بسبب التغيرات الكبيرة داخل المجتمع السوداني والحالة الاقتصادية من تدني الاجور مع ارتفاع في تكاليف المعيشة التي ادت بدورها الى ارتفاع نفقات الزواج وبالتالي عزوف الغالبية العظمى من الشباب عن الدخول في تلك المغامرة الا بعد ان يعد العدة الكاملة مما ادى الى ارتفاع ملحوظ في نسبة العنوسة وبالرغم من التنازلات الكبيرة التي قد تقدمها الفتاة الا ان الاعباء الاخرى من تجهيزات وادوات منزلية تجعل من الزواج امرًا في غاية الصعوبة. ترى «قسمة» ان التكاليف العالية للزواج تساهم بشكل كبير في العنوسة لدى البنات وخاصة في السنوات الأخيرة حيث ازدادت بطريقة مخيفة لدرجة جعلت الشباب يتخوف من الإقدام على تلك الخطوة حتى ولو لم يكن هناك تمسك بكل العادات والتقاليد التي ترفع تكاليف الزواج من اهل البنات الذين يحاولون التخفيف ولكن معظمهم لا يتجرأ على الاقتراب من هذا القفص الباهظ. زاهر قال إن سرعة تنقل أخبار «الفشخرة» و«البوبار» في المجتمع قد رفع كثيرًا من تكاليف الزواج وخصوصًا ان أي ام لا تقبل بان تتزوج بتكلفة اقل من تكلفة زواج بنت احدى صديقاتها او اقاربها ليتطور الامر حتى اصبح عبئًا كبيرًا على كل من يقدم على الزواج فأي شاب يريد الزواج مطالب بأفضل مما سبقه للزواج سواء داخل العائلة اوالحي. تقول لمياء ان التكاليف العالية للزواج تقف وراء العنوسة بصورة مباشرة فلو كانت منخفضة لتزوج الكثير من الشباب لأن الكل يرغب في عيش حياة طبيعية ولكن التكاليف العالية فوتت على عدة اجيال الزواج بسبب انشغالهم بجمع المال وعندما يكون جاهزًا يكون قد مضى من عمره الكثير فيبحث عن فتاة صغيرة تاركًا من هم في عمره مما يجعل هناك فجوة بين أعمار مختلفة فمثلاً نجد ان شابًا وصل سن الثلاثين او الأربعين لا يرغب في الزواج ممن هنَّ في عمره من البنات فيتزوج فتاة في العشرين عبد العزيز يرى ان التكاليف العالية للزواج هي السبب الرئيسي للعنوسة في السودان لأن الغالبية العظمى من الشباب يهاجر ويتغرب من اجل مجابهة تلك التكاليف حيث يقضون السنين الطويلة في تجميع الأموال حتى تصرف في النهاية على ليلة واحدة يكون العريس بعدها مفلسًا تمامًا وتدافع اخرى عن الموضوع كونها ام من الواجب ان تؤمن لبناتها عيشًا كريمًا زينب عثمان التي قالت ان الحال قد تبدل فما كان سابقًا من الاشياء الكمالية اصبح الآن من الضروريات، وعلى سبيل المثال في زمننا كانت الثلاجة والغسالة والتلفزيون من الكماليات المنزلية غير مطالب الرجل او الشاب بتوفيرهم ولكن الآن اصبحت من الضروريات التي لا غنى عنها داخل كل منزل ولذلك كل ام تسعي إلى الافضل لبنتها. اما صلاح الدين فلا يرى ان التكاليف العالية وحدها بل هناك عدة اسباب للعنوسة منها تحرر المرأة في مجتمعنا وبحثها عن ذاتها من خلال التحصيل التعليمي المتقدم والعمل مما يقلل من حظوظها في الزواج وتأخره لسن متقدمة وان الكثير من البنات اصبحن لا يقبلن بالشباب الأقل منهنَّ في المستوى التعليمي. ويقول الدكتور محجوب إن المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي حدثت في المجتمع جعلت تكاليف الزواج في تزايد مستمر فكل يوم يضاف إلى طقوس الزواج امر جديد يثقل كاهل الشباب ويزيد الضغط عليهم وخصوصًا ان معظمهم عاطل عن العمل وان هذه المتغيرات غيرت من المفاهيم داخل المجتمع من ترتيب اولويات فبعد ان كان الزواج يتقدم كل الامور بالنسبة للشاب اصبح العمل والتأهيل الدراسي هو الاهم لأن الشاب افتقد الى الدعم من العائلة التي كانت في السابق تساهم بشكل فعال في الزواج.