في منتصف الستينيات من القرن الماضي كانت منطقة الدهسيرة التابعة للولاية الشمالية والغنية بمواردها الزراعية تعاني من نقص حاد في الخدمات والتنمية في وقت كانت فيه وسائل النقل تنحصر في اللواري والقطارات بل إن الحركة من منطقة الدهسيرة وإليها من أقرب المدن إليها وهي الزومة وكريمة ومروي يأخذ الوقت والجهد.. ويسترجع العم علي أحمد عبد الرحمن أحد مواطني المنطقة ذكرياته حينما سألناه عن تاريخ الدهسيرة، فقال: كانت قرية صغيرة ولكنها تشكل تواصلاً اجتماعيًا مع بقية القرى حيث تربطهم صلة الرحم إضافة للزراعة في الجزيرة الممتدة على مساحات واسعة يستفيد منها مزارعو تلك المناطق والتي ضمت مشروع القرى المتحدة وأشار العم علي إلى أن خدمات المنطقة من تعليم وصحة ومياه قامت بجهود شعبية بحتة فتم إنشاء المدرسة الابتدائية والشفخانة في منتصف الستينيات وظلت المعاناة لصيقة بإنسان المنطقة خاصة عند استفحال الحالات المرضية وصعوبة نقلها إلى مستشفيات المدن القريبة من الدهسيرة، أما الوصول للعاصمة فيستغرق في ذلك الوقت ثلاثة أيام بلياليها ولكن الحال والحديث للعم علي تبدل كثيرًا، فالقرية التي كانت عبارة عن بيوت محصورة تمددت الآن إلى ما يشبه المدينة بعد قيام سد مروي ودخول الكهرباء وخدمات المياه وسفلتة الطريق، هذه المشاهد لم تخطئها ملاحظاتنا ونحن نتجول في منطقة الدهسيرة وحركة نشطة يقودها شباب المنطقة الذين جمع بينهم ملتقى شباب الدهسيرة في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك ومنه انطلقت فكرة تقديم مشروعات وقوافل طبية قدمت خدمات طبية كان من الصعوبة بمكان أن يتحصل عليها كثيرون خاصة عمليات البصر وتوزيع نظارات والكشف على كثير من الحالات وتحديد العلاج هذا إضافة لبقية التخصصات التي استفاد منها الكثيرون، ولعل اهتمامات رابطة وملتقى شباب الدهسيرة لم تتوقف عند هذا الحد فقد تمت إعادة تأهيل المدرسة وجاءت فكرة إنشاء مركز صحي بديل للشفخانة التي أصبحت لا تستوعب متطلبات السكان وذلك قبل نحو عامين فتبلورت الفكرة وتم الاتصال بأصحاب المال والكوادر الطبية من أبناء المنطقة بالعاصمة ودول المهجر ودفع بالفكرة إلى أرض الواقع فجاء الميلاد الشرعي للمركز الصحي بأن وضع الأستاذ عبد الكريم عبد الرحمن معتمد مروي حجر الأساس للمركز حتى أصبح واقعًا ملموسًا وصرحًا زاد من ألق منطقة الدهسيرة إيذانًا بوداع معاناة السفر لتلقي العلاج خارج المنطقة فكان الحدث الذي تداعى له شباب ملتقى الدهسيرة عبر احتفال كبير حضره لفيف من القيادات الرسمية والشعبية وبمشاركة عدد من الشعراء والفنانين وجمعٌ غفير من المواطنين وبحضور وتشريف الفريق أول مهندس صلاح عبد الله قوش ممثل الدائرة الذي حيا جهود أبناء الدهسيرة في اهتمامهم بقضايا منطقتهم واصفًا ما قاموا به من إنشاء المركز الصحي بأنه سنة حميدة وطالبهم بمزيد من التكاتف والعمل مشددًا على ضرورة بذل الجهد لتحقيق مزيد من الإنتاج وتغيير المفاهيم الاستهلاكية إلى إنتاجية، وتعهد قوش باستكمال المشروعات التي بدأها والتي تتمثل في أندية ثقافية ورياضية في الدائرة إضافة إلى إكمال النقص بمركز صحي الدهسيرة من معدات وغيره قبل أن يضع حجر الأساس لمركز الدهسيرة الثقافي والرياضي حيث تعهد بإنشائه وافتتاحه في القريب العاجل فيما أبدى الأستاذ عبد الكريم عبد الرحمن سعادته بافتتاح المركز الذي قال إنه التمس الجدية من شباب ومواطني الدهسيرة لإنشائه مبينًا أن المركز يقدم خدمات طبيَّة للمنطقة والمناطق المجاورة متعهدًا في الوقت ذاته بتعيين الكوادر الطبية وإكمال النقص به وأعلن عن تبرع والي الولاية بمبلغ «10» آلاف جنيه، من ناحيته أكد الأستاذ إبراهيم حسن رئيس رابطة أبناء الدهسيرة بالخرطوم وشباب الملتقى أن برامج الرابطة والملتقى ستستمر لأجل نهضة المنطقة مشيرًا إلى التفاعل الذي تحظى به الرابطة والملتقى مشيدًا بجهود معتمد مروي ومثمِّنًا حراك وتفاعل الفريق صلاح قوش ودعمه لأنشطة الدائرة مؤاكدًا تضامن الشباب مع ممثل الدائرة ونهجه في تقديم الخدمات للمنطقة.