يروج الكثيرون إلى الفكرة «الخائبة» التي مفادها أن تشعل سيجارة بنقو ويتطاير منها الدخان يملأ فراغات المكان، عليها تتفتح عبقريتك وتبدع... والأطباء المختصون يقولون إن الدخان يقلل نسبة الأوكسجين في «المخ» ويخمِّل الجسد ويُشعر بعدم القدرة على السير والتفكير حتى... ناهيك عن الإبداع... كل القصة يا سادتي في هذا الأمر أن الآخرين الأسوياء هم الذين يلصقون صفة الإبداع بالمدمن أو المتعاطي وينسون أنهم هم الذين ينسجون خيال النكتة ويلحقونها بالمسطول الذي يكون عقله عاجزاً تماماً عن السير فوق البسيطة... العقلاء أصحاب الفكر غير الملوث بدخان البنقو هم الذين يفكرون ويبدعون وهم الذين لهم درجات عالية من الخيال ويأتون بالنكات التي تدخل في إطار «الذكاء» لصغر حجمها وكبير معناها.. وهي كبسولة علاج «للكاظمين الغيظ» الذين يحتاجون للضحك للتخفيف من ألم وطأة النفس. ليست هناك مخدرات تخلق من الشخص المبدع، وهو سليم إبداعاً آخراً، إلا حبوب الهلوسة التي تجعله ضاحكاً دون سبب ليخلق من هذا المنظر الإنسان السوي تعليقاً عليه يدخل في فهم الإبداع ويُنسب للمدمن والمتعاطي. لست من «الميالين» للحديث عن المخدرات وعالمها فللملعب «أُناسه» وخبراؤه أمثال الدكتور أحمد عوض الجمل ودكتور كمال عمر وغيرهم من المختصين، وانضم لهذه المجموعة أخيراً اللواء المكي محمد المكي، فهؤلاء يمكن لهم أن يتحدثوا عنه بحكم الخبرة والاختصاص.. والحديث حول هذا الأمر «بجيب الهواء» ودائماً كنت أصف هؤلاء بأصحاب المخدرات وأقصد العاملين بالطبع في المكافحة كما يُنسب الشخص لإدارته كما الشأن في الكلاب البوليسية آنذاك، فيقولون «يا أخي بتاع الكلاب داك» ويقصدون بالطبع مدير وحدة الكلاب الشرطية أو «زول المخدرات يا أخي». لذا أتفادى في كثير الحديث عن هذه الآفة التي يظن الكثيرون أنها أصبحت حقيقة وماثلة في أوساطهم، وأخشى يوماً أن يصبح تعاطي البنقو كحال السيجارة العادية، رغم إيماني التام بأنه كله دخان في دخان، مع فارق التأثير القوي والخفيف طبعاً.. ولكن كله هلاك في هلاك هكذا يقول المختصون. ونقول نحن كذلك.. مهما كانت المكافحة قوية ومُحْكَمة أخي سعادة اللواء المكي المعني بمكافحة هذه الآفة، إلا أن توقعاتي لا جديد فيها.. وهذا هو السر الذي دعا أخانا سعادة العقيد منور محيي الدين مدير إدارة العمليات بالمكافحة يومها إلى إطلاق تصريح في غاية الروعة، وليت كل من يتحدثون في هذا الشأن يجيدون الحديث كما أجاد المنَّور يومها في برنامج الناس والشرطة بإذاعة ساهرون، عندما وجه رسالة لأولياء الأمور ناصحاً ومحذراً.. وللمدمنين والذين في الطريق نحو الإدمان، أن العلاج متوفر وسهل، ودعاهم للتمسك بأمر السماء والاحتكام لله تعالى في كل الأمور.. ولخص في بساطة حُرمة تعاطي المخدرات والتعامل فيها وبها.. وخوفاً من التحايل على المخدرات ب «القات» وعدم حرمته شرعاً، قال إنه مُصنف مخدراً وهو حرام... أراحك الله أخي منَّور.. لقد لخصت القصة، وكنت أتمنى أن يُطبع حديثك وتقريرك هذا واعتماده أنموذجاً ولا نتحدث بعده بل ننصرف للمكافحة... والحديث أصبح كثيراً حول المخدرات واستهلاك مال وزمن، وأصبحت له لجان تجتمع وتنفض ولا جديد.. وطبعت له كتب ومجلدات، ونال فيه البعض درجة الدكتوراة ولا جديد... لذا أرى أنه قد جاء وقت الخلاص من الآفة... من منا بالله عليكم لا يعرف خطورة المخدرات وبلاويها.... إذن الرسالة وصلت كنظرية أن المخدرات ضارة بالصحة... ونحتاج لمن يطبقها على أرض الواقع لاجتثاثها، أو قل يا أخي دعوها تدخل في فهم «وإذا بليتم فاستتروا» وتقول الطرفة إن أحد المساطيل كان جالساً في إحدى المقابر «يُلِّف» سيجارته الثانية، وفجأة دخل عليه مجموعة من الناس يحملون «جنازة» يعني جثمان، وهو ملفوف بالأبيض فقال المسطول: لا حول بالله شوف ديل لافنها كيف!!