«مائة ألف توقيع لانقلاب مبارك المهدي ضد الصادق المهدي». هذا هو عنوان الخبر. هل بالفعل سيواجه السيّد الصادق المهدي وقوع انقلاب سياسي في شكله، عائلي في باطنه كما واجه انقلاباً عسكرياً بدوافع وطنية متولدة من ظروف ذاك الوقت؟! يقول الخبر إن مائة ألف من أعضاء حزب الأمة وقعوا لإسناد أمر الحزب لمبارك المهدي ضد رئيسه وإمام الأنصار الصادق المهدي، هذا ما جاء على لسان رئيس تيار الانتفاضة محمد أحمد عبد القادر، والمقصود بالانتفاضة هذي هو التخطيط لاقتلاع السيد الصادق. أي أن الصادق بعد الانقلاب العسكري يواجه انقلاباً تنظيمياً، وبدلاً من أن تكون الانتفاضة ضد الحكومة لصالحه كما كانت تلك ضد حكومة نميري ها هي الآن ضده هو. وهدف هذه الانتفاضة هو اقتلاعه من منصبيه الاثنين رئيس الحزب وإمام الأنصار. ليكون مبارك خليفته في رئاسة الحزب ويكون السيد أحمد عبد الرحمن المهدي هو إمام الأنصار. لكن إذا قلنا إن الإمامة يستحقها السيد أحمد عبد الرحمن المهدي باعتباره هو ابن السيّد عبد الرحمن، فما الذي يجعل تقلُّد منصب رئيس الحزب بطريقة غير ديمقراطية وبدون انتخابات ومؤتمر عام؟! وإذا كانت الإجابة هي أن كل هذا سيكون بعد الانتفاضة التنظيمية والانقلاب السياسي، فلماذا لا يدخل تيار الانتفاضة في فعاليات المؤتمر العام للحزب ويخوض الانتخابات؟!. لكن يبدو أن الانقلاب عائلي كما يراد له وبأدوات حزبية باعتبار أنه من أجل تغيير قيادة الحزب. فإن رئيس تيار الانتفاضة يقول إن إدارة الصادق المهدي للحزب تخطاها الزمن بعد أن تحوّل حزب الأمة إلى مجرد واجهة اجتماعية وسياسية لأسرة الصادق. لكن ما فات على رئيس تيار الانتفاضة هو أن ما جعل الصادق وأسرته هم قمر الحزب وسط نجومه هو الدور الإعلامي في ذلك، وهذا هو الرهان الأول للسيد الصادق في مسيرة حياته، وهو الوصية الأغلى منه لأسرته الكريمة.. لذلك لأن الإعلام بيضة ذهبية، وكل جماهير حزب الأمة والأنصار تبهرهم الهالة التي تحيط بالسيد الصادق، وهذا ما لم يتمتع به مبارك المهدي وقد تهيأت له الفرصة من قبل بعد أن انشق ومعه معظم الشخصيات المهمة في الحزب ومنهم إلى جانبه اثنان يحملان اسم المهدي هما الصادق الهادي المهدي وعابدة المهدي، وحينما انشق عبد الله مسار مع الصادق الهادي المهدي من حزب الأمة الإصلاحي بقيادة مبارك المهدي كان يقول في مؤتمر صحفي «معنا ماركة مسجلة إنه الصادق الهادي المهدي». وكان يقصد أنه يغنيهم من اسم مبارك المهدي إذ أنه أيضاً حفيد الإمام الأعظم السوداني محمد أحمد المهدي. إذن مبارك أضاع البيضة الذهبية بتقدمه بالاستقالة من منصب مساعد الرئيس الذي كان فرصة لصناعة رئيس لامع لحزب الأمة بدلاً من الصادق. وإذا كان الصادق قد دفع بابنه ليكون تحت أضواء الإعلام الرسمي مساعداً للرئيس في موقع مبارك القديم فلم يكن هذا لاقتناعه بالمشاركة في هذه السلطة التي انتزع منه رئيسها الحكم، ولكن حرصاً على استحواذ البيضة الذهبية الخاصة بعائلة المهدي وهي واحدة فقط، إنها الإعلام وأثره في استقطاب واستمالة الأنصار وأعضاء الحزب العريق. إن البيضة الذهبية انتقلت من السيد عبد الرحمن إلى السيد الصديق إلى السيد الهادي إلى السيد الصادق. ولا يمكن أن تنتقل إلى غيره من أبناء العائلة إلا تحت أضواء الإعلام الرسمي، وهذه الأضواء لا سبيل إلى الظهور تحتها إلا من خلال اعتلاء المناصب الدستورية الرفيعة. ثم السؤال هو إذا كان تيار الانتفاضة حصل على مائة توقيع فكم عدد عضوية حزب الأمة؟! هل أقل من مائتي ألف؟! وإذا كانت أكثر من ذلك فيبقى هذا انتهاك للحقوق الديمقراطية داخل التنظيم. وحتى المؤتمر العام الاستثنائي يحترم الأغلبية وتقوم به الأغلبية أصلاً مثل مؤتمر «أنصار السنة» الذي أعاد الحق القيادي لشيخ «أبوزيد». وما دام أن الصادق وأسرته بحوزتهم البيضة الذهبية فلا بد أنهم سيتحدون مثل هذه الانتفاضة. تيار الانتفاضة يمكن أن يعيد قصة انشقاق مبارك لكن لا يستطيع تحدي صاحب البيضة الذهبية. ٭ تنبيه (من رقص نقص.. هي مقولة المك نمر)، ما بين القوسين كان هو عنوان مقال الأمس وما ورد في مكانه كان بالخطاء.