الهرم وفيهم الشاب والشابة ووسطهم الأطفال وبعض المراهقين والمراهقات وقد يكون بينهم بعض القدوات من كبار المسؤولين والموظفين يضحكون ويقهقهون!!! والكاميرات تصوّر، والقنوات تنقل!!.. فما هذا الضياع؟!!! هل يا ترى لم يسمعوا بهذا الحديث: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ. رواه البخاري في صحيحه. اللعنة تعني الطرد من رحمة الله للمتشبهين من الرجال بالنساء.. فماذا يجني وينتج ويربح ويثمر من يُطرد من رحمة الله تعالى؟!! والله إنه لحديث كافٍ في أن يدع هؤلاء ما هم فيه من هذا الغثاء.. وقد قال الله تعالى: «سيذكر من يخشى». ** ومن أخطر مما تشتمل عليه هذه النكت أنها تروِّج لتزيين صورة «المساطيل» في عقول الناشئة والشباب، فيرسخ في ذهن من يسمع إلى هؤلاء أن مدمني المخدرات «المساطيل» أصحاب بديهة وفراسة، وخيال عجيب، وهذا الترويج يأتي في زمان نعاني فيه في مجتمعنا من استهداف شبابنا بخطط مدروسة من جهات عديدة لاصطيادهم في شرك المخدرات، إذ تنشط جهات في نشر «البنقو» وغيره من المخدرات التي أصبح لها انتشار في الجامعات وفي غيرها من الأماكن، ومما لا شك فيه أن حكاية النكت الكثيرة عن «المساطيل» مما له أثر سلبي في تزيين هذه الفئة «المُدَمَّرَة» «الهالكة» في المجتمع، فيا ترى هل عقل المرتزقون بالنكت ذلك؟!!!! ** وأما الأمور الأخرى التي تتضمنها هذه النكات الآثمة الكاذبة فهي معلومة ولا تحتاج للتعليق كتهوين أمر الصلات المحرمة بين الرجال والنساء، وتعويد الناشئة على قلة الحياء من خلال تناول موضوعات لا تليق في وصف الرجال للنساء والعكس.. وفي بعضها استهزاء بالدين وشعائره.. إن دعوة أصحاب النكت التي للأسف وجدت حيزاً في القنوات الفضائية وغيرها من وسائل الإعلام، وزاحمت حتى الأوقات الفاضلة في موسم شهر رمضان في تلك الإفطارات الجماعية في الفنادق والصالات والأندية.. إن هذه الدعوة وهذا العمل بما يشتمل عليه من ظلمات وضلالات وأباطيل وكذب وبمخالفته للتوجيهات الشرعية ومناقضته لمقاصد التشريع مما يجب أن يتوقف أصحابُه عنه وأن يجتهد في نصحهم، وأن يصل النصح لأصحاب القنوات وأصحاب المؤسسات التي تستضيفهم.. وأما المستمعون والمتداولون لهذه النكات عبر الوسائط فأقول لهم: لا تكونوا ممن تعاون على الإثم والعدوان، بل طهِّروا أسماعكم من هذا المنكر وليكن حالكم حال المؤمنين الذين أثنى عليهم الله تعالى في قوله: «والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً» وقوله تعالى: «وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ».. وإن السمع لمسؤول قال الله تعالى: «وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا»..اللهم اهدِ كل من ضل عن الحق، وارزقه توبة قبل الممات، واجعل رزقنا حلالاً وجنبنا أسباب سخطك.. ألا هل بلغت؟!! اللهم فاشهد..