كيف تعرف أنها عايزة ولا ما عايزة؟ القضية ليست بهذه السهولة.. القضية تحتاج إلى تأمُّلات وتأملات. لقد انتهى كل شيء الآن... الأوراق التي في يدي أصبحت عديمة الفائدة لا تسوي قيمة الحبر الذي كُتبت به. وأصبح لزاماً عليَّ أن أكتب خطاب اعتذار للهيئة العالمية صاحبة الدعوة. والسبب هو أنني وجدت نفسي في مسرحية من تأليف أبو المعاطي البيروقراطي... المسرحية التي حشد لها الأستاذ أروع ممثلي الدواوين الحكومية من مديرين ومفتشين وباشكتبة وباش باشكتبة وكل من لف لفهم من موظفين ونظائر الموظفين والسعاة. ترفع الستارة على الموظف وهو ينظر في طلبي الذي قدمته له ويقول: يا أخي دى عايزة ليها شهادة صادر.... ولا أقول ليك «ينظر مرة أخرى» لا دي مش عايزة شهادة صادر... وهنا يلتفت الموظف الآخر ناحيتي ثم يتناول الطلب من الموظف الأول ويقرأ فيه ثم يقول: لا.... أنت غلطان... دي بالضبط عايزة شهادة صادر. الموظف الأول: عايزة كيف؟ خد شوف... أهي مستوفية كل الشروط. الموظف الثاني: ما تقول لي شروط.... خذ اقرأ هنا... دى عايزة شهادة صادر ومن دون شهادة صادر أنت ما تقدر تعمل فيها أي حاجة. ويلتفت إلى الموظف الأول موجهاً حديثه: طيب... خلاص يا ابن العم... سنهوري قال دي عايزة شهادة صادر والتعليمات بتقول كدا ولكن أنا والله شايف انو الحكاية دى ما عايزة أي حاجة... وينفعل سنهوري قائلاً: اسمع الزول دا... ما عنده فكرة دا اصلو جديد هنا الحكاية دى عايزة شهادة وأنت الجماعة الهناك لما مشيت ليهم ما قالوا ليك دي عايزة ولا ما عايزة؟؟؟ أجبت: لا... ابداً. وصمت السيد سنهوري برهة ثم قال: طيب... كدي وريني الطلب... واخذ الطلب وهو يقرأ ثم صلح بقلمه كلمة يظهر أنها كانت ناقصة حرف. ثم قال: غايتو ما عارف الحكاية دى... زي التقول عايزة شهادة صادر. قلت: طيب... خلاص... عشان نفك الإشكال دا... أنا أمشي اطلع شهادة صادر. ولكن السيد سنهوري صاح: تطلع شهادة صادر كيف؟ ما يمكن تكون ما عايزة شهادة صادر. آنت هسع خلاص اتأكدت أنها عايزة؟ قلت: طيب خلاص خليها كدا واعمل باقي الإجراءات. قال|: لكن ما ممكن نعمل باقي الإجراءات الا بعد ما نتأكد من الحكاية دى... شوف أقول ليك احسن تنتظر سيد طه ونقدر نعرف رأيه. ويصيح الموظف الأول: يا أخ طه بتاع شنو؟ القصة واضحة وما عايزة أي حاجة... والاورنيك زاتو ما قاعدين نرفق معاه شهادة صادر. ولكن سيد سنهورى لم يقتنع: أنت عايز تعمل حاجة من رأسك ولا من الورق والتعليمات واضحة... بس خلاص. اهو دا سيد طه جا... يا سيد طه... شوف بالله الحكاية دى... عايزة شهادة صادر و لا لا. يضع سيد طه نظارته ثم يقرأ: لا يا أخي...... دى ما عايزة شهادة صادر دى عايزة شهادة بحث. ويتساءل الموظف الأول: بحث بتاع شنو؟ سيد طه يا اخ الفورم دا فورم «بي» واى فورم من النوع دا لازم يكون معاه شهادة بحث. ويحتج سيد سنهورى: ولكن يا سيد طه طلع منكم منشور بيلغي شهادة البحث في حالة فورم «بي» ويتناول سيد طه الطلب وينظر فيه ملياً ثم يقول: اى والله.... كلامك تمام.... اذن دى ما عايزة شهادة بحث: ويتدخل الموظف الاول: يا سيد طه المنشور بيقول تلغى شهادة البحث فى حالة فورم «بي» لما يكون الموضوع داخل السودان لكن دى حكاية خارج السودان. وينظر سيد طه مرة أخرى ثم يقول: اى والله... فعلاً دى عايزة شهادة بحث... يا أخينا «موجهاً الحديث لي» انت الجماعة الهناك ما قالوا ليك دى عايزة شهادة بحث ولا لا؟ أجبت: لا..... أبداً. ويصمت السيد طه برهة ثم يقول: طيب... يمكن ما عايزة شهادة بحث. وفي هذه الأثناء كان هناك المراسلة يقف صامتاً وهو يستمع إلى هذا الحوار.... وأخيراً نطق ببعض الكلمات سرت على إثرها همهمة بين الموظفين الثلاثة وتنفسوا الصعداء وشعروا براحة ما بعدها راحة ثم صاحوا بصوت واحد: ايوه تمام... دى عايزة دمغة... طيب وين الدمغة؟...