وغليان التغيير حول السودان جنوباً «جوبا» وشمالاً «مصر» و.. وتغيير في السودان الآن. ولما كانت القوات المسلحة تجتاح سدرة والحجير وشمشكة وتحاصر الآن كاودة.. آخر معقل للتمرد.. كان الوطني يستشير الأحداث والناس هنا.. لتكوين الحكومة الجديدة. وفي الاستشارة.. الوطني يستمع لرجل يعرف ما تحت الأرض. وهو يحدث عن الأحداث الكبرى الأخيرة.. وما فيها ومن فيها. والرجل كل ما ذكر اسماً قال المستمعون في نفوسهم : ذهب فلان.. ذهب فلان. ولما كانت لقاءات الخرطوم السرية ترسم السودان كانت لقاءات معارضة سلفا كير ترسم الجنوب. وأكول ولعل مشار معهم كانوا ينصحون سلفا كير بأن يكون عنيفاً. ولما كان الحرس في برلمان جوبا يمنع باقان من الدخول كان بعضهم في البرلمان يتبادل النظرات.. الرجل ابتلع الطعم. قبلها كانوا يعلمون أن سلفا كير حين يتصل من باريس يقول لمدير استخباراته : اعتقل فلاناً وفلاناً «قادة المعارضة». والمدير هنا يقول في ذكاء نعم.. لكن عليك إذن بعدها أن تتقدم بطلب للجوء السياسي في باريس. كان هذا مساء الخميس. ومساء الجمعة سلفا كير يطل على البرلمان ليشتم المعارضة.. ونصف المجلس يخرج. مساء الأحد كان الهجوم العسكري على حامية جوبا.. يفشل والمعارضة هناك ترتكب الخطأ ذاته الذي سقطت فيه المعارضة عام 76م حين تهاجم معسكرات الجيش .. بينما كل أحد يعلم أن معسكرات الجيش تقاتل مهما كان المهاجم صديقاً أو عدواً. ومشار معتقل.. وباقان مطارد. والجبهة الثورية تفقد كل حلفائها في جوبا. و.. و.. شيء يتبدل في الجنوب.. إن بقي سلفا كير.. أو ذهب.. ومؤتمر سلفا كير لم يكن يحمل أكثر من جملة «أنا هنا» مما يعني أن الاحتمال الآخر موجود.. وأسبابه موجودة. «2» وشيء يتبدل في الخرطوم .. لكن هذا كله.. تخبط وتجربة نصف قرن تقول إن السودان يحكمه الدين والشورى.. والحداثة».. فقط. وأغرب تاريخ عندنا هو تاريخ الشورى. وأيام أزهري كانت الشورى تنتهي بعنوان في صحف اليوم التالي يتكرر حتى حفظه الناس : إلى من يهمه الأمر سلام.. النائب فلان فصل.. التوقيع أزهري. والنميري بعد السخط يجعل قادة الجيش في قاعة الصداقة «يقولون أي شيء، بينما هو جالس في القاعة المجاورة يتابع بالفيديو كل شيء» وكان قد أوهمهم أنه بعيد. والقادة يقولون كل شيء. وعند الباب يجد أكثرهم خطابات الإقالة. وفي الشيوعي لا أحد كان يستطيع أن يقول شيئاً لعبد الخالق إلا بعد أن يشرب «ما تيسر» والأمة يصبح «أمة من الأحزاب» للسبب هذا. والإسلاميون يصبحون وطني وشعبي وغازي.. وسائحون و.. و.. للسبب هذا. «3» وفي السودان الآن فلان عنده جيش وفلان له جيش وأحد قادة الأمن كان يصنع جيشاً. ود إبراهيم جيش والغرب خمسة جيوش. والقبائل في الغرب جيوش. والدفاع الشعبي جيش. والجيش جيش. وقطاع الشمال جيش وعقار جيش. وجيش يصنع الآن في الشرق. والأحزاب جيوشها من أيام أسمرا. «4» الشعور بالخطر على السودان.. حقاً أو باطلاً.. يصنع بعض هذه الجيوش. والشعور الآخر يصنع الأخرى. وحرب المخابرات تصنع هذا .. بهدوء. وإضعاف الشعور بالإسلام كان هو الخطوة الأولى.. وينجح. و «أيام الإسلام» من كان يفعل الأعاجيب ليس هو المجاهدون في الجنوب. من يفعل الأعاجيب كان هو مشهد طرقات السودان كله وهي تفرغ في الثامنة مساء كل إثنين. الناس جالسون أمام الشاشات يشاهدون «ساحات الفداء» في شعور عارم بالإسلام المقاتل ومذاق الإسلام. كان لا بد من نزع الشهور هذا. ونزع بعده كان لا بد من نزع «الشورى». ونزعت. إلى درجة أنه؟؟ يقول لي الطبيب أكلت شيئاً وداؤك في الشراب أو الطعام. هذا هو المتنبي بينما نحن نقول طبيبنا داؤك في عدم الطعام.. ولا رهاق. ونقرر الذهاب بعيداً في يناير. بعدها نكتفي إن شاء الله على صفحات «الإنتباهة» «فقط».