عاشت عاصمة إفريقيا الوسطى «بانغي» أجواء عصيبة عقب قيام مجموعات مدعومة من الرئيس المخلوع فرنسوا بوزيزيه بمحاولة الانقلاب على ثورة حركة سيلكا وإدخال البلاد في دوامة عنف جديدة عقب استقرارها وهروب بوزيزيه منها، وبحسب الصليب الأحمر فإنه عثر على جثث نحو ثلاثمائة قتيل لقوا حتفهم خلال اليومين الماضيين في العاصمة بانغي، وذكر أن موظفيه توقفوا عن جمع الجثث مع حلول ليلة أمس، وأنهم سيستأنفون أعمالهم اليوم «الأحد»، ودفعت شدة الاشباكات بين قوات الحكومة مع متمردي نظام بوزيزيه جعلت من سكان العاصمة يتدافعون إلى مطار بانغي الدولي لكي يحتموا بالقوات الفرنسية المرابطة هناك، وتعتبر العلاقات بين الخرطوم وبانغي قوية لدرجة جعلت الرئيس الجديد يزور الخرطوم في أول زيارة خارجية له في يونيو الماضي التقى خلالها الرئيس عمر البشير، ومن المعروف أن الرئيس ميشيل دغوتوديا كان قنصلاً لبلاده في دارفور إبان عهد الرئيس المخلوع فرنسوا بوزيزيه، وحاليًا تشير الأنباء الواردة من بانغي صباح أمس «السبت» إلى أن السكان بدأوا يعودون تدريجيًا إلى حياتهم الطبيعية، حيث شرع بعض التجار في فتح محلاتهم الصغيرة، حيث شوهدت آليات عسكرية فرنسية وإفريقية تجوب شوارع العاصمة، حيث سبق لرئاسة إفريقيا الوسطى أن أصدرت أمس الجمعة قرارًا تمنع بموجبه القوات المحلية من التجول بغرض ترك المجال للقوات الأجنبية لفرض الأمن، وإن كان القرار لم يتم احترامه بشكل كامل بحسب شهود عيان. من جانبه، قال الخبير العسكري اللواء محمد نعيمة الله جبريل، في تصريحات لقناة العربية الفضائية إن التدخل الدولي بقيادة فرنسا لحل النزاع في إفريقيا الوسطى سيُلقي بظلال سالبة على الأمن القومي السوداني، مشيراً في هذا الصدد إلى العلاقة غير الحسنة بين السودان وفرنسا واختلاف الرؤى بينهما وعدم وجود مصالح مشتركة، كما أشار الخبير نعيمة الله إلى إفرازات الحرب الأهلية في إفريقيا الوسطى، وأوضح أن الرقابة على الحدود السودانية مع معظم الدول من بينها إفريقيا الوسطى ضعيفة، مشيراً إلى عدم قدرة السلطات عى السيطرة عليها بشكل كامل، وتوقع إذا تطورت المواجهات بين القوات الفرنسية والمسلحين فإن ذلك ربما يؤدي إلى هروب بعض هذه المجموعات واختراقها لإقليم دارفور الذي قال إنه مضطرب أصلاً مما يزيد من التوتر في هذا الإقليم. وكانت وزارة الخارجية في الخرطوم عبَّرت عن أسفها للتوترات في إفريقيا الوسطى خاصة وأنها مشتركة مع الخرطوم في القوات المشتركة التي تحرس الحدود، في وقت حذر فيه خبراء عسكريون من تصاعد التوتر في إفريقيا الوسطى، وقال وكيل وزارة الخارجية رحمة الله محمد عثمان، إن بلاده تأسف على التوترات التي تشهدها دولة إفريقيا الوسطى، والتي وصلت لحد التدخلات الدولية والإقليمية، وطمأن عثمان بأن الجالية السودانية في بانغي لا تواجه أي إشكالات أو صعوبات، مشيراً إلى التداخل القبلي والاجتماعي ما بين مواطني البلدين، وأوضح وكيل الخارجية وجود تنسيق ثلاثي مشترك ما بين الخرطوم وإنجمينا وبانغي يقضي بإنشاء مراقبة على الحدود تقوم بها قوات مشتركة، معرباً عن أمله في أن تنعم إفريقيا الوسطى بالاستقرار وتتجنب أي تدخلات خارجية.