سيناريوهات ليس اقلها انقلاب القبائل على المليشيا او هروب المقاتلين    رئيس اتحاد بربر يشيد بلجنة التسجيلات ويتفقد الاستاد    خطوط تركيا الجويّة تدشّن أولى رحلاتها إلى السودان    عثمان ميرغني يكتب: المفردات «الملتبسة» في السودان    شاهد بالفيديو.. خلال حفل بالقاهرة.. فتيات سودانيات يتفاعلن في الرقص مع فنان الحفل على أنغام (الله يكتب لي سفر الطيارة) وساخرون: (كلهن جايات فلاي بوكس عشان كدة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. خلال حفل بالقاهرة.. فتيات سودانيات يتفاعلن في الرقص مع فنان الحفل على أنغام (الله يكتب لي سفر الطيارة) وساخرون: (كلهن جايات فلاي بوكس عشان كدة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    حياة جديدة للبشير بعد عزله.. مجمع سكني وإنترنت وطاقم خدمة خاص    شاهد بالفيديو.. شيبة ضرار: (موت الشهيد مهند لن يشفي غليلنا حتى لو انتهوا الدعامة كلهم وهذا هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن يعوضنا ونقدمه له)    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    هدف قاتل يقود ليفربول لإفساد ريمونتادا أتلتيكو مدريد    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    ((أحذروا الجاموس))    كبش فداء باسم المعلم... والفشل باسم الإدارة!    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    مبارك الفاضل..على قيادة الجيش قبول خطة الحل التي قدمتها الرباعية    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    التغير المناخي تسبب في وفاة أكثر من 15 ألف شخص بأوروبا هذا الصيف    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    السودان يدعو المجتمع الدولي لدعم إعادة الإعمار    ما ترتيب محمد صلاح في قائمة هدافي دوري أبطال أوروبا عبر التاريخ؟    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    السودان يستعيد عضوية المكتب التنفيذي للاتحاد العربي لكرة القدم    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البتاع قراءة ثالثة
نشر في الانتباهة يوم 17 - 11 - 2013

في عام 1986م كتبت شيئاً قريباً من المسرحية الملهاة، لكن منذ ذلك التاريخ تغيّرت اللغة كثيراً، ودخلت كلمات جديدة وتعبيرات جديدة مما استدعى قراءة ثانية للملهاة وإعادة صياغتها بشكل يلائم التطورات، وهذه قراءة ثالثة «وعلى القراء الكرام مراعاة فروق الكلمات».
٭ تدور أحداث الملهاة في جمهورية كلامستان الديمقراطية، وقد مرت على تلك الجمهورية أحداث رهيبة، وأزمان رديئة تضخمت فيها اللغة وفقدت الكلمات سحرها وقوتها بعد أن استنفد الناس كل رصيدهم من الكلمات الصعبة، وأصبحت الدولة تلجأ للاقتراض من الإذاعة والتلفزيون والصحف لتموِّل عجزها الخطير في الكلمات، وانخفضت قيمة الكلمات حتى أن الشخص يستعمل ألف كلمة للحصول على قطعة خبز واحدة، وأصبح الناس يتكلمون من الصباح حتى المساء بلا انقطاع كي يحصلوا على حاجتهم الضرورية.
وعندما حلّت الكوارث بجمهورية كلامستان الديمقراطية أعلنت حالة الطوارئ ووقف مندوبها الدائم ليلقي خطابه في الأمم المتحدة موضحاً حجم الكارثة إلا أنه استمر يتحدث لمدة شهر كامل لأنه كان يتحدث بلغة بلاده الرسمية التي كما قلنا انخفضت قيمتها في ميزان التبادل انخفاضاً كبيراً.
