سيداتي سادتي أقدم لكم شخصية فريدة جردت نفسها لخدمة مجتمع قريتها وجيرانها، اهتم بالتعليم وكان يقود أبناء القرية للتعليم في المدارس التي تبعد عن منطقته، ويقول ضاحكًا إنه فاته التعليم ولكنه علَّم نفسه بنفسه اسمه عبد الله العطا خير، من قرية قوز الحلق بنهر عطبرة يلقبونه (الباهي) وكان اسمه باهيًا في علمه وفي مجتمعه الخير لكل أهله، أخذ أبناءه وأبناء القرية يوزعهم على المدارس البعيدة حيث لا توجد وسائل مواصلات فكان يأخذهم بحماره يضع واحدًا أمامه على السرج ويردف آخر خلفه، يحضرهم إلى مدرسة البسلي الأولية ويأخذ آخرين إلى مدرسة كنيدرة الأولية ومدرسة سيدون ولنشاطه وإعجابه بالمدارس أخذته هذه المدارس عضوًا في مجلس الآباء ولا تدري المدرسة من الأخرى أنه عضو في مدرسة أخرى وهذا هو الباهي الذي تباهي به قرية قوز الحلق التي أنقذ أبناءها من الجهل إلى النور بل وبعد تخرج الطالب يتابع التحاقه بالعمل، فتخرج من أبنائه ومن الأسرة ثلاثة مساعدين أطباء وعمال بالسكة الحديد وأي من تخرج ملزم الباهي بأن يلحقه بالعمل.. ومن الطرائف أن أحد أبناء إخوته كان في خصومة معه بلغت درجة المقاطعة وحضر إليه يومًا قائلاً (أين ولدي وقال له داير منو شنو قال له عايز أشوفو في المدرسة يتعلم وينفعك قال له طبيب وهو يضحك يا ولدي شوفوا مكان ماك داير وهكذا أخذ الولد وهو الآن معلم من كبار المعلمين وبمدرسة قوز الحلق بالذات مجموعة من المعلمين كلهم تعلموا على يده بتلك المدارس ومن هؤلاء عوض العطا الملقب بعمي العطا وهو الرائد الذي لا يكذب أهله قائد الجمعية التعاونية التي كانت أميز الجمعيات التعاونية في المنطقة في قيادته، نسأل الله له التوفيق والسداد، ومن الذين تعلموا على يد الباهي الزاهي أولاد المكي عبد الدائم بل كان أبناء قوز الحلق وكذلك الابن المناضل القائد العمالي عبد الواحد قسم السيد الذي يقال إنه هرب إلى الرعية بوادي المكابراب ولحقه شيخنا الباهي في الوادي وألحقه بالتعليم ثم بعدها كان عبد الواحد من عمال السكة الحديد ومن نقابة السكة الحديد وهو مناضل واليوم من قواد الجمعية التعاونية).. كل هذا العلم والتقدم كان على رأسه الباهي والباهي يحكي قصة طريفة حدثت له في صغره حيث إنه كانت لا توجد مدارس إلا مدرسة واحدة بمدينة الدامر والآباء يرغبون في دخول أبنائهم للمدرسة لأن هنالك سمعة (كعبة) لمن يدخل المدرسة وجاء عمنا عثمان ود جيب الله الذي يسكن بالدامر وقال الباهي أن يعطيه ولده واحدة ليعلمهم بالمدرسة يطلعوا خائسين وهكذا رفض إعطاءه لهم وبمرور الزمن كان الباهي وهو ذو طرفة قال لوالده يا ريت يا أبوي لو دخلنا المدرسة وطلعنا خائسين نكتب ونقرأ ودا أحسن أن نكون خائسين متعلمين ولسنا جهلاء. سيداتي ساتي هذا هو عبد الله ود العطار رائد التعليم في قوز الحلق ونهر عطبرة وما زال الناس يذكرون فضائله ثم إنه كان حجارًا ومن رواد صلاح الناس وقد رثاه عكير الدامر في مرثية تاريخية يذكر فضله وأمجاده وإنني إن شاء الله أعدد لإقامة حفل بهيج لتكريمه إن شاء الله في قرية قوز الحلق اللهم اغفر له بقدر ما قدم وقد ترك علمًا ينتفع به وأبناء من بعده يدعون له.. سلام عليك الباهي في الخالدين وفي تلك الدار.