بالقانون (26) مادة وفصل كامل لتمييز المرأة وتقديرها..صفوف ومقاعد خاصة للنساء وحظر الرجال من العمل بالكوافير ومنع الرقص المختلط الخرطوم: علي الصادق البصير بعد الحملة المنظمة التي يقودها البعض ضد قانون النظام العام والمطالبة بالغائه على خلفية التهمة التي تواجهها إحدى منسوبات الحزب الشوعي تحت المادة (152) من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م. حاولت إعادة قراءة هذا القانون المثير للجدل، وبحثتُ في ثناياه سطراً سطراً، لأجد ما يهين المرأة وكرامتها وحاولت جاهداً أن أتبيَّن بعض اللافتات المنادية ب (لا لقهر النساء)، (ضد المادة (152) التي تكرس لاضطهاد المرأة)، وذلك لمقارنتها مع قانون النظام العام. كما حاولت معرفة مكامن الخلل التشريعي والإجابة عن مسائل جوهرية لها علاقة مباشرة باضطهاد المرأة، وبعد الاطلاع على القانون الذي أقعد الدنيا وأشعلها حرباً وجدت أن مشرع ولاية الخرطوم في العام 1996م أصدر قانوناً أسماه قانون النظام العام مكوَّن من سبعة فصول و(26) مادة فقط، حيث جاء الفصل الأول روتينياً يعرف الأحكام التمهيدية واسم القانون وبدء العمل به، وفي فصله الثاني تحدث عن إقامة الحفلات الخاصة والعامة وتصديقاتها حسب دائرة الاختصاص فضلاً عن ضوابطها ومنع القانون الرقص المختلط أو رقص النساء أمام الرجال وحظر استخدام الأعيرة النارية والأغاني الهابطة، وحتى الآن لا نجد في القانون ما يسيء أو يضطهد المرأة. جاء الفصل الثالث باسم المركبات العامة وضوابط استخدامها وجاءت المادة (9) تمييزاً إيجابياً للمرأة حيث تقرأ الفقرة (1 أ): يخصص أحد الأبواب وعشرة من المقاعد للنساء في البصات العامة العاملة في الخطوط الداخلية بالولاية، (ب) يمنع منعاً باتاً تواجد الرجال أو جلوسهم في المكان المخصص للنساء وكذلك يمنع تواجد النساء في المكان المخصص للرجال وبقية الفقرات تحدثت عن تظليل المركبات والملصقات والرسومات المنافية للأخلاق والآداب والعقيدة. وفي ذلك أيضاً إكرام للمرأة وليس إذلالاً أو اضطهاداً. الفصل الرابع تناول حظر وممارسة التشرد والتسول وضرورة الحصول على الترخيص ومنع جمع التبرعات أو الصدقات دون إذن من المحلية المختصة، أما الفصل الخامس فتناول أماكن تصفيف شعر النساء ووضع ضوابط العمل ونص في فقرته الأولى من المادة (14): إنه لا يجوز لأي محل لتصفيف شعر النساء أن يستخدم أي رجل في ذلك. (ب) يحظر دخول الرجال، (ج) وضع لافتة في مكان ظاهر (د) أن يكون المدخل وحيداً ومطلاً على الشارع، (ه) يجب على مدير أو صاحب المحل مراعاة الشروط الصحية وإجراءات السلامة وألزم القانون بأن يُدار المحل بواسطة النساء فقط وإن كان صاحب المحل رجلاً وحدد القانون شروطاً يتوجب توفرها في العاملات والتأكد من استقامتها وحسن سيرتها وتأهيلها فنياً وألاّ يقل عمرها عن (35) عاماً وجوز القانون القيام بحملات تفتيشية لمحلات تصفيف شعر النساء على أن يكون أيضاً بواسطة النساء، ولو توقفنا قليلاً عند هذه النصوص لوجدناها إكراماً وتمييزاً إيجابياً وتقديراً لا يضاهيه تقدير. في الفصل السادس جاءت الأحكام متنوعة بدأت بحظر استخدام مكبرات الصوت وعدم جواز فتح المحال التجارية في أوقات صلاة الجمعة وحظر القانون أعمال الدجل والشعوذة، وحظر الاستحمام في النيل عارياً كما حظر غسل العربات على الشواطئ والحدائق العامة وبيع الأطعمة خلال شهر رمضان ونظم القانون في المادة (25) استخراج رخص جديدة لمحل قائم وحظر في ذات المادة أسماء المحلات المتنافية مع العقيدة والقيم والأعراف الصالحة، وفي الفصل السابع في المادة (26) وهي الأخيرة حدد القانون عقوبات المخالفات الواردة في القانون والتي زاوجت بين عقوبة السجن والجلد والغرامة وسحب الترخيص. هذا هو قانون النظام العام الذي أثار ضجة العالمين وفضائياتها، فالذين ينادون بإلغاء هذا القانون إن كانوا على علم به فإنه بالضرورة يتعارض مع مصالحهم التي يمكن أن تكون الرغبة في عمل الرجال داخل كوافير النساء أو يمارسون الدجل والشعوذة أو يرغبن في رؤية رجال عراة يستحمون في النيل أو أنهم يريدون تزاحماً في المواصلات العامة. وإن كانوا لا يعلمون به فإنهم حتماً يخلطون بينه وبين القانون الجنائي للعام 1991م والذي ينص على المادة 152 المتعلقة بالزي الفاضح، وممارسة الدعارة والجنس والشذوذ ويرون في منع هذه الأعمال اضطهاداً للمرأة. ولنا إحاطتهم علماً وبينهم قانونيون كبار ووزراء متقاعدون بأن القانون يُلغَى بالهيئة التشريعية القومية.