منذ سنواته الأولى تبدأ ثقافة الطفل في التكوين، فنجده سريع التأثير بكل ما يحيط به من مؤثرات، حيث نجد أن مواعين ثقافة الطفل في كل من (المسرح التلفزيون والكتاب) هي التي تشكل دواخله وتثريها إذا ما كانت متاحة، وبالتالي تكون النتيجة طفل اليوم المثقف وجيل الغد الواعد، لكن يبقى السؤال: في ظل سحابة العولمة التي تغطي فضاء تطلعات الأطفال من قنوات فضائية وغيرها، كيف لنا أن نفرض ثقافتنا المحلية عبر الآليات الثلاثة آنفة الذكر، وكيف لنا أن نجعله منجذباً تجاهها، وماذا تحتاج هذه الآليات حتى تكون كما يريدها أطفالنا؟ (نجوع) تطرق للقضية والتي تناولناها كسلسلة ابتدأناها بمسرح العرائس.. ٭ ما قدم للطفل كافي: الهادي سراج النور الكاتب والمخرج المسرحي باستديو العرائس أوضح أن مسيرة مسرح العرائس منذ «1976م» قدمت الكثير حتى الآن وهي من الأعمال التي تقدم النواحي الثقافية والتربوية. ومسرح العرائس في الأساس وسيلة تربوية قادرة على توصيل القيم النبيلة للأطفال، بالرغم من أن المسرح يعاني من شح إمكانات الإنتاج لكن حاولنا أن نصل الأمر للمسؤولين من خلال أهمية المسرح ودوره من الناحية التربوية وهو في المقام المدرسي. ٭ أعمال مميزة: وفي السنوات الآخيرة كانت هنالك أعمال جميلة وهي (حديقة الورد) (حكاية صدفة) (طائر الأماني) و(عودة ثعلوب) وأخيرًا (طائر الوادي). وأضاف أن الإنتاج المسرحي يعتمد أساساً على عمل الفنتازيا ولذلك مثل هذه الأعمال يتم الصرف عليها وهي تكلف مبالغ كبيرة وبالرغم من محدودية الإمكانات إلا أننا لا نقل عن الدول العربية فمثلاً (حكاية صدفة) فازت في العام «2010م» في المغرب، وهذا دليل على إمكانية الفنان السوداني. كما لدينا إمكانات بشرية إلا أن إمكاناتنا المادية هي التي تقف عائقاً. وكشف الهادي سراج عن عدم وجود مقر ثابت لمسرح العرائس موضحاً إنما نشارك الفرقة القومية للتمثيل في صالتها، حيث تم ترحيلنا من مقر الفنون الشعبية وهو المكان الذي انطلق منه مركز العرائس، وقد أوصلنا الأمر للجهات المعنية إلا أننا لم نجد أذناً صاغية. وذهب إلى أن ما يقدمه مسرح العرائس كثير والإنتاج المسرحي الكتابي كافي جدًا ليشبع رغبة الطفل السوداني، وما قدمه أخيرًا كافي، فقط يجب أن يجد الاهتمام حتى يتم توصيل الرسالة التي من أجلها نحن نعمل. ٭ مسؤولية الأسرة والمدرسة: وواصل حديثه: لا نريد أن ننفصل عن الآخرين باعتبار أن الفضائيات إنما هي تواصل ثقافي ولكن بنفس القدر يجب طرح الثقافة السودانية بصورة مكثفة حتى لا يعاني الأطفال من الاستلاب الثقافي، والطفل بطبيعته يتأثر بما يشاهده ومن هنا تأتي الخطورة لذلك يجب أن تقدم له ثقافة موازية تمكن ثقافتنا من ضرورة بث القيم التربوية الفاضلة. وأضاف أن الطفل بطبيعته يحب المسرح، واللعب هو جزء من مسرحه الخاص وبالتالي نجده يحب المسرح وأثره المباشر لأن الطفل يكون مهيأ لمشاهدة العرض وهذه التهيئة تجعله يتقبل العرض المسرحي. وأوضح سراج أن مسرح العرائس من ناحية كوادر بشرية يواكب مسرح العرائس العالمي، أما من ناحية إمكانات فإننا متأخرون. الأسرة والمدرسة مسؤولتان مسؤولية مباشرة من تنمية ذوق الطفل والمسرح عموماً. ٭ شح إمكانات: عبد العظيم أحمد عبد القادر، مؤلف ومخرج مسرحية العرائس (طائر الوادي): قال إن حركة ثقافة الطفل في السودان تتعثر ولكن نحن نظل حادبين على مزاولة العمل بمسرح العرائس وقد سبقنا العديد من الرواد في مسرح الطفل وأدلوا بدلوهم ولهم الباع الطويل في ثقافة الطفل منهم المرحوم سليمان حسين (جحا) والجد شعبان والأستاذ عوض حاج حامد رحمهم الله، ومحمد رضا حسين والأستاذ الفنان يحيى شريف الذي ما زال يواصل العمل في ثقافة الطفل. إذا نظرنا إلى الحقب السابقة نجد أن حركة ثقافة الطفل قد وجدت العقل الطيب لتقديم الأعمال المسرحية وذلك لقلة القنوات الفضائية وما يقع علينا من عبء نحن الآن كثر عندنا انتشار القنوات الفضائية ومداومة الطفل على مشاهدة العالم بكل زخم وبكل ما تطرحه القنوات من ثقافة، لذلك وجب علينا أن نقدم ما يوازي تلك القنوات سواء كان على مستوى المسرح أو التلفزيون وإلا سيظل أطفالنا حبيسي شاشات القنوات الفضائية التي تدخل ديارنا دون مراقبة، وهذا يتطلب منا مجهود عقلي وبتفكير زكي ومجهود مادي بصرف دون النظر إلى العائد ولكن يجب أن ننظر إلى العائد الثقافي العلمي الترفيهي بالنسبة لأطفالنا، والمال هو عصب الحياة خاصة في مجال الطفولة لأننا إذا نظرنا إلى الطفل نجد أنه يستهلك في حياته الأشياء أكثر من الفرد الكبير ونحمد الله أن بلادنا تنعم بموروث شعبي كبير يغزي العالم من حكايات شعبية وأشكال التربية والثقافة وغيرها، لذلك أتمنى أن ننتبه جميعاً مسؤولين وفنانين إلى ثقافة أطفالنا على مستوى المسرح والمستوى الغنائي والشعري للأطفال ختاماً تحياتي لكل القائمين بأمر رياض الأطفال ومدارس الأساس وأوصيهم بضرورة نشر ثقافة الطفل.