دعا الخبير في شأن دولة الجنوب الأستاذ أحمد الماحي الحكومة السودانية للتوسط بين أطراف النزاع في دولة الجنوب، وأوضح أن أي تأخير للخرطوم عن لعب الدور المتوقع منها تجاه ما يجري في الجنوب ستكون له عواقب كارثية مستقبلاً، رافضاً فكرة الحياد الإيجابي، وذهب الماحي إلى القول بأن أي تحرك كسيناريو محتمل داخل الجيش في جوبا لوضع سلفا كير تحت الإقامة الجبرية أو اغتياله في حاجة لمباركة دولية، مشيراً إلى أن الصورة لا تزال قاتمة بشأن الأوضاع برمتها في دولة الجنوب. ما هي رؤية الحكومة وموقفها من مجريات الأحداث بدولة الجنوب؟ الحكومة حتى الآن تقف إلى جانب الحكومة الشرعية في الجنوب، وهذا مبدأ مقبول ومعقول في إطار العلاقات الدولية، غير أن المتوقع من دولة أم لجزء انفصل عنها حديثاً أكبر من محدودية ضوابط العلاقات الدولية، فالدولة الأم متوقع منها التدخل الإيجابي وتوجيه المجتمع الدولي والدول الإقليمية لكيفية التعامل مع الأزمة بدولة الجنوب، وهذا يحتم علينا كدولة أم أن تنشأ خلية للأزمة والتعامل بأفق واسع وعقلية منفتحة بعيداً عن عقلية عائدات البترول وعائدات الموازنة. بالرغم من أن قضية البترول هي الآن القضية المحورية في رؤيتنا للمسألة كلها أو في توجهاتنا للجنوب ولكني أعتقد أنها من أسهل القضايا تعاملاً. ولكن كيف؟ في حالة وقوع مناطق البترول في يد المتمردين يمكن التوصل معهم لاتفاق لاستمرار تدفق النفط، ولا أعتقد أن هناك مشكلة، فالشركات تأخذ نصيبها مباشرة من الصادر مثل حكومة السودان، أما نصيب حكومة الجنوب فيمكن الاتفاق على آلية لحفظ أموال الجنوب من عائدات النفط كما يحدث عادة في الأزمات إلى حين انجلاء الأزمة واستقرار الأوضاع. كيف تنظر لقبول الرئيس سلفا كير بمبدأ الوساطة الإفريقية؟ قبول وساطة الإيقاد يعني ضمناً اعتراف من حكومة الجنوب بالمتمردين واقتناعها بالجلوس معهم للتفاوض، وهذا أكبر مبرر لحكومة السودان كي تطرح نفسها كوسيط باعتبار أن هناك قضايا عالقة لا تزال مع الجنوب والسودان أكثر الدول تضرراً من مآلات الحرب أياً كانت النتجية النهائية لها. هناك أحزاب سودانية سبقت الحكومة وتقدمت كوسيط بين أطراف النزاع بدولة الجنوب؟ الوساطة الحزبية في مشكلة الجنوب ليس لها قيمة، وستبقى من باب التكسب السياسي، وستجد بعض الترحيب ربما في إطار العلاقات العامة لكنها ليست بمجدية، فهؤلاء ليس لديهم ما يعطونه. هل تعتقد أن الحكومة ستخسر لو تأخرت أكثر من الوساطة بين الفرقاء الجنوبيين؟ أقول لكم بصراحة إن أي تأخير في تقديم السودان نفسه كوسيط للطرف الآخر ستكون له نتائج كارثية على المدى البعيد ربما إعادة العلاقات مع الجنوب إلى المربع الأول. هناك من يرون أن الحياد الإيجابي أفضل؟ أنا ضد الحياد الإيجابي في ما يجري حالياً بالجنوب لأنه يفسَّر على أننا منحازون للطرف الآخر بدليل أنه عندما حلق الطيران في بور نُسب إلى حكومة السودان، وأصبح الحديث المتداول في جوبا أن الحكومة السودانية جاءت لتساند سلفا كير. بماذا تفسر حجم القوات الدولية التي وصلت جوبا؟ لا يمكن تفسيرها في إطار التدخل الدولي أو الإقليمي إنما هي جهود لإجلاء رعايا الدول المعنية.. بالنظر إلى حجم القوات. لكن الملاحظ أن القوات اليوغندية التي دخلت الجنوب كبيرة؟ هذا لكبر أعدادهم في الجنوب، واليوغنديون كغيرهم يخشون من أعمال عدائية تستهدف مواطنيهم لذلك تدخلوا بقوة أكبر. هناك من يرى أن موسيفيني تدخل لحماية عرش سلفا كير؟ ابداً ليس هناك تدخل عكسري لصالح سلفا كير، هذا لم يحدث حتى الآن، إنما هي جهود كما قلت لحماية رعايا الدول المعنية، وكل هذه الدول نسقت مع كمبالا لقرب المسافة بينها وببين جوبا لإجلاء الرعايا الأجانب. هل تتوقع تدخلاً دولياً لصالح سلفا كير؟ الاهتمام الغربي الأمريكي ليس منصباً لحماية سلفا كير لأنهم في الأصل غير راضين عنه، فالغربيون لم تتبلور لديهم صورة جيدة حول ما يجري في الجنوب لاتخاذ إجراءات حاسمة بشأنه. كيف تفسر سقوط ولاية الوحدة في يد مشار؟ المرحلة المقبلة هي مرحلة اصطفاف قبلي حاد، كل مناطق النوير ستنحاز بسرعة لصالح مشار، حتى المناطق التي بدت لأول وهلة ضمن مقاومة لصالح سلفا كير لم تصمد، وتعتبر أهم ولاية من هذه الولايات أعالي النيل التي صمدت لمعادلات داخلية مختلفة فيها لوجود قبائل أخرى وبأعداد مقدرة، وأقرب جغرافياً لعاصمة الولاية مثل دينكا فدنك والشلك في غرب النيل، والولاية بشكلها الاثني هذه المعادلة فيها مختلفة وتحتاج لزمن أكبر لكنها في نهاية المطاف ستنهار... هل تتوقع سيناريو في بحر الغزال؟ السيناريو يقول إن أول ولايتين خارج نفوذ النوير ولها مصالح في انهيار الحكومة الحالية في جوبا هما ولايتا غرب بحر الغزال «الفراتيت» وشرق الاستوائية «التبوسا»، ولذلك أتوقع أن تجد قوات مشار طريقها سهلاً في السيطرة على هذه الولايات. إلى أي مدى تعتقد أن يصمد الطرفان في الصراع ومن الأقرب للنصر في رأيك؟ أي معادلة لإعادة الوضع في الجنوب لن تكون للوضع القائم أصلاً ستبقى نقلة لمربع آخر سيكون للمجتمع الدولي المهتم والدول الإقليمية ذات النفوذ دور في تشكيل الواقع داخل الجنوب ومن يعتقد في تدخل لصالح سلفا كيرأو مقدرة سلفا كير على إخماد التمرد واستتباب الأمن مرة أخرى في الجنوب واهم وقليل معرفة بالجنوب. معنى ذلك أنك لا تستبعد انقلاب الجيش على سلفا كير؟ هذا سيناريو وارد باغتياله أو وضعه تحت الإقامة الجبرية لكنه سيناريو في حاجة لمباركة دولية. بماذا تفسر الخطوة التي اتخذها سلفا كير بإعادة قادة مؤثرين من النوير من سايمون قارويج وقبريال تاج وبول كونج للخدمة العسكرية مرة أخرى؟ كل الذين تمت إعادتهم هذه أفضل وسيلة لهم للتسلل لمناطقهم والانضمام للتمرد، والتوجيه بإعادتهم للخدمة ربما كان من أفكار رياك قاي في مساعيه لدعم سلفا كير باختراق كبير في النوير لصالح سلفا كير. ولماذا اختار رياك قاي مناصبة سلفا كير إذا سلمنا بأن الصراع في اتجاهه ليكون صراعًا قبليًا بحتًا؟ هو مع سلفا كير لخلافاته العميقة ومراراته الشخصية مع ريك مشار. وقوف شخصيات مثل تعبان دينق مع مشار ربما يعقِّد الحسابات على سلفا كير ألا تعتقد بذلك؟ وقوف الأفراد ضد أو مع ما يجري حالياً بالجنوب لن يكون له أثر لأن ما يجري حركة قبلية لن يستطيع أحد أن يقابلها أو يسبح ضد تيارها، فالذين يقودون التحريض هم الأهالي والزعامات القبلية التقليدية، وقد كانوا فقط في حاجة للإشارة من السياسيين والتنفيذيين، فكل النوير سيكونون خلف مشار والعكس بالنسبة لموقف سلفا كير مع الدينكا إذا استثنينا أعالي النيل، وهم تاريخياً خلف النوير وحتى الآن لم نسمع صوتًا نشازًا من دينكا بحر الغزال أهل سلفا كير وثقله القبلي ليسوا على اتفاق حول الرجل.