مابين ارضية النظام السوداني الاسلامية واتقاء شر دولة اسرائيل التي ظلت علي المدي البعيد بطرق مباشرة وملتوية تتسبب في عدم استقرار منطقة الشرق الاوسط ، جاء صوت برلماني ينادي بالتطبيع معها لابعاد السودان عن دائرة الخطر، ولكن كيف يمكن للسودان ان يطبع علاقاته مع اسرائيل وهو لديه موقف واضح مما تفعله في المنطقة؟، وما تنفذه من مخططات علي اطراف البلاد، ويري خبراء في هذا الشأن ان التطبيع المباشر مع اسرائيل لايجدي، بينما يري اخرون ان هذا الموقف غير مستغرب فالسودان عضو في اللجنة الداعمة للحوار الفلسطيني مع اسرائيل . تأتي هذه الأسئلة على خلفية مطالب نائب برلماني من الحزب الحاكم، الحكومة بالتطبيع مع اسرائيل لاتقاء شرها ، اذ قال النائب البرلماني عن المؤتمر الوطني شريف محمدين في اجتماعات القطاعات البرلمانية حول خطاب رئيس الجمهورية امام البرلمان امس، ان الدولة لديها علاقات مع دول لاعلاقة لها بالدين كدولة الصين «فما الذي يمنع من اقامة علاقات مع اسرائيل وهم من اهل الكتاب» . ودافع محمدين في تصريح ل«الصحافة» عن موقفه الذي طرحه في اجتماع القطاع، واكد ان معظم الدول العربية لديها علاقات مع اسرائيل سواء علنية او سرية، واشار الى ا? التطبيع مع اسرائيل سيكفي البلاد كثيرا من المشكلات، وتابع «اسرائيل عاملة عكننة في دارفور والجنوب ». وفي السياق ذاته، كان موقع ويكيليكس الذي تسربت منه مجموعة من الوثائق التي تخص الحكومة السودانية ومسؤولين في اجهزتها المختلفة قد نقل ان مستشار رئيس الجمهورية مصطفى عثمان في وقت سابق ابلغ الولاياتالمتحدة رغبة الخرطوم في اقامة علاقات مع اسرائيل، بحسب برقية دبلوماسية أمريكية نشرها موقع ويكيليكس. وذكرت البرقية التي أرسلها دبلوماسي أمريكي الى خارجية بلاده في يوليو 2008 أن مصطفى عثمان اسماعيل مستشار الرئيس عمر البشير قال لمخاطبه الأمريكي ان أوجه التعاون التي تقترحها الحكومة على الولاياتالمتحدة تشمل تطبيع العلا?ات مع اسرائيل . وان كان اسماعيل في رد مكتوب لصحيفة «الأخبار» قال ان ما ذكر على لسانه في موقع ويكيليكس الذي وصفه في ذلك الوقت ب«الأفاك» مجرد افتراء صريح على شخصه وحكومة السودان «المجاهدة» علي حد وصفه ، وقال اننا تعودنا على مثل هذه الاتهامات الشائهة خصوصا من هذا الموقع ، واكد أن موقف السودان الرسمي والشعبي من العدو الاسرائيلي معروف سلفا وهو موقف يرفض التعاون مع الكيان الصهيوني جملة وتفصيلا . وفي ذلك الحين كانت وزارة الخارجية قد كذبت معلومات ويكيليكس عن تخطيط السودان لاقامة علاقات مع اسرائيل في عهد مستشار?رئيس الجمهورية وزير الخارجية وقتها د. مصطفى عثمان اسماعيل وقالت الخارجية في ردها انه لم يسبق لأي حكومة يمين أو يسار منتخبة كانت أو عسكرية منذ استقلال السودان أن خططت لاقامة علاقات مع اسرائيل بمختلف اتجاهاتها، ووصفت ان ما نقله ويكليكس في الشأن افتراء واستبعدت الامر بشكل مطلق معتبرة اياه انه محاولة لجر السودان الي منعطفات هو ليس جزء منها . ولكن المحلل السياسي دكتور خالد التجاني قال في حديثه «للصحافة» عبر الهاتف ان موقف النائب البرلماني غير مستغرب لانه مرتبط بموقف الدولة الرسمي ، قبل ان يقول ان الحكومة السودانية باعتبارها جزء من الجامعة العربية وعضو في لجنة دعم التفاوض الفلسطيني مع اسرائيل فانها تربط الامر بالقضية الفلسطينية ، واضاف ان النظام في السودان يقوم علي خلفية اسلامية ولديه موقف رسمي من اسرائيل ، هذا الموقف جزء من الموقف الرسمي العربي من اسرائيل ، وقال التجاني ان السودان كان حاضرا في القمة العربية في بيروت والتي دعت الي التطبيع مع اسر?ئيل مقابل حل القضية الفلسطينية وفقا لقرارات الاممالمتحدة في العام 1967 ، مايوضح ان موقف السودان مرتبط بفلسطين . ويري مدير مركز الراصد المتخصص في الشأن الاسرائيلي دكتور ياسر ابو، انه ليس هناك مايجمع السودان واسرائيل معتبرا ان خطوة التطبيع مع اسرائيل صعبه علي النظام السوداني الاسلامي ، لكن من الافضل ان يدار حوار غير مباشر مع اسرائيل وليس تطبيعا بالمعني الواضح ، واضاف ابو، ان رفض التطبيع مع اسرائيل ليس مرتبطا بالانقاذ وانما بكل الحكومات التي تعاقبت ، وهذه الخطوة ليست مرتبطة بالدين وانما بالسياسة ، مشيرا الي ان الرسول «صلى الله عليه وسلم» قد تحاور مع اليهود في دولة المدينة وجلس معهم ، وقال ان الحديث عن التطبيع في هذا ال?قت غير مجد، وانما الحوار غير المباشر هو افضل وسيلة فالسودان لديه موقف واضح من اسرائيل منذ الاستقلال ، واشار الي ان اسرائيل وامريكا وجهان لعملة واحدة ، ولكن لايمكن التطبيع مع اسرائيل بسبب ماترتكبه من جرائم في حق الفلسطينيين واغتصابها للاراضي العربية ونحن دولة عربية يجب ان يكون لنا موقف واضح مما تفعله من جرائم . ويقول القيادي بحزب البعث السوداني محمد علي جادين ،ان موقف السودان مع اسرائيل لم يتزعزع منذ العام 1948 قبل ان يصف صوت النائب البرلماني بالنشاز ، وان اعتراف السودان باسرائيل حسب ماطالب به النائب يتناقض مع هذا الموقف الثابت ، وموقف الشعب السوداني ايضا ، واذا كانت هناك دول عربية تعترف باسرائيل فقد تم ذلك لظروف معينة ومرتبطة بمواقف الحكام ولكن شعوب هذه الانظمة ترفض التطبيع مع اسرائيل تماما .