من الأجسام الدبلوماسية المهمة بالسفارات في كل دول العالم هي الملحقيات الثقافية التي تلعب أدواراً كبيرة في إيصال المفردات الثقافية لدول تلك السفارات عبرها لتجعل منها بلداً معروفاً في تفاصيله الدقيقة.. لأن الثقافة عندنا تعني طبيعة التكوين السلوكي لشعوب تلك الدول من عادات وتقاليد وفن وفنون وأدب وأكاديميات تنتجه القاعدة الشبابية بتلك الدول.. البوابة المعافاة التي تسمح بمرور هذه الثقافة هي بوابة الملحقيات الثقافية بتلك السفارات.. التي تكون عندها المعلومة مربوطة ببعد دبلوماسي رفيع منقح قطعاً تكون لها مدلولاتها الفاعلة مباشرة الفائدة. يعني من العين (للدماغ).. إذا كانت الدبلوماسية تعنى بتجميل الكلمة لضمان استقرار العلاقات، فالملحقية الثقافية دائماً تقول الحقيقة كما هي دون أن تجملها خاصة في ظل الكم الهائل للفضائيات وغيرها من الوسائط الإعلامية المنتشرة على فضائيات هذه الدول من أهدت إلى الملحقية الثقافية لسفارة المملكة العربية السعودية بالخرطوم عبر صحيفة الإنتباهة تقريراً ثقافياً نصف سنوي في غاية الروعة والجمال والمعنى والمضمون بذل فيه مجهود علمي يجبرك أن تقرأه صفحة بصفحة وسطراً بآخر دون كلل أو ملل.. تقرير مليء بالمعلومات التي تؤكد متانة العلاقات بين دولتي السودان وأرض الحرمين الشريفين.. رائع هذا التقرير بما حوى من إحصائيات دقيقة لعدد الطلاب الذين نهلوا العلم والشهادات من دولة السودان.. وهذا ليس بغريب على دولة كالمملكة العربية السعودية التي تقدر السودان وتضعه في خانة الدول الشقيقة بدرجة امتياز خاصة في المجال الأكاديمي والثقافي. وفي تقديري كل الذين تعاقبوا على إدارة هذه الملحقية الثقافية الدبلوماسية هم الأوفر والأكثر حظاً أن تكون مهمتهم سهلة لما هو متوفر من أوجه الشبه في العادات والتقاليد والثقافات بين الدولتين هذا مع الاعتراف بصعوبة التدقيق في المعلومة الإيجابية التي تفيد إنسان البلدين وغيرهما من بين الكم الهائل الموروث من هذه الثقافات المتوفرة في البلدين الشقيقين.. الأستاذ منيع بن مويس المطيري.. الملحق الثقافي السعودي بالسودان رجل يملك كماً هائلاً من المقدرات الفكرية والثقافية والسياسية والدبلوماسية يعرف جيداً كيف وأين يجد ضالته في جمع المادة الثقافية التي تصب في خانة مهمته وملحقيته دون تسبيب الأذى الفكري الثقافي للمتناولين لما يصدر عنهم من تقارير ومعارض ثقافية تقدمها الملحقية.. الأستاذ المطيري رغم قصر مدة توليه لمهمة هذه الملحقية إلا أنه استطاع خلال هذه الفترة أن يقدم الكثير المفيد وخلق له جوًا ثقافيًا سودانيًا سعوديًا بمواصفات عالية الجودة مع التيم الذي يعمل معه بالملحقية الذين نعرف منهم شبابًا تشهد لهم الساحات السودانية بدور كبير الأستاذ مصعب محمود المذيع السوداني المخضرم، وأعجبني المصمم الأستاذ آدم أحمد حسن الذي أبدع في تصميم التقرير بالصورة الجميلة التي كانت لافتة في إخراجه.. حقيقة جاء التقرير مكتملاً في كل مطلوباته وما يحقق له الهدف الإستراتيجي الذي من أجله كان يجب أن يكون وفي الخريطة الإفريقية الملحقة بالتقرير جاء السودان الجديد رغم أن التقرير نسي أن يكتب على خريطة جنوب السودان اسمه كما كتب على كل خرائط الدول رغم توضيحه في الجدول أدنى الخريطة.. هذا دليل مواكبة دقيقة رغم أن بعض التقارير الأخرى ما زالت تلحق السودان كما هو قبل الانفصال.. لفت نظري الإحصائية الدقيقة للطلاب السعوديين الدراسين بالسودان، حيث بلغت إحصائية الطب البشري من جامعة الجزيرة ستة وعشرين طالباً مبتعثاً.. وطب الأسنان ثمانية عشر طالبًا والامتياز أربعة طلاب مبتعثين والقائمة تطول في الدراسات العليا لدرجتي الماجستير والدكتوراه في جامعة النيلين والرباط الوطني وصلت التخصصات في الآداب والفنون والدراسات الدبلوماسية وهذا دليل عافية لثقة المملكة العربية السعودية في الأكاديميات السودانية خاصة أن معظم الطلاب مبتعثون من قبل وزارة التعليم العالي هناك، وبهذه المناسبة يجب أن نحيي سعادة وزير التعليم العالي هناك الأستاذ الدكتور خالد بن محمد العنقري الرجل المحب للسودان والذي سبق لي أن التقيته مباشرة في مكتبه العامر بالسعودية وكان رجل حقيقة قامة تستوجب الاحترام وما زال وسيظل بإذن اللَّه تعالى على ذلك الاحترام من قبلنا هنا في السودان. وبين كل هذا الكم الهائل من الطلاب المبتعثين طالب واحد لدراسة الدكتوراه في علوم البيئة وطالب آخر لدراسة طب الأسنان بجامعة الرباط الوطني نعشم في عهد هذا الرجل الخلوق الأستاذ المطيري الملحق الثقافي أن تتمدد هذه الخريطة الأكاديمية لتشمل بقية الجامعات السودانية وأن يحدث تبادل في المنح بين البلدين ولنا في السعودية تقدير وثقة في جامعاتها ونحترم إمكانياتها الأكاديمية جداً ونعشم أن ينجح المطيري في ربط وتعميق العلاقات ربطاً وتعميقاً كبيرين تصبح نموذجاً لعلاقات دولية لا شبيه لها بين الدول، فنحن والسعودية دولتان تقدران بعضهما البعض خير تقدير ونحترم بعضنا احتراماً شعبياً ودبلوماسياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً حتى تكتمل الصورة أخي الدبلوماسي الواعي الرائع الأستاذ منيع بن مويس المطيري.. وعبرك أحيي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد اللَّه بن عبد العزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، والتحية موصولة للأستاذ فيصل بن حامد معلا سفير خادم الحرمين الشريفين بالسودان، فهذا الرجل كاد أن يصبح سودانيًا بحب السودانيين له.. وكل عام وأنتم بخير والسعودية والسودان في قمة نقاء وصفاء علاقتهما الأخوية قبل الدبلوماسية.