٭ ولما تبيّن العالم الخارجي ما كان يعنيه ذلك المندوب الدائم، كانت الكارثة قد حلت بجمهورية كلامستان الديمقراطية فهبطت القدرة التعبيرية عند الشعب إلى مستويات لم تعهدها البلاد من قبل، حتى أن كلمة كارثة مثلاً اختطفها تجار الكلمات العشوائية فأصبحت مثل مرقة ماجي تدخل في كل شيء، فالولد كارثة، والبنت كارثة والشوارع كارثة والكهرباء كارثة والإذاعة كارثة الى آخرها كارثة. ولم يجد عامة الشعب إلا كلمات بسيطة مبهمة مثل البتاع وهناي وكدا وشديد وزي عايز أقول التي أصدر المفتي اللغوي فتوى بخصوصها يقول فيها إن «زي عايز تقول» تكفي وإذا قام بها البعض سقطت عن الآخرين.
وانحصرت لغة الحرفيين في مفردات الحرف التي يمتهنونها. فقد قال أحد العاملين بمحل ملء البطاريات أنه أخذ والدته المريضة إلى المستشفى لأنها بقت ما بتمسك نار أو أحد ميكانيكية العربات قال وهو يصف صديقاً له أصيب بالملاريا:
كان قاعد معانا كويس قام طوالي رترت رترت كدا وتقسيمتو بقت عالية طوالي طرش.
أحد البياطرة كان يتحدث عما أصاب زوجته فقال:
وقعت وجرحت رجلها الورانية.
لقد أدى الفقر المدقع في الكلمات وأدوات التعبير إلى أن يكتب أحد الشعراء قصيدة زي تقول كلماتها
البتاع بتاع البتاع
في السوق بتاع البتاع
وهذه المسرحية التي جرت أحداثها تضم عدداً من الأشخاص يتحركون في إطار الكلمات وخارج نطاق جاذبية المعاني، وذلك بعد أن تلقوا دعماً من هيئة الإغاثة الكلامية التي تتكون من عدة هيئات تطوعية عالمية، غير أن قضية التعبير ظلت هي المشكلة الأساسية بعد أن تبيّن أن كلمات الإغاثة التي وزعت لم تلائم بعض الألسن مثل خيو شو ها المصيبي.. ألخ لذلك اضطر الناس إلى بيعها في السوق السوداء وشراء كلمات محلية مثل البتاع كده فردة ووهم تصلح للتعبير عن واقع الناس.
وبالرغم من أن بعض الناس استطاعوا أن يتحصلوا بطرق ملتوية على قواميس من الكلمات البراقة إلا أن معظمها كان فاقداً للصلاحية، ووجد أن استعمالها بعد إنتهاء فترة صلاحيتها يؤدي إلى التسمم الفكري، فالمسرحية الملهاة إذاً تحاول أن تبحث عن الكلمات المناسبة للألسن المناسبة:
مذكرة إخراج
٭ المسرح من ذلك النوع الطليعي الذي يمكن أن يحتوي على ديكور أو لا ديكور وإن كنا نرى أن الديكور يتكون من لوحة للعبة الكلمات المتقاطعة وموسيقى تصويرية سجلت في أسواق بيع البهايم وسماسرة الأراضي ومواقف البصات والسوق الشعبي، تتخللها مقاطع من الحلف بالطلاق وخطب رؤساء المجالس وتتكون المسرحية من عدة شخصيات.
الفصل الأول والأخير
٭ شخصان يجلسان على كرسيين بلاستيكيين وكأنهما يتفرجان على أحد الشوارع.
الشخص الأول: اسمع الجماعة بتاعين الموضوع ما وصلوكم؟
الشخص الثاني: وين يصلونا؟ قلنا ليهم أحسن ينتظروا لحدي ما الحكاية تنجض وكدا وهناي مشى لحدي هناك وجا راجع ما قابل أي واحد.. لكن هناي عنده شوية هنايات ختاهم في البتاعة وكدا وقال لما يجوا يدوهم ليهم.
الشخص الأول: والله الحكاية زي تقول كدا مطرشقة أنا كنت متصور إنو الهناية دي انتهت زمان وخلي بالك يا فردة أنا لما قابلت الزول بتاعكم ما فهمني كدا ولا كدا وعلى أي حال بعدين نسوق الجماعة بتاعين الهناي نوديهم هناك.
الشخص الثاني: وهو قال ليك هم عايزين يجوا؟ الحكاية زي كلها مفبركة وكدا.
الشخص الأول: نحن ما لنا نعمل العلينا وكدا«يلتفت كدا وكدا كمن يبحث عن شيء» ثم يقول
هناي مشى وين؟
الشخص الثاني: عقبك هناك.
الشخص الأول: تتصور أنا كنت قايلو يكون لحدي هسع مسمر بي جاي.
الشخص الثاني: وإنت عملت شنو مع هناية؟ ما وديت ليها البتاع عشان البتاعة؟
الشخص الأول: أول حاجة الراجل زي طلع نصاب مشينا ليهو مليون مرة، وضربنا ليهو مليون هناي وكدا وما لقيناهو.
الشخص الثاني: مشيتو ليهو وين؟
الشخص الأول: مشينا ليهو هناك كدا والبتاعة نفسها قالوا ما جاهزة وهناية شفقانة ساكت وكلامها كتير أنا ما عارف بتلقى الكلام دا وين؟
الشخص الثاني: طبعاً ولدها مغترب وكل يوم برسل ليها شنطة كلام ومرة بالفاكس ومرة بالإيميل ومرة بالواتس اب.
الشخص الأول: الحقيقة كلماتها كلها مستوردة يومداك قالت لي تعالي يا ولد يا شاطر يا سواق تخيل تستعمل كلمتين من النوع الغالي جداًعشان تقول لي يا سواق ونحنا غير بتاع وكدا وهناي ما لاقين.
الشخص الثاني: وإنت قلت ليها شنو؟
الشخص الأول: قلت ليها حاضر يا هلمجرا ودي ذاتها ما حقتي استلفتها من واحد قريبنا جاب معاهو جنس هلمجرات تقول اشتراهم من الدلالة، خلي بالك يكون هربهم.
الشخص الثاني يضع يده على جبهته ويحدِّق:
الزول الجاي علينا دا منو؟
الشخص الأول: ما عرفتو؟ دا ما هناي.
الشخص الثاني: هناي منو؟
الشخص الأول: يا خي هناي ود الجماعة البي جاي.
الشخص الثاني: ها عرفتو دا مش الشغال في الهناية؟
الشخص الأول: أيوا ما شايفو خامي كلام الهناية كيف؟ يا خي يوم داك في فطور ناس هناي جاب ليهو عشرة كلمات جديدة خلى ليك الناس دي تتطاقش مع بعض.
يصل الرجل ويُلقي التحية: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يرد الاثنان: أهلاً.
يبادر الشخص الأول قائلاً:
الليلة كان عندكم شنو في الهناية؟
الشخص: حقيقتاً وبما إنو وعملاً بما جاء وتفعيلاً وتمكيناً يعني تقدر تقول بوضوح إنو المطروح في الساحة اليومين دي كلمة حيوجهها أخونا للأمة.
الشخص الثاني: كلمة فيها شنو يعني؟
الشخص: حقيقتاً عندنا قناعة تامة إنو أخونا حيتناول بالطرح الأوضاع السياسية الراهنة وكل الأمور المتعلقة بالمأزق الكلامي الذي تمر به البلاد...
الشخص الأول: مأزق كلامي؟ دي جبتوها من وين كمان؟ خلي بالك دي كلمة دفع رباعي تكون بمليون دولار بالله شوف مأزق كلامي... يا ريت لو الواحد فينا يقدر يستعمل زي الكلمات المكندشة دي...
الشخص: يا أخي دي كلمة بسيطة جداً وصرفوها لينا مع الحوافز إنت لو سمعت كلمات زي الأصولية والتعددية والمنهجية تقول شنو؟
الشخص الأول: ديل ولا عايز أسمعهم ولا أشوفهم ونحنا خلينا مع ناس هناي وبتاع وكدا وزي عايز أقول.
في هذا الأثناء يظهر على المسرح كلور الدلال وكان يعتمد على لسانه في الدلالة ولهذا عندما حدثت مشكلة المأزق الكلامي حدثت له أمور كثيرة عقّدت عملية الدلالة جداً ويفكر الآن أن يصبح معلقاً رياضياً ولكنه رسب في أول امتحان لأن كلماته التي دخل بها المقابلة الشفوية كانت ناقصة، وعندما لمح ذلك الشخص الذي يعمل في الهناية قرر أن يعرج عليه حتى يساعده في الدخول إلى دنيا الرياضة من بوابة التعليق الرياضي.
كلور الدلال: سلام يا ناس.
الناس: سلام.
كلور مخاطباً الشخص: يا أخوي عملت لي شنو؟ أنا ما خلاص تعبت والجماعة الهناك قالوا لي بس يديك ورقة ويمضي ليك فيها.
الشخص: ما عندي مانع بس إنت اتدربت كويس؟
كلور: اتدربت يا خي لمن لساني ذاتو كشّ، واحد قريبنا في الإمارات شغال مع المعلق الرياضي بتاعهم جاب لي كلمات جديدة أصلها ما اتسمعت.
وفجأة ينحبس صوت كلور ويفقد القدرة على الكلام وهنا ينتبه الشخص الأول إلى أن بطارية كلور قد نزلت ولابد له من سلك خارجي، ولكن الموجودين بطارياتهم نازلة إلا ذلك الشخص الذي يعمل في الهناية.
ويخاطبه الشخص الأول: إنت لازم تديه سلك براني لأنو خلاص بطاريتو وقعت، إنت أصلو خليتو يتكلم من قبيل، ويوافق الشخص إذ أن هذا عمل خيري، ويوصل الشخص الأول سلك إلى حلق الشخص وسلك إلى لسان كلور وحلقه، ويطلب من الرجل بتاع الهناية أن يتكلم بصوت عالي فيقول: بما إنو تفعيل القضايا المصيرية والتنظير المستشرف آفاق المستقبل،
وهنا يكح كلور ثم يقول: بس بس خلاص.
ويخاطبه الشخص الثاني: أوعاك تقيف من الكلام اتكلم طوالي لحدي ما البطارية تملأ.
وينصرف كلور وهو يردد البتاع بتاع البتاع وزي عايز أقول وناس هناي مشوا بي جاي ولازم اتكلم شديد وكدا.
وفي هذه الأثناء ينطلق صوت راديو قريب وانطلق صوت واحد من المسؤولين يناقش موضوعاً يتعلق بالمأزق الكلامي:
زي عايز أقول إنو نحنا شاعرين بالحصار علينا عشان ما بيجينا أي دعم من الكلمات من الخارج وحتى البنك الدولي للكلمات أوقف تعامله معنا عشان كدا لازم نعتمد على أنفسنا ونتكلم مما نسمع والسياسة دي زي أدتنا دفرة لي قدام واجتزنا مرحلة الحصار ومزقنا فاتورة الكلمات المستوردة وحندخل مرحلة التصدير.
ينصرف الشخص الشغال في الهناية ويعود الشخصان يواصلان حديثهما.
الشخص الأول: إنت حترجع للجماعة تاني؟
الشخص الثاني: أيوا.
الشخص الأول: قبل ما ترجع حقو تتأكد من البتاع الجماعة شالوه معاهم ولا خلوه هناك.
يضع الشخص الثاني يده على ذقنه كمن يبحث عن كلمة سقطت منه ثم يتجه ببصره إلى ناحية ما من المسرح ويقول:
قريبكم الكارثة دا يا فردة لو وافق كان من زمان لعبنا القصة مظبوط لكن تقول شنو؟ خليهو مع جماعتو محل ما يشيلوه يشيلوه ومحل ما يختوه يختوه ونحن ما لنا والوكت زي بقى غير مناسب.
الشخص الثاني: قريبنا إنتو ساكت شايلين حسو وما في حاجة تلمكم معاهو، والجماعة لو قدروا عليهو كان شالوه من بدري، لكن عشان هو دوغري ما في زول قدر يتسلبط عليهو مش قالوا قبل كدا إنو اختلس وبدد الكلمات في الهوا وطلعت الحكاية كلها إشاعة؟
الشخص الأول: الحكاية ما إشاعة وإنت عارف المأزق الكلامي دا سببو شنو؟ قال ليك في حوالي تسعين في المية من الجماعة هم سبب المأزق الكلامي دا.
وهسع الناس قاطعوا الكلمات المتقاطعة لأنها بقت غالية ومعدومة.
يأتي شخص جديد يقدم التحية للشخصين الجالسين ثم يقول: يا اخوانا أنا زي بفتش لي على مفردة تايهة ما جات بي هنا؟
الشخص الأول: مفردة تايهة؟ يا سلام خد أهو قال ليك مفردة تايهة، والله حكايتكم حكاية إنتو جنس الكلام دا بتجيبوه من وين؟
الشخص الثاني: إنت عارف زي الكلمة دي دفع رباعي وكمان مكندشة ومظللة.
الشخص الأول: يا ربي يكونوا دفعوا عليها جمارك؟
الشخص الثاني: جمارك شنو؟ زي دي في زول بقدر يدفع جمارك عليها؟
ويتضايق الشخص الجديد ويقول يا اخوانا أنا ما ناقص تريقة منكم بس قولوا لي لو شفتوها جات بي جاي ولا جاي.
الشخص الأول: أيوا مشت كدا.
الشخص الثاني: لا ... مشت كدا.
الشخص الجديد يقف متحيراً ويقول إنتو مش شفتوها كلكم؟ كيف واحد يقول مشت كدا والثاني يقول مشت كدا؟
الشخص الأول: يا أخ كل زول حر يشوف البشوفو وبي طريقتو.
الشخص الجديد: أولاً المفردة التايهة دي واحدة وإنتو الاثنين قلتو شفتوها سوا يبقى كيف تختلفوا؟ إنتو عايزين تهظروا معاي؟ أنا ما عندي روح لي الهظار أنا من الصباح طلعت بفتش ما لقيتها قالوا لي أجي أفتش بي جاي، فبالله عليكم قولوا لي بالضبط شفتوها وين؟
الشخص الثاني يضحك باستهزاء ويقول:
أولاً يا اخينا ما في حاجة اسمها بالضبط نحنا حكايتنا كلها بقت بالتقريب يعني زي عايز تقول وزي عندك مفردة تايهة وزي أولادك سافروا وزي طلقت المرة عشان كدا أنا قلت ليك مشت بي هناك. والأخ يقول ليك لا مشت بي هناك ولما إنت تفكر كويس حتكتشف إنو هنا وهناك كلو واحد وكدا وكداك كلو واحد ما هو أصلو كلام والسلام، ولما أنا أطلع تصريح والأخ دا يطلع تصريح ويظهر إنو مضاد ليهو... هو في الواقع حاجة واحدة.
الشخص الجديد: يا أخ دا كلام فارغ الأمور ما ممكن تكون بقت سايبة للحد دا.
الشخص الثاني: للحد دا والحد داك إنت ما سمعت المغني يقول أمشي أسيبها مدني واجي أسكن حداكا.. إنت هسع عارف حداكا دي وين؟ الحكاية كلها كلام.
الشخص الأول: شفت يا ابن العم إنت ما «تدش لوك لوك لوك» زي ما بقولوا إخوانا المصريين كدا وكداك حاجة واحدة وهنا وهناك حاجة واحدة ولو مشيت عشان تشتري الهناي وما لقيتو ولقيت بدلو البتاع اشتريهو طوالي إنت مش شفت الواحد بمشي الإجزخانة بشتري البديل وما بشتري الدواء الكتبو الدكتور؟
الشخص الجديد: لا أبداً الحكاية مش كدا كل الموضوع إنو عشان ما عندنا كلمات صعبة بقينا نولف الكلام والسمكرية والخراطين هنا عندنا بالكوم البتاع والهناي مش حاجة واحدة، ولو كان عندك كلمات صعبة وعملت ليها دكلريشن ومشيت السوق الحرة كان اكتشفت إنو البتاع غير الهناي، والعملية كلها إنو نحنا محتاجين لقرض من البنك الدولي للكلمات عشان نغطي بيهو اللغة بتاعتنا، وبعدين نتحصل على الكلمة وغطايتها هسع غطايتها ما في وإنتو من فضلكم كلمة وغطايتها المفرد التايهة دي جات بي هنا ولا بي هناك؟
نحنا يا اخوي لو لمينا في الكلمة بس ما عايزين غطايتها ولا مش؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.