«مرضى الكلى يغلقون شارعاً» مظهر احتجاجي تكرر عشرات المرات، وكان القصد منه لفت نظر المسؤولين وتنبيهم إلى أن خطراً يحدق بحياة هؤلاء المرضى الذين انتهجوا إغلاق الشوارع وسيلةً احتجاجية ظناً منهم أنها أقرب الطرق لإيجاد حل لازمتهم، إلا أنه وكما يبدو فإن «لا حياة لمن تنادي»، ومع هذا إلا أن المرضى متمسكون بهذه الطريقة لرفع صوتهم الاحتجاجي، وهي تساعد أحياناً في حل مؤقت لمشكلتهم حسبما ذكروا، وعندما انتصف نهار أمس «الأحد» الموافق للسابع والعشرين من نوفمبر، اصطف عشرات المرضى الذين يعانون الفشل الكلوي ويتلقون العلاج بمستشفى الخرطوم، اصطفوا على الشارع الجنوبي للمستشفى وأغلقوه تماماً أمام حركة المواصلات، احتجاجاً منهم على انعدام مستهلكات الغسيل وتوقف الماكينات عن العمل، وقد ذكر بعضهم أنه ظل يأتي لمدة شهرين من هذا التاريخ دون حصوله على فرصة الغسيل المقررة طبياً مرتين كل أسبوع، وأكد بعضهم أنه حضر منذ الخامسة من صباح أمس من أجل تلقي جرعته الا انه وبعد ان انتصف النهار اخبرتهم الادارة بأن الماكينة قد تعطلت تماماً، وأن المياه مقطوعة من القسم، وقد عبر المرضى عن احتجاجهم بالجلوس على الشارع «الظلط» مما عطل حركة المرور، منبهين لخطورة وضعهم ومؤكدين أن السم قد بدأ ينتشر في أجساد بعضهم جراء عدم انتظام الغسيل، وأوضح عدد من المرضى ل «الإنتباهة» معاناتهم مع المرض، وأكدوا عدم اهتمام المسؤولين بوضعهم المأساوي هذا جراء تهالك الماكينات وتعطلها، مبينين أنهم دائماً ما يقومون بشراء المستهلكات الطبية والعلاجية من حسابهم الخاص، إضافة إلى تحملهم كل النفقات الخاصة بعمليات الغسيل لكل الجلسات، وقد وصفوها بالمكلفة جداً، كما أكدوا وجود نقص حاد في متطلبات عمليات الغسيل في الوقت الذي توقف فيه المركز القومي للكلى عن تقديم دعمه بالمحاليل والأدوية التي تتطلبها عملية الغسيل لمركز الكلى بالمستشفى حسبما ذكر المرضى. مصدر بمركز الكلى بمستشفى الخرطوم كشف في حديثه ل «الإنتباهة» مدى معاناة المرضى، وحمل وزارة الصحة والمركز القومي للكلى مسؤولية القصور المتمثل في عدم الالتزام بالصيانة الدورية للأجهزة وعدم استحداثها واستبدالها بأخرى الأمر الذي يجعلها دائمة التعطل. ووصف المعينات التي يقدمها المركز بالشحيحة وقال إنها لا تكفي العمليات المطلوبة. الجدير بالذكر أن معاناة مرضى الكلى أصبحت ظاهرة متكررة تارة بإضراب الأطباء عن العمل بالمراكز نتيجة لعدم التزام إدارة المستشفيات بواجبها تجاه الأطباء بعدم صرف الرواتب الشهرية او الأجور للعمل الإضافي، وتارة أخرى بسبب تعطل ماكينات الغسيل بالمراكز، الأمر الذي يؤثر سلباً على صحتهم، في ظل العجز التام لوزارة الصحة عن إيجاد حل جذري للمعضلة. وتمسك المرضى وذويهم بحقهم في الاحتجاج، ورفضوا إخلاء الشارع رغم المحاولات المرنة من رجال الشرطة بالموقع، وأكدوا أنهم لن ينصاعوا لأحد حتى يحضر مدير المركز القومي لأمراض وجراحة الكُلى د. محمد السابق، وأكدوا أنهم سيقومون بتكرار المشهد بشكل يومي، مؤكدين استمرار إغلاقهم الشوارع حتى تتحقق مطالبهم، وأنهم سيختارون أكثر الشوارع حيوية في المرات القادمة، حتى يصل الأمر لرئاسة الجمهورية التي طالما حاولوا مراراً إيصال معاناتهم لها، إلا أن جميع الأبواب أوصدت أمامهم، ويبقى السؤال متى سنشهد الحلقة الأخيرة من مسلسل معاناة مرضى الكلى الذي تتخلله فواصل من الاحتجاجات المتكررة المتمثلة في إغلاق الشوارع أو الكباري، وستحمل الأيام طرقاً أخرى للاحتجاج كما يبدو جلياً من إحساس الغضب الذي ملأ صدور المرضى وذويهم.