دعوة سياسية غريبة طرحها الصادق المهدي رئيس حزب الأمة إلى حركات دارفور الموقعة على اتفاقيات السلام، فقد أراد أن تكون هذه الحركات التي فاءت إلى نداء السلام ذيلاً للمؤتمر الوطني أو المعارضة (تحالف أبو عيسى) أو على وجه التحديد حزب الأمة القومي كحزب معارض. فهو يقول إما الانضمام للحزب الحاكم والتنسيق معه أو المعارضة وبرنامج حزب الأمة الداعي لنظام جديد. طبعاً النظام الجديد الذي يدعو له السيد الصادق سيكون ضمن تشكيلته من أعضاء النظام (القديم) نجله العقيد عبد الرحمن. لكن لماذا لا يتحدث الصادق عن تحدّيث النظام ويكون حزبه والحركات الموقعة على سلام دارفور من مكوناته في شكله الحديث؟!. وهل يقصد إذا ما انضم الموقعون على سلام دارفور للحزب الحاكم حالياً، سيكونوا مستبعدين في (النظام الجديد) باعتبارهم داروا في فلك المؤتمر الوطني رغم أن هذا أحد خياري دعوة المهدي؟!. وقد اختزل... السيد الصادق معارضة الحكومة في حزبه حيث تساءل في ندوة مستقبل الحركة الموقعة على السلام قائلاً: (ماذا تريد الحركات الموقعة هل ستحاور الحكومة وتقدم رؤيتها للإصلاح أم تحاور حزب الأمة وتقدم رؤيتها للنظام الجديد؟!) انتهى.. إن هذا فهم غريب للواقع السياسي وكأن لم يكن في ذهن الزعيم الصادق المهدي. فما تريده حركات دارفور الموقعة على السلام هو تنفيذ الاتفاقية، أما حوارها مع الحكومة فقد فرغت منه في قاعات التفاوض قبل التوقيع على اتفاقيات السلام ومن خلاله قدمت رؤيتها للإصلاح وضُمّنت في الاتفاقيات، أما محاورتها لحزب الأمة فلا يستقيم أن تكون في إطار السعي لإقامة (نظام جديد).. لكن إذا جاء هذا النظام بقدرة قادر فلا مانع من الحوار حول رؤيتها للنظام الجديد. والآن حوار الحركات الموقعة على السلام مع الحكومة يكون حول تنفيذ بنود الاتفاقيات وهذا ما لا يسمح لها بالانضمام إلى الحزب الحاكم؛ لأنه مُلزم بالتنفيذ كطرف موقع معها على اتفاق، ولا يسمح لها بأن تذوب في المعارضة أو حزب الأمة للعمل لتغيير نظام تنتظر منه تنفيذ الاتفاقية، ولن تضمن لها مصيراً في النظام الجديد، فربما اضطرت للعودة لحمل السلاح. لن تستفيد الحركات الموقعة على السلام من أطروحات السيد الصادق، فهي ليست عميقة، ولا تتضمن تفاصيل واقعية. فرئيس حزب الأمة يتعامل مع السودان باعتباره ولاية الخرطوم فقط، وفي موسم الانتخابات يضيف إليها الحزيرة أبا. فهو يهتم بشؤون الحركات الموقعة على السلام، لكن لا يسهب في الحديث عن ضرورة حسم الحركات التي ما زالت حتى الآن متمردة، والمستمرة في نسف الأمن والاستقرار في المناطق البعيدة من معسكراتها. فالدعوة إلى وضح السلاح والانخراط في برامج السلام لن تسمن ولن تغني من جوع إذا لم يصاحبها منطق قوي يقنع قادة التمرد وجنوده بأن مكاسب استمرار الحرب مهما كانت لن تضارع اللحاق بركب السلام بموجب اتفاقيات مجردة من الكسب الشخصي وممتلئة ببرامج تنموية وخدمية لصالح المواطن في دارفور، فهل يجد إمام الأنصار إلى ذلك سبيلاً؟! إنه بكل براءة لا يحسد عليها يقول: (أدعو الحركات غير الموقعة على اتفاقية سلام دارفور إلى وضع السلاح والانضمام إلى مسيرة السلام حتى ينعم إقليم دارفور بالأمن والسلام وتنتهي الحرب في دارفور).. انتهى. ترى هل هذه هي تفاصيل رؤية حزبه لحل مشكلة دارفور أو ما تبقى منها؟!. إن معاني تصريحاته كل ما تفعله تطمئن الحكومة وتزيدها اطمئناناً على اطمئنان فابنه في القصر والآخر في جهاز الأمن وها هو الإمام يتغنى بأنشودة السلام.