اشتعل القتال في عاصمة جنوب السودان جوبا لليوم الثالث عشية اعلان المحاولة الانقلابية التي وقعت فجر أمس الأول، حيث انتقل القتال للمقر الرئيس لقيادة الجيش في جوبا فجر أمس الثلاثاء، وأكد شهود أن أصوات الرصاص تسمع بكثافة والشوارع خالية من المارة، وقالت وكالة «فرانس برس» من عاصمة الجنوب: «سمعت أصوات إطلاق النار من أسلحة ثقيلة من ناحية مقر القيادة العامة لقوات الجيش الشعبي، وإن صوت الأسلحة لا يزال مسموعاً منذ التاسعة صباحاً»، وخلت شوارع جوبا من المارة والعربات المدنية، وتتحرك المركبات العسكرية فقط، في وقت تحصن فيه المدنيون في منازلهم، بينما قال أحد عمال الإغاثة الأجانب فى جوبا، إن الطعام والمياه تمثلان مشكلة بالفعل للسكان، إذ ليست لديهم برادات أو كهرباء، ومن ثم يشترون الطعام يومياً تقريباً، لم يخزنوا شيئاً، ويشعرون بالقلق، وأصبحت الأنباء في جنوب السودان بسبب انقطاع وسائل الاتصال العادية حكراً على مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ذكر أحد المنتديات بأن حركة محمومة دارت حول السفارات الغربية لحماية رعاياها ومصالحها، وشوهدت عربات محملة بأجانب وتحرسها قوات أجنبية، كما قامت قوة أجنبية بعملية تأمين محيط في مطار جوبا، وفيما يلي تفاصيل اليوم الثاني في جوبا: السودانيون بخير أفادت سفارة السودان بجوبا في برقية لها، أن جميع المواطنين السودانيين وأعضاء البعثة الدبلوماسية بخير، ولم يصب أحد بأذى جراء الأحداث التي شهدتها المدينة. وكان الرئيس عمر البشير قد أجرى اتصالاً هاتفيا ًبنظيره سلفا كير رئيس جنوب السودان للاطمئنان على الأوضاع. تعطل شبكات المحمول أعلنت السفارة الأمريكية في جنوب السودان، أمس تعطل معظم شبكات الهاتف المحمول في أنحاء جوبا، واستمرار إغلاق المطار بالعاصمة حتى إشعار آخر، وأشارت السفارة إلى استمرار إغلاق أبوابها وتعطيل الخدمات الروتينية التي تقدمها لرعاياها، وطالبتهم بالبقاء في منازلهم والحفاظ على سلامتهم. الجيش يدعو بعد قتال عنيف طوال صباح أمس الثلاثاء في مناطق جوبا، قامت سيارة تحمل مكبرات الصوت بإعلان عام تدعو الجنود للعودة إلى قواعدهم، وطالبت السيارة العسكرية مواطني مدينة جوبا بالبقاء في منازلهم، وبحسب مصادر أنه من غير الواضح ما إذا كان الاستدعاء بغرض محاولة تشجيع الجنود على إلقاء أسلحتهم أو بالأحرى لإعادة تعبئتهم. مواطنون يحكون روى المواطن باولينو ملوال كيفية نجاته من أحداث أمس الأول عندما احتمى بمنزله اثنان من أقاربه، وقال ملوال بأنه كان يحمل بندقية عندما قام مع أقاربه الذين يحملون مسدسات بالاتجاه لتفقد بقية أقاربهم في المدينة، وأضاف ملوال أنهم عندما كانوا في الطريق التقوا بمجموعة من أبناء النوير بالحرس الرئاسي، عندها قاموا بالزحف عندما أطلق النوير عليهم النار وعند هروبنا أصبت بطلقة في رجلي، مشيراً إلى أنه حضر إلى المستشفى بواسطة الشرطة التي وجدته ملقى على الأرض. طائرات صغيرة رغم أن مطار جوبا مغلق رسمياً لكن مصادر شاهدت طائرتين أقعلتا من المطار إلى كينيا. وذكر شهود عيان أن قوات أجنبية قامت بتأمين المطار، وشوهدت سيارات تحمل دبلوماسيين من السفارات وتنقلهم بواسطة القوات الأجنبية إلى المطار، يذكر أنه نشب قتال عنيف حول مطار جوبا مساء أمس الأول الإثنين بعد ليلة من اشتباكات عنيفة شهدتها المدينة حيث اتجهت الدبابات إلى المطار، وتسبب القتال في جوبا لإلغاء كل الرحلات الجوية إلى نيروبي وعنتيبي وكيغالي وأديس أبابا، كما وردت معلومات بأنه تم إغلاق الحدود البرية بين نمولي مع أوغندا لأجل غير مسمى. فوضى بالعاصمة حذر موظفو الإغاثة في مدينة جوبا من انهيار الأوضاع التي تنذر بخطر كبير. وقالوا إن البلاد تتجه إلى الفوضي بشكل سريع جداً، حيث تحولت مدينة جوبا على مدار الأيام الماضية إلى مدينة أشباح بحسب وصف بعض المواطنين الذين أكدوا أن الأسواق مغلقة وجميع المحال التجارية والمواصلات متوقفة، والعسكريون يسيطرون على الشوارع. وكشف عدد من المواطنين أن القوات الأمنية نفذت حملة اعتقالات وتفتيش عشوائية، مشيرين إلى أن ممارسات الجيش الشعبي تدفع باتجاه جعل النزاع في جنوب السودان نزاعاً قبلياً. الأممالمتحدة تدعو دعت ممثلة الأممالمتحدة في جنوب السودان، هيلدا جونسون، سكان جنوب السودان، ولا سيما أطراف القتال في جوبا إلى تفادي أية أعمال عنف على أساس إثني أو قبلي، وقالت جونسون في بيان أصدرته صباح أمس إن أكثر من عشرة آلاف مدني في مجمعي بعثة الأممالمتحدة في جنوب السودان، في جوبا، مؤكدة حرص البعثة على سلامتهم، وشددت ممثلة الأممالمتحدة أيضاً على ضرورة انضباط قوات الأمن، وبحسب المتحدث باسم الأممالمتحدة، جو كونتريراس، إن آلاف المدنيين لجأوا إلى مجمع تابع للأمم المتحدة قرب مطار جوبا، وعند ظهر أمس تمكنت الأممالمتحدة من عد مواطني جوبا الذين احتموا بقواعدها حيث بلغوا جميعا «13» ألف نازح، بحسب توبي لنزار منسق الشؤون الإنسانية نائب ممثل الأممالمتحدة في دولة الجنوب، وبحسب مصادر فإن مشرحة جوبا ممتلئة بالجثث، كما أن مستشفى جوبا لم يعد بوسعه تحمل المزيد من المواطنين المصابين، وروى شهود عيان بأن هناك ثلاثة أشخاص كانوا بحاجة للمساعدة لكن سطات الأمن في جوبا لم تمسح لهم بنقلهم إلى المستشفى. مظاهرات إدانة خرج المئات من المتظاهرين في مدينة واو، بولاية غرب بحر الغزال، للتظاهر ضد محاولة الانقلاب في البلاد، حيث خرج في المظاهرة السلمية تلاميذ المدارس وموظفو الخدمة المدنية والمواطنون بجانب أعضاء من حكومة الولاية بقيادة نائب المحافظ جوزيف قرنق، وكان المتظاهرون رافعين اللافتات والملصقات المكتوب لا لسفك الدماء، بينما ألقى البعض خطباً على المتظاهرين. مخاوف أمريكية قالت إذاعة «صوت أمريكا»، إن مسئولين أمريكيين يراقبون عن كثب ما يحدث في جنوب السودان، حيث يستمر العنف رغم تصريحات حكومة جوبا بأن الوضع تحت السيطرة، متابعاً أن سكان مدينة جوبا فروا، هرباً من العنف باحثين عن منطقة آمنة، وكثيرون منهم لجأوا إلى مجمع الأممالمتحدة. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية ماري هارف إن السفارة الأمريكيةبجنوب السودان تراقب الوضع هناك باستمرار، وحثوا الناس على الاحتماء في الشوارع المجاورة بعيداً عن أصوات الأعيرة النارية، وتابعت هارف: نظراً لتاريخ الصراع في المنطقة، فإن الولاياتالمتحدة تشعر بالقلق، ونحن بالتأكيد لا نريد أن يكون هذا هو الحال هناك، ولذلك فقد جمعنا جميع الأطراف إلى حل خلافاتهم من خلال الوسائل السلمية. بدوره قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان وجنوب السودان السفير دونالد بوث إن الولاياتالمتحدة تضع جنوب السودان تحت المجهر، كما أننا لسنا متأكدين أن ما حدث هو محاولة انقلاب، لأن ما حدث ما زال غير واضح، وهناك جوانب كثيرة غامضة، وأضاف لقد كان القلق لبعض الوقت سببه تصاعد التوترات، وربما هو السبب في ما حدث، كانت هناك أيضا شائعات بأن، السفارة الأمريكية احتضنت المتسببين في العنف، وذكرت بعض الشخصيات والأسماء لكن السفارة الأمريكية لم تأو أية شخصيات سياسية أو عسكرية داخل جدرانها، ولم تكن ملجأ لأحد. كي مون يدعو الجيش دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قادة جيش جنوب السودان إلى الالتزام بأقصى درجات ضبط النفس في استخدام القوة، بعد اشتباكات وقعت بين الجنود في جوبا.وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة في بيان له إنه يشعر بقلق عميق إزاء تقارير أفادت بوقوع اشتباك بين أعضاء الجيش الشعبي في جوبا وإزاء مخاطر العنف الذي يستهدف جماعات بعينها. وحث بان كل الأطراف في النزاع على وقف الأعمال العدائية على الفور، داعياً الجيش الشعبي إلى فرض الانضباط على جنودهم والالتزام بأقصى درجات ضبط النفس في استخدام القوة، وقال بيان كي مون إنه من الضروري أن تضمن الحكومة الأمن لكل المدنيين بغض النظر عن أصولهم. الصراعات القبلية أكد مدير تحرير جريدة «الأهرام» والمتخصص في الشئون الأفريقية الكاتب الصحفي عطية عيسى أن محاولة الانقلاب الفاشلة للإطاحة بحكم الرئيس سلفا كير رئيس جنوب السودان ترجع لعدد من الأسباب يأتي في أبرزها حالة الصراع القبلي التي تسيطر على قبائل جنوب السودان. وأضاف عيسى خلال اتصال هاتفي، والإعلامية لبنى عسل في برنامج «آخر النهار» المصري وجود عدد من الصراعات أنشأها الرئيس سلفا كير بعد إطاحته بنائبه عقب وصوله للحكم، مشيراً إلى وجود بعض الأزمات الاقتصادية التي تضرب جنوب السودان وتؤثر على الأوضاع السياسية بها. أوراسيا للاستشارات قالت مجموعة أوراسيا لاستشارات المخاطر السياسية إن الانقسامات التي تستند في أغلبها إلى اعتبارات عرقية تفسر الصعاب التي تواجهها حكومة جنوب السودان، ويؤكد منتقدون للحكومة أن الدولة الجديدة تعاني من نفس المشكلات القديمة وهي تفشي الفساد وسوء الخدمات العامة وقمع معارضي الحكومة ووسائل الإعلام. إسرائيل على الخط دفعت الاشتباكات العنيفة التي وقعت جراء محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في جنوب السودان، الإسرائيليين العاملين في جوبا، إلى تعليق أعمالهم والانشغال بتأمين أنفسهم، بحسب موقع «ذا جلوبال جويش نيوز سورس» الإسرائيلي، وأوضح أن أعضاء المعونة الإسرائيلية التي تتألف من منظمات إغاثة إسرائيلية ومنظمات أهلية يهودية في جوبا، توقفوا عن العمل، جراء سلسلة المعارك الضارية التي وقعت، وأعلنت أوفيلي ناميش المدير الإقليمي لشرق ووسط إفريقيا بوكالة «إسرا إيد» في جوبا، أن أعمال الوكالة تم تعليقها لحين استعادة الاستقرار في جوبا. وكتب ناميش، في رسالة إلكترونية موجهة إلى الداعمين للوكالة: أنا أعيش في جوبا منذ عامين، تعرفت على شعب جنوب السودان، وأدركت إصرارهم للوصول إلى السلام والاستقرار. وأضافت، أن هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها الشعب خائفًا على حياته، ويأملون في العثور على سبل البقاء على قيد الحياة، وأضافت أن وزارة الخارجية الإسرائيلية تنسق مع سفارتي فرنساوأمريكا في جوبا لتأمين خروجهم. دكتوراه فخرية في خضم الصراع الدائر في جنوب السودان حصل وزير الخارجية والتعاون الدولي في جنوب السودان بينجامين بارنابا ماريال على الدكتوراه الفخرية في الإنسانيات من كلية المحاسبة وإدارة الأعمال والتجارة بجامعة كينيا الوطنية، وذلك تقديراً لدوره في بناء السلام ورشاد الحكم في إقليم شرق إفريقيا.
