للحكاية بقية/ يروي بعضا منها/ الهميم عبدالرزاق على غير العادة وبصورة وصفها البعض بأنها تدعو إلى الدهشة والاستغراب بدأت الدعوات للتطبيع مع إسرائيل من قبل بعض السودانيين تظهر إلى السطح هذه الأيام وعلى رأس هؤلاء الداعين برلمانيون وأكاديميون، فبعد أن كشف الموقع الإلكتروني الشهير «ويكيليكس» برقيات قال إن مستشار الرئيس للعلاقات الخارجية د. مصطفى عثمان إسماعيل وعد فيها القائم بالأعمال الأمريكي السابق المثير للجدل البيرتو فرنانديز بالنظر في أمر التطبيع مع إسرائيل في وقت لاحق بعد أن تقدِّم بلاده المساعدة للسودان في تجاوز كثير من المشكلات، وبحسب البرقية التي نشرت نحو أكثر من شهر وأرسلت للخارجية الأمريكية في 29 يوليو 2008م قال مصطفى عثمان لدى لقائه المسؤول الأمريكي«إذا مضت الأمور بصورة جيدة مع الولاياتالمتحدة قد تساعدوننا في تسهيل الأمور مع إسرائيل الحليف الأقرب لكم في المنطقة». لكن إسماعيل نفى تلك التسريبات إلا أن نفيه لم يعد مجدياً حسب مراقبين إذ يعتقد أنه أغرى آخرين ربما كانت تداعبهم الفكرة من قبل بالجهر بها وطلب التطبيع في وضح النهار دون مداراة أو مواربة أو مراعاة لتاريخ السودان الذي يحفظ له رفض التطبيع بل وقيادة الدول العربية والإسلامية ودعوتها بالتمسك برفض إنشاء أي علاقات مع الكيان الصهيوني، وظهر هذا جلياً من خلال القمة العربية التي عرفت بقمة اللاءات الثلاث التي عقدت في الخرطوم عام 1967م والتي اعتبرت قراراتها من أشهر القرارات منذ إنشاء الجامعة العربية في 1945م وكانت قمة الخرطوم قد خرجت في هذا الإطار بإصرار الدول على التمسك بالثوابت من خلال اللاءات الثلاث «لا للصلح، ولا للاعتراف، ولا للتفاوض مع العدو الإسرائيلي» قبل أن يعود الحق الفلسطيني إلى اصحابه. هذا التمسك والإصرار والتاريخ الذي يريد البعض الآن محوه والتراجع عنه بحجج مفادها أن كل الدول طبَّعت مع إسرائيل فلماذا السودان؟ وإننا نقيم علاقات مع دول لا دينية كالصين وأن الإسرائليين كتابيون. وبالرغم من أن مستشار الرئيس مصطفى عدَّ ما ذكر على لسانه مجرد افتراء على شخصه وعلى حكومة السودان المجاهدة بعد تأكيده على أن موقف السودان الرسمي والشعبي من العدو الإسرائيلي معروف سلفاً باعتباره موقفاً يرفض التعاون مع الكيان الصهيوني جملة وتفصيلاً إلا أن الباحث الأكاديمي د. أبو القاسم قور جهر بتلك الدعوة بصورة أثارت استهجان الكثيرين عندما اعترض في ندوة «البعد الدولي للنزاع المسلح في السودان» التي نظمها مركز التنوير المعرفي بمقره الإثنين الماضي على أحد المعقبين في الندوة كان قد حمّل إسرائيل مسؤولية ما يجري في السودان والدول العربية، فقال قور «إذا كانت مشكلة السودان كلها مع إسرائيل لماذا لا يطبِّع السودان علاقته مع إسرائيل ويرتاح» وساق قور مبرراته بالقول «إن كل الدول طبّعت علاقاتها مع إسرائيل فلماذا السودان» وكان رد الفعل على دعوة قور من مقدم الندوة بأن السودان لا يمكن أن يفعل ذلك وإذا فعل فعلى الدنيا السلام حسب قوله. لم يمضِ على دعوة قور أكثر من أربع وعشرين ساعة حتى جاءت ذات المطالبة ولكن هذه المرة من عضو برلماني بمجلس الولايات يدعى شريف محمدين طالب فيها بالتطبيع مع إسرائيل بدلاً من استعدائها، وقال ذات القول لسابقه بأن كل الدول العربية لها علاقات مع إسرائيل في السر والعلن وتساءل الرجل الذي يشغل منصب نائب رئيس لجنة في مجلس الولايات ربما تكون بدرجة وزير دولة أثناء جلسات القطاع الاقتصادي للهيئة التشريعية القومية :«لماذا لا نطبع مع إسرائيل لاتقاء شرها ؟؟». وأضاف لنا علاقة مع الصين التي لا دين لها فلم لا نطبِّع مع إسرائيل الكتابية؟ وتابع محمدين حديثه الوجل بأن إسرائيل عاملة عكننة في دارفور والجنوب لذلك فهو يرى أن التطبيع معها سيكفي البلاد كثيراً من المشكلات. ولكن يبدو أن شريف محمدين الذي رفض أن يرد على هاتف «الإنتباهة» ولا أن يعير الرسائل النصية التي أرسلناها له أدنى اهتمام ومن سبقوه ابرزهم عبد الواحد نور على تلك الدعوة نسوا أو لايعلمون أن سنة الله في الأمر قد مضت عندما قال في محكم التنزيل «ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم» فهل يدعونا هؤلاء لاتباع ملة بني إسرائيل، هذا لسان حال كثيرين على رأسهم العضو البرلمانى عن دائرة عطبرة الهادي محمد علي في تعليقه على كلام شريف وآخرين والذي وصفه بغير المسؤول؟