يلتقي اليوم فريقا القمة المريخ والهلال، وتقدم المريخ هذه المرة لأن المباراة مباراته وعلى ملعبه.. يلتقيان في قمة عادية ضمن الأسبوع الرابع من الدورة الثانية للدوري الممتاز ينال الفائز فيها ثلاث نقاط ولا شيء للخاسر، وينالان نقطة لكل منهما في حالة التعادل وتذهب النقطة الثالثة للهواء.. وأعني أن المباراة عادية حسب نظام المسابقة ولكنها بالقطع ليست كذلك، ليس لأنها مباراة قمة، ولكن هذه المرة دخلت الحوافز المليارية بصورة لم يسبق لها مثيل ويحق لنا أن نطلق عليها قمة الحوافز. حتى أول أمس ما تم الإعلان عنه من حوافز هي قيمة خمسة آلاف دولار لكل لاعب من رئيس المريخ الأخ جمال الوالي أو من إدارته.. وبحساب سعر الدولار وهو «7400» جنيه فإن الحافز يصل إلى أكثر من «37» مليون جنيه لكل لاعب، وعليكم تكملة العملية الحسابية باعتبار أن المشاركين في المباراة والاحتياطي وحوافز الجهازين الفني والإداري تبلغ المليارات .. هذا في المريخ. في الهلال حتى الآن أعلن رجل الأعمال الأخ أشرف سيد أحمد الحسين الشهير بالكاردينال أن لكل لاعب في حالة الفوز عشرة ملايين جنيه .. كما أعلن رئيس النادي الأخ الأمين البرير عن حافز كبير لم يحدده حتى صحف أول أمس، وهنالك أقطاب يحددون الحوافز الجماعية والفردية. هل تستحق المباراة كل هذه الحوافز أم أنه رزق الهبل على المجانين.. أم أنه الفراغ الذي نعيشه.. في بلد تدفع المليارات حوافز وعقوداً للاعبين ومدربين أجانب بمبالغ تكاد تصل إلى المبلغ الذي يوفره رفع الدعم عن بعض السلع أو قد يقترب من المبالغ المطلوبة للوفاء بقرار رفع الحد الأدنى للمرتبات. هؤلاء الذين يدفعون المليارات لا يدفعونها في أمر رياضي يرفع قدر النادي نفسه مثل الاهتمام بالألعاب والأنشطة الرياضية المختلفة، وحتى لو آمنا لأنهم «ناس كورة بس».. فإن في المريخ فريقاً رديفاً فاز ببطولة ولم ينل ولو جزء بسيط من الحوافز المعلنة أما في الهلال فإن نفس هذا الفريق لم يصل للأدوار النهائية في المنافسة ولم نجد من يهتم أو يبكي عليه بل لا توجد فرق للشباب والأشبال والناشئين والبراعم في الناديين. إن الاهتمام الكبير الذي وجدته هذه المباراة لا يخرج عن الفراغ الإداري بل والسياسي لأن الدولة نفسها دفعت المليارات لسد ديون تلفزيون محمد حاتم سليمان من أجل بث مباراة اليوم.. نقطة.. نقطة الواعدون بالحوافز المليارية لمباراة اليوم أظنهم يتمنون أن تحرج المباراة بالتعادل، ولا يهم حتى إن خسر فريقهم، لأن المهم قد تحقق ونالوا الشهرة والأضواء.. وقد تتوفر المليارات. العبء الأكبر يقع على جماهيرنا الرياضية المكلومة التي ترى في مباراة اليوم الحدث الأكبر، وبعضها يرى في نجوم اليوم عباقرة الكرة في الداخل والخارج. ومعظم هذه الجماهير تقع ضحية لما تجده من اهتمام رسمي وشعبي كبير وحوافز وتحديات وأنها أم المعارك ومباراة حياة أو موت كما تقرأ في الأيام الماضية.. ولا يعرف الناس أن هذا هو أبرز أسباب شغب الملاعب والخروج عن الروح الرياضية. جيلنا استمتع بمباريات قمة حقيقية أبدع فيها برعي ومنزول وبشرى وبشارة وجكسا وقاقارين وكسلا وشوقي وكمال عبد الوهاب وسانتو وطارق والنقر وسبت والطيب سند، والجيل الذي سبقنا استمتع بإبداعات قرعم وطلب مدني وعبد الخير صالح وطلعت فريد .. فهذه الأجيال شهدت واستمتعت. وقلبي على جيل اليوم الذي لا يشهد ولا يستمتع ولكنه يمرض بالتعصب.