دعونا أولاً ولوجوب الضيافة، ندخل أحد المطعام الكندية في ولاية «اونتاريو»، حيث يقيم سباحنا السوداني الشهير سلطان كيجاب وأسرته هناك، ونتناول معاً شوربة رائعة ودسمة من طيور العصافير «ود أبرق». ومع متعة الحساء اللطيف تحلو الونسة مع كيجاب. ونسأله: ٭ لماذا يهتمون هنا في كندا بإعداد شوربة مثل هذه من لحوم العصافير يا كيجاب «ود أبرق» عندنا في السودان يسرح ويمرح ويشقشق في حرية وأمان، ولا نهتم به كثيراً كما هم الآن؟. ويجيب كيجاب: «إيييك.. العصافير هنا في كندا بالمليارات. كندا كما تعلم هي من أكبر الدول المنتجة والمصدرة للقمح في العالم. ولكن مع تقدمها التقني، ما استطاعت مكافحة العصافير تماماً.. قالوا أحسن يستفيدوا منها كثروة.. عشان كدا تجد بعض المطاعم والمحلات التجارية تبيع لحوم العصافير.. وبالمناسبة «ودابرق» ده فيهو جنس «دمعة».. تقطع وراها أصابعك». ذكرتني مقدمة حديث «كيجاب» الفاتحة للشهية هذه أهازيج الصبية عندنا في السودان وهم يشرِّكون للطيور في بعض الأقاليم وينشدونها لاغوائها بالنزول إلى حيث الشرك بترنيمات حنينة وعذبة تقول: خالّة يا خااالّة.. الدردبيس يا خالّة أحمد عريس يا خالّة.. شوف الشِريك يا خالّة كان ما قام بيك يا خالّة دفعتو ليك يا خالّة خاااالّة يا خااالّة.. «خالّة» هنا بفتح اللام مشددة مقصود بها الطائر». لكن كيجاب الذي لا يحوجنا لأسئلة كثيرة يطوف بنا متسلسلاً في ذات الموضوع فيحدثنا عن أن بعض المطاعم هنا تقدم وجبات حتى من الحشرات!! وسألته: بمناسبة الحشرات، وبما أنها هذه الأيام في السودان تشكل هاجساً خطراً وتحتل «الجنادب» أخبار الصحف، نلاحظ إعلانات هنا في كندا في بعض الشوارع تحذر منها؟ الحكاية شنو؟ يجيب كيجاب: هنالك أكثر من 45 نوعاً من الحشرات تعيش في أمان مع الكنديين والامركان أنا حاحكي ليك حكايات غريبة ومدهشة. أنا تجولت وزرت معظم ولايات أمريكاوكندا.. أمريكاوكندا جارتان، وتكاد تكون الحياة فيهما متطابقة ومتشابهة من حيث التحديات والمعايش.. يعني عندك كم سنة في كندا يا كيجاب؟ 42 سنة في كندا منذ 1970، والمدينة التي أسكن فيها بالقرب من الحدود الأمريكية. واصل تعرف إن أكثر ما يتعب الامركان حشرة «البق».. البق هنا قفل فنادق وعمارات، .. ولايات أحياناً ينوم البعض في الشوارع من ازعاج وكثرة «البق».. وكمان في حشرة اسمها «الككرج».. الحشرة دي كلفت الحكومة الكندية والحكومة الامريكية مبالغ ضخمة وما قدروا يسيطروا عليها.. أما الفئران ايييك.. كدي قبل الفئران يا كيجاب ما نفوت الحشرات الجنادب كيف؟ لا حول ولا قوة إلا بالله.. الجنادب دي هنا جيوش.. السلطات فَتَرت منها واستسلمت.. مشكلة الجنادب إنك لو بدأت حملة الابادة فهي تؤدي لمرض الحساسية «الأزمة» ولو تركتها تتكاثر.. لله في خلقه شؤون، يضع سره في أضعف خلقه.. وهذه المخلوقات الصغيرة تكلف الدول العظمى مليارات من الدولارات. وسمعتك ذكرت الفئران.. ماذا عنها؟ الفئران دي خليها ساكت.. تصور حتى البيت الأبيض لا يخلو منها.. هنالك موظف خاص يطعم «السناجب» ويقوم السواح والزوار بتصوير المشاهد. حتى الرئيس «ايزنهاور» رئيس سابق لأمريكا.. ذكروا مرة أنو لقو فار ميت في مكتبه حينما فاحت بعض الروائح من المكتب. وأحكي ليك حكاية طريفة لفأر حدثت لجيراني هنا في المكان الذي نسكن فيه.. مرة في «جني» فار صغير «سنجاب» اتعلق في شجرة بعد أن سقط من عشه وعجز عن العودة له وبدأ يصيح «سيك سيك سيك» جارتنا اتصلت على الشرطة.. وحينما حضرت الشرطة اتصلت بدورها على فرقة الإنقاذ.. جاءت الفرقة في لمح البصر ومعها جمعية الرفق بالحيوان وانقذت الفأر.. جارتنا طلبت من الشرطة أن يسمح لها بأن تتبناه وترعاه.. الشرطة وافقت وجمعية الرفق بالحيوان كتبتها تعهد.. وقامت بدعمها مالياً وتابعت على فترات الرعاية حتى شب ذلك «الفار» وبلغ أشده. بعدها استلمته الجمعية.. عالم عجيب. لكن الحكايات الأغرب والأطرف حكايات الحشرات هي مشاهد وسلوك وحكايات التماسيح والدببة والثعابين .. ولاية «لويزيانا» لوحدها بها ثلاثة مليون وخمسمائة تمساح و.. وتقطع على كيجاب الحكي المدهش: حقو تخلي حكايات التماسيح دي للعدد القادم يا كيجاب خصوصاً وأنت رجل سباح ماهر.. الحلقة دي مدهشة لكن الجاية يبدو أنها مرعبة.. لكن يا ترى حتكون في ياتو مطعم؟ وأوع تكون شوربة تماسيح؟ نواصل