تحدَّثنا عن الطلب الذي تقدَّم به بعض أتباع عقار والحلو وعرمان لمجلس شؤون الأحزاب السياسية لإنشاء حزب جديد يحمل نفس الاسم «الحركة الشعبية لتحرير السودان» وقلنا إن إصرار قيادات الحزب الجديد على اختيار ذلك الاسم الذي يشير إلى الحزب الذي يحكم دولة جنوب السودان يكشف بجلاء أن أولئك العملاء بلغوا من الجرأة وقلة الحياء درجة أن يتبرّجوا بعمالتهم أمام أنظار الدنيا وهل أصدق من الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم حين قال: «إذا لم تستحِ فاصنع ماشئت»؟! لكم أن تتصوروا درجة وقاحة هؤلاء العملاء وهم يجهرون بل يصرخون بعمالتهم حيث لم يُثنهم ولم يُخجلهم أن الحركة التي يستمسكون باسمها القبيح هي التي لا تزال تخوض الحرب على البلاد التي يرغبون في مزاولة العمل السياسي فيها، وفي نفس الوقت الذي وقفوا فيه أمام الأمين العام لمجلس شؤون الأحزاب السياسية في مكتبه بالخرطوم كانت المعارك تدور بين القوات المسلحة السودانية وقوات الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية التي تحكم دولة جنوب السودان، وليت شعب السودان الشمالي كان حاضراً تلك المشاهد المفعمة بمشاعر الغضب والحزن والفرح عصر ومساء السبت الماضي في عرس الشهيد المقدّم عبد الملك الملا بالفتيحاب والذي سقط في معركة تحرير سالي في نفس الوقت تقريباً الذي كان فيه أولئك العملاء يقدِّمون أوراق حزبهم العميل وليتهم استمعوا إلى كلمات المجاهد محمد أحمد حاج ماجد رفيق الشهيدين علي عبد الفتاح ومعز عبادي وهو يزأر في حُرقة محذِّراً من اللعب بالنار ومن استفزاز المجاهدين بتسجيل حزب يحمل اسم الحركة الشعبية لتحرير السودان!! يا سبحان الله الحركة الشعبية لتحرير السودان.. مرة أخرى «تحرير السودان» ذلك الشعار الذي لم يمُت حتى الآن.. وحتى بعد أن أذهب الله عنا الأذى وعافانا بالانفصال بل بالاستقلال الحقيقي الذي نرجو أن يُلبسنا الله تعالى به ثوب العافية بعد فترة التيه التي ابتُلينا بها على مدى أكثر من نصف قرن من الزمان.. مَن يحرر مَن أيها العملاء؟! أتحرِّرُنا الحركة الشعبية من بيت الزجاج الذي تُقيم فيه وهي تتخبّط في دياجير الجوع والجهل والمرض؟! أيسمح المجاهدون بتمرير الخطة «ب» من خلال تمرير هذا الحزب العميل بعد أن سقطت الخطة «أ» بالانفصال الذي نزل على بلادنا برداً وسلاماً؟! لم يكتفِ أولئك العملاء بتقديم الاسم الذي أوحى إليهم به الطريد عرمان وهو يتنقّل في المنافي بين واشنطن حيث خاطب الكونجرس ولندن حيث قابل سادته الإنجليز الذين ورّطونا قديماً في هذه الوحدة اللعينة حتى يزرعوا في أحشائنا تلك الشوكة السامّة التي ظلت تُدمي جسد السودان الشمالي المنهك وإنما ضمنوا نظامهم الأساسي ذات الأهداف التي ما أُنشئت الحركة الشعبية على يد الهالك قرنق إلا من أجلها، وبدأوا نظامهم الأساسي بالنص على أن هدفهم الأول هو إقامة مشروع السودان الجديد وليتهم استخدموا عبارة «الحديث» بدلاً من «الجديد» ولو على سبيل التمويه!! هل نسيتُم قرائي الكرام تعريف جون قرنق للسودان الجديد من خلال أدبيات الحركة والذي قال قرنق عنه إنه يمثل الهدف الرئيسي لحركته وبأنه يعني «إنهاء النموذج العربي الإسلامي وإعادة هيكلة السودان على أساس مشروع السودان الجديد من خلال الإحلال والإبدال»؟! تأمّلوا بربِّكم هذه العبارات المفخّخة في نظام العملاء الذي تقدموا به لمجلس شؤون الأحزاب السياسية: «بناء وعي قومي وهدف مشترك من خلال تحرير الفرد والمجتمع من كل أشكال القيود السياسية والاقتصادية والاجتماعية»! وأرجو أن تتمعّنوا في عبارة التحرير من القيود الاجتماعية ثم تقرنوا بينها وبين هدف آخر يقول: «تحرير المرأة اجتماعياً» بما يعني أن يعيش المجتمع رجالاً ونساء «على حل شعره»!! بعيداً عن أي قيود من دين أو خلق أو تقاليد!! وهل كان عرمان أو عقار أو الحلو يؤمنون بشيء أو يعتقدون بأحد غير ربِّهم الأعلى قرنق؟! ألم يقل عقار إن ربي هو ذلك الجبل ثم ألم يشنّ عرمان الحرب على الله ورفض حتى إيراد بسم الله الرحمن الرحيم في بداية الدستور الانتقالي؟! ألم تشنّ الحركة الحرب على الشريعة الإسلامية جهاراً نهاراً وتضع إقامة نظام علماني شرطاً للوحدة؟! يُحمد لهم أنهم اعتبروا في نظامهم الأساسي أن من سوء السلوك «السُّكر أثناء العمل» بما يعني أنهم يستنكرون أن يتعاطى الإنسان الخمر أو يسكر أثناء ساعات العمل وبالرغم من أنهم بهذا النص لا يُنكرون على المرء السكر خارج ساعات العمل فإن ذلك يُعتبر كثيراً عليهم ذلك أن من يرى المشهد في جوبا وبقية المدن الجنوبية التي يحكمها «سودانهم الجديد» يجد السُّكارى يترنَّحون داخل مكاتب الدولة بلا استثناء لكبار المسؤولين!! أختم بالقول: يا ويل السودان الشمالي من هؤلاء الذين يقتلون أبناءه ثم يطمعون في أن يُولَّوا حكاماً على السودان برضاء شعبه المسكين!! وهكذا تتسلل الحركة الشعبية حرباً من خلال منصة انطلاقهم من النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور التي مع مسلحيها يتحالفون ومن خلال العمل السياسي الذي يحاولون ولوج ميدانه بحزبهم البغيض أو قل حركتهم الشعبية «لتحرير السودان» فهل نسمح للعملاء باختراقنا وفينا عينٌ تطرف؟